ما هي الأفكار والإنجازات للفن الخرساني؟
أولاً: كانت إحدى الأفكار التي قام عليها تطوير الفن الخرساني هي أن العمل الفني يجب ألا يشير إلى شيء آخر غير نفسه، أي أنه لا ينبغي أن يمثل الواقع الخارجي بأي شكل من الأشكال. كما قال الفنان فان دوسبرغ في كتابه (أساس الرسم الخرساني) “أنه عنصر تصويري ليس له معنى آخر غير نفسه”، وبالتالي فإن الصورة ليس لها معنى آخر غير نفسها. ويرتبط هذا التركيز بالفن التجريدي، ولكنه يختلف عنه بالمعنى الأوسع، حيث غالباً ما يكون الحافز الأولي للرسم والنحت كائنًا أو مشهدًا خارجيًا.
ثانياً: في الممارسة العملية، كان تركيز الفن الخرساني على عدم التمثيل، يعني أنه غالباً ما يتحوّل إلى موضوع غير ملموس مثل الصيغ الرياضية والجبرية والنظريات العلمية للإلهام. وكان الفنانون في الفن الخرساني ينشئون لوحات يتم فيها تقديم كل مجموعة مرئية ممكنة لعدد محدد مسبقًا من العناصر التركيبية على القماش، وكان ذلك تنفيذاً لصيغة رياضية.
كما وأنتج فنانون آخرون من فناني الفن الخرساني لوحات ومنحوتات تصور النظريات العلمية الحديثة مثل نسبية الزمكان، على الرغم من أن الكثير من الفن التجريدي كان يتحرك في هذا الاتجاه منذ عام 1910، إلا أن الفنانين الخرسانيين هم الذين حققوا إدراكًا كاملاً لفكرة أن اللوحة يمكن أن تمثل.
ثالثاً: مثّل الفن الخرساني حركات الأجداد البنائية، حيث تجاوز الفن الخرساني الحدود المتوسطة. وكان أشهر مؤيديها ماكس بيل مصممًا صناعيًا ومهندساً معمارياً بالإضافة إلى رسام في أمريكا اللاتينية، إذ أنه ألهم مثال حركة الخرسانة الخرسانية تطور العمارة الحديثة، وبلغت ذروتها في بناء برازيليا، وكانت فكرة أن الحركة يجب أن تنطلق من مبادئ تركيبية أساسية وعالمية، بحيث يمكن تطبيقها على أي وسيط آخر.
رابعاً: على الرغم من التجريد من مهمة التمثيل، كان الفن الخرساني منخرطًا بعمق في الحقائق الاجتماعية في عصره، وغالباً ما كان سياسياً ضمنياً. وفي البرازيل والأرجنتين في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، أصبح الفن الخرساني رمزًا لثقافة الشباب المثالية التي سعت إلى إعادة بناء المجتمع على أسس إنسانية أكثر عقلانية.