العلاقات الإنسانية الفعالة وأثرها على السلوك والإنتاجية في منظمات الأعمال

اقرأ في هذا المقال


العلاقات الإنسانية هي نتيجة الموقف الاجتماعي الذي يوجد فيه الموظف مع جماعة من الموظفين الآخرين، لهدف مشترك يكون هدفهم تحقيقه، ويتم هذا الموقف بالتعاون والرحمة والمودة، وإذا انتشر في المنظمة جو مليء بالعلاقات الإنسانية الممتازة والفعّالة فإن هذا سوف يؤثر على سلوك الموظفين وإنتاجيتهم، وسوف يتم ذكر بعض المظاهر التي تكون نتيجة طبيعية لسيادة الجو الملائم من العلاقات الإنسانية داخل المنظمة.

أثر العلاقات الإنسانية على السلوك والإنتاجية:

1. انخفاض درجة مقاومة التغيير:

في جو  العلاقات الإنسانية الفعّالة في الغالب يهتم القادة في المنظمة معرفة اعتراضات الموظفين والمخاوف بالنسبة للتغيير الذي سوف يحدث، ومحاولة شعور الموظفين بالاطمئنان وإعدادهم وتهيئتهم لكي يستقبلوا التغيير وأن يتعاملون معه، ومن هنا نجد أن مقاومة العاملين للتغيير كل صوره وأشكاله وأنواعه تقل إذا أنتشر في المنظمة جو من العلاقات الإنسانية الجيدة والفعّالة.

2. الإنتاجية المرتفعة:

العلاقات الإنسانية الممتازة والفعّالة تعني دائمًا الكفاية الإنتاجية العالية من جهة الموظفين وهذه الكفاية الإنتاجية العالية ترجع لرفع شعور الموظفين بالانتماء للمنظمة وخوفهم على مصلحتها، وتعود أيضًا إلى إحساس الموظفين بقيمة ما ينفذونه من عمل وشعور الموظفين بأن إدارة المنظمة تعمل دائمًا على حل المشكلات الشخصية لديهم ومشكلات العمل لرفع مستوى الإنتاج وتحقيق الجودة.

3. قلة الشكوى من جانب العاملين:

في الغالب يكون الشكوى بين صفوف الموظفين في جو العلاقات الإنسانية الجيدة قليلة، فقلة الشكوى تعتبر مظهر للعلاقات الإنسانية الجيدة الفعّالة داخل المنظمة، والشكوى قد تكون ناتجة عن بعض الموظفين بسبب أوضاع عامة في المنظمة يرغبون أن يحققوا من خلالها إصلاح، فقد تكون شكوى من قِبل بعض الموظفين بسبب مسائل أو مطالب خاصة بهم، وقلة ونقص الشكوى من قِبل الموظفين يعني أن إدارة المنظمة تحاول معرفة مشاكل الموظفين، وتسعى أن تجد الحلول الملائمة لها.
هذا لا يتحقق إلا في جو علاقات إنسانية وعلاقات عمل جيدة وفي بيئة قيادة إدارية وديمقراطية واعية، إذا فعّلت الاتصالات بين الموظفين والقادة الإداريين في المنظمة ما يُسمح لهؤلاء القادة من معرفة مشاكل الموظفين، كمدخل رئيسي لمحاولة الوصول إلى حلول ملائمة لها.

4. جودة الإنتاج:

لا يمكن للموظف أن يقوم بإتقان المهام إلا إذا كان جو العمل يمنحه الشعور بالأمن والأمان، وينتشر في العمل العلاقات الجيدة بين الموظف ورفاقه وبين الموظف وبين المسؤولين عنه، فلا يمكن أن يهتم في عمله ولا يمكن أن يصل لدرجة الإتقان للعمل إلا إذا كانت حاجاته الرئيسية قد أشبعت وأيضًا حاجات عائلته، فعلاقات العمل إذا انتشر فيها جو مليء بالتوتر والاضطراب فإن هذا سوف يؤثر بشكل سلبي على الإنتاج بالكمية والطريقة.

5. زيادة تماسك الأفراد في المنظمة:

العلاقات الإنسانية الفعّالة والجيدة في المنظمة، تحقّق التماسك بين الموظفين داخل المنظمة وإلى ترابطهم في الأوقات التي تتعرض فيها المنظمة إلى أزمات، والشدة التي تواجهها تعكس صورة المنظمات التي تضطرب فيها العلاقات الإنسانية. وفي الغالب يقل تماسك الموظفين في مواجهة أي صعوبات او أزمات قوية قد تتعرض لها المنظمة. ويبدأ هنا الموظفين في الصراع والتفرق، لذلك فإنه يمكن القول أن تماسك الموظفين يعتبر مظهر من مظاهر الروح المعنوية العالية لدى الموظفين ومظهر من مظاهر القيادة الديمقراطية الناجحة.

6. نقص معدل دوران العمل:

في العادة ما يرافق العلاقات الإنسانية الجيدة والفعّالة في المنظمات قلة معدل دوران العمل، ويتمثل هذا بسبب نقص عدد الموظفين الذين يتركون عملهم بالمنظمة إلى أعمال في منظمة أخرى، ويعود السبب في هذا لتمسك الموظفين بأعمالهم وعدم التنازل عنها إلى أعمال أخرى إلى الإشباع الملائم الذي يحصلون عليه من خلال العمل، وهذا الإشباع قد يكون مادي وقد يكون معنوي. أما المنظمات التي لا تكون فيها العلاقات الإنسانية جيدة عادة ما تتصف بسرعة دوران العمل، فالموظفون في هذه المنظمة في الغالب يتركون أعمالهم بالمنظمة للعمل في منظمات أخرى.

7. اختفاء صور السلوك الشاذ في المنظمة:

المنظمة التي تكون فيها العلاقات الإنسانية مضطربة والتي تعمل على تلبية رغبات الموظفين الفسيولوجية وحاجاتهم النفسية وحاجاتهم الاجتماعية، في العادة ما يكثر فيها صور من السلوك الشاذ الذي يصدر عن بعض الموظفين، ومن بين صور هذا السلوك الشاذ العدوانية، الانطواء، الانعزال، الاستسلام المفرط لأحلام اليقظة، كثرة التغيب عن العمل، تخريب الأدوات والمعدات والآلات والشكوى المرضية.

وفي جو العلاقات الإنسانية الجيدة والفعّالة لا تتواجد صور السلوك الشاذ الذي يصدر عن بعض الموظفين؛ لأن معنى أن تنشر المنظمة علاقات إنسانية جيدة وفعّالة والمنظمة يكون لديها محاولات لإشباع حاجات الموظفين ورفع مستوى الانتماء للمنظمة، وارتباطهم بالعمل وتعمل بشكل دائم على تقديم صور الرعاية لهم، فهذا الذي يقلّل الإحباط من حياة الموظفين ومعلوم أن الإحباط وزيادة مستواه يعتبر دافع أساسي لكل سلوك شاذ يصدر عن الموظفين.

8. اختفاء الشائعات:

العلاقات الإنسانية الجيدة تعني علاقات عمل جيدة بين الموظفين فيما بين بعضهم البعض وبينهم وبين قائدهم، فالعلاقات الإنسانية الجيدة الفعّالة مبنية على الإيمان بأهمية كل موظف في المنظمة، لذلك فإن القيادة في هذه المنظمة في الغالب  تكرّس جهدها لتنشيط الاتصالات بينها وبين الموظفين التابعين لها والقواعد المطبّقة، وفي العادة تنشط الاتصالات من أعلى إلى أسفل من القائد إلى الموظفين، ومن أسفل إلى أعلى من الموظفين للقائد، وهذه الاتصالات النشطة في الغالب تزوّد الموظفين أو القادة بما يلزمهم من معلومات تتصل بالعمل وبهم.

وعندما تتواجد المعلومات لدى الموظفين تكون الشائعات قليلة وأيضًا القيل والقال وينتبه الموظفين لمهامهم، ومن المعلوم أن هناك أثر سيء للشائعات على بيئة العمل وما تسببه هذه الشائعات من اضطراب في أنحاء المنظمة، وما تسببه من أضرار بالعلاقات الإنسانية داخل هذه المنظمة، ومن المعروف أيضًا أن هذه الشائعات تتزايد في فترات التغيير وفترات التي يكون فيها الجو متوتر ومضطرب.

9. تمنع العاملين بالصحة النفسية:

ممّا لا شكّ فيه أن قمة الأمل في المجتمعات المتطورة هو أن يتمتع الموظفين بمستوى عالي من الصحة النفسية، وقد ارتفعت أهمية هذه القضية بعد أن ثبت أن الجوانب المادية وحدها، وتحسين هذه الجوانب لا يحقّق دائمًا السعادة للموظفين وصحتهم النفسية وإحساسهم بالأمن والسعادة الإيجابية ورفع مستوى الأجر، فلم تعد وحدها على تحقيق السعادة للموظفين ومن ثم يبدأ الاهتمام بمحاولة إشباع حاجات الموظفين النفسية والاجتماعية والترويحية، وذلك حتى تحقّق استقرار الموظفين وتقريبهم من الصحة النفسية وأثر علاقات العمل على سلوك الموظفين.
وأصبح واضح وخاصة بعد أن أصبح الموظفين يقضون أهم ساعات العمل وأصبح للعمل تأثير كبير على سلوك الموظفين، حتى في حياتهم الخاصة والعلاقات الإنسانية الفعّالة هي تقرّب الموظفين من الصحة النفسية التي أصبحت هدف الفرد بعد أن باعدت الماديات بينه وبين الاستقرار والرضا والسعادة، في جو هذه العلاقات الإنسانية الفعّالة ينتشر التفاهم والسلام بين المستويات الإدارية للموظفين وتجد المشاكل الحلول السريعة؛ حتى تقل الصراعات والمنازعات داخل العمل ويتفرغ الموظفين للعمل الذي يحقّق الإنتاجية والمثمر، فالعمل أصبح حياة الأفراد والجماعات في العصر الحالي وحسن تكيف الفرد في عمله أصبح مرتبط ارتباط وثيق بالتكيف العام وصحته النفسية.

10. انخفاض نسبة منازعات العمل:

ممّا لا شك فيه أنه في جو العلاقات الإنسانية الفعّالة يتمكّن الموظفين من إشباع الحاجات الفسيولوجية والحاجات النفسية الاجتماعية؛ ممّا يسبب لهؤلاء الموظفين مستوى من الرضا والاستقرار، فلا يكون هناك جو مليء بالمنازعات داخل المنظمة سواء بين الموظفين فيما بينهم أو بينهم وبين المسؤولين عنهم أو بينهم وبين قادة المنظمة.

وكثرة المنازعات بين الموظفين داخل المنظمة أو بين القادة فيها وبين اللجان النقابية المتواجدة داخل المنظمة، أو بين هذه القيادة ونقابات العمال أكبر دليل على وجود علاقات إنسانية غير جيدة والمنازعات العديدة في مجال العمل تعني أن الموظفين بتعرَّضون لصور عديدة من الإحباط سواء في العمل أو في حياتهم الخاصة.

شارك المقالة: