العنصر السلوكي في البيئة الثقافية وأثره على إدارة الأعمال الدولية

اقرأ في هذا المقال


تعتبر منظومة القيم والعادات والتقاليد المنتشرة في المجتمعات، هي القواعد الأساسية التي تقوم عليها مجموعة من الأنماط السلوكية المختلفة حتى في إطار المجتمع الواحد، وهذه الاختلافات بناءً على دراسات علماء الجنس الثقافي تعود لمجموعة من المتغيرات ذو طابع الأول الاقتصادي والثاني اجتماعي وثالثهما جغرافي والرابع سياسي، لكن من الصعب تحديد الأسباب الأساسية المباشرة لهذا الاختلاف بشكل دقيق.

العناصر التي تؤثر في القواعد العامة للسلوك في شركات الأعمال الدولية:

  1. تأثير الجماعات التي ينتمي إليها الفرد: الانطلاق من مفهوم نظرية النظم يؤكد على أن أي مجتمع يتكوّن من مجموعة من النظم الفرعية المتفاعلة مع بعضها البعض حتى تكوّن نسيج عام للمجتمع، وهذا يعني بأن النظم الفرعية التي ينتمي لها الفرد تتألف من الأسرة ثم العائلة ثم المجموعة العرقية وهكذا، ويمكن للأفراد الانتماء إلى جماعات تتصل بالمهنة أو المذهب أو الاتجاه السياسي.
    ومن خلال انتماء الفرد لمجموعة معينة يكون دوره في هذه المجموعة، بناءً على صعيد العمل المهني والوظيفي والارتقاء نحو الأعلى أو التقوقع، أما الانتماء إلى مجموعات أكبر في إطار المنظمات العظمى فإنه يؤثر على سلوك الأفراد ودرجة الأداء، من حيث النظرة التعاونية في العمل وروح العمل في الفريق بدل من النظرة الفردية الأحادية التي تتميز بالأنا النامية عند بعض أفراد المجتمع والمجموعات البشرية، وهذا الأمر يحقق الفائدة لشركات الأعمال الدولية عند اختيار العنصر البشري في الدولة المضيفة.
  2. نظرة الفرد والمجتمع للمهنة: تُفضّل بعض الجتمعات العمل في المهن ذات الإيراد المادي الأعلى مهما كانت طبيعته، بينما مجتمعات أخرى تفضل المهنة النادرة والتي يتطلب لها مستوى عالي ومتقدم وإلى كفاءات خاصة في ممارستها، مثل الطب والهندسة وإدارة الأعمال وغيرها. وتختلف نظرة الأفراد في المجتمع الواحد إلى المهنة نفسها، فمنهم من يُفضّل العمل في القطاع الخاص بينما يسعى آخرون للعمل في القطاع الحكومي ليسعوا نحو تحقيق الذات والارتقاء في السلم الوظيفي والحصول على مكانه اجتماعية مرموقة، فنظرة المجتمع بشكل عام إلى مهنة محددة تلعب دور مهم في اختيار الأشخاص لوظائف محددة دون غيرها.
  3. علاقة الفرد بالعمل: تختلف علاقة الفرد بالعمل من مجتمع لآخر، وفي بعض الأوقات تختلف في حدود المجتمع الواحد بناءً على طبيعة الشخص نفسه، ففي الوقت الذي نشاهد فيه أن شعوب جنوب شرق آسيا واليابان والصين وفيتنام يتم وصفها بأن علاقة شعوبها مع العمل علاقة حميمة، ونجد بالمقابل شعوب أخرى تميل للكسل والفراغ وتكتفي فقط بتأمين الحاجات الأساسية دون وجود طموح، ودون الرغبة في تحقيق الذات والارتقاء في السلم الوظيفي.
    وبنفس الوقت نجد داخل البلد في مجتمع واحد بعض الأفراد يشعرون بالحاجة الضرورية للإنجاز، كما يقومون ببذل أكبر طاقة وجهد لتحقيق ذلك، ونلاحظ نمط آخر من الأفراد الذين يقدمون ويفضلون مسألة الانتماء على تحقيق الإنجاز الذي يحقق لهم المزيد من الأرباح.
    وهذه المسائل تختلف من وفق اختلاف الثقافات المنتشرة بين المجتمعات المختلفة، حيث تفضل بعض المجتمعات الأوروبية حاجات الانتماء على حاجات تحقيق الذات التي قدّم لها العالِم أبرهام ماسلو (صاحب نظرية تدرّج الحاجات)؛ ممّا يدل على أن المجموعة الأولى قد يفيد معها أسلوب التحفيز الجماعي؛ لأنها سوف تكون أكثر فاعلية من أسلوب التحفيز الفردي.
  4. اللغة والاتصالات: شركات الأعمال الدولية تركز اهتمام بالغ على معرفة اللغات للشعوب والبلدان المستهدفة للاستثمار فيها أو دخول أسواقها؛ لأن هذا يسهل عملية التواصل المباشر ويجعل الشركة الدولية أقرب إلى المتعاملين معها في السوق المستهدف، كما وتختار شركة الأعمال الدولية حلقة من الوسطاء والمترجمين الذين لديهم معرفة بأصول لغات التفاهم المشترك.
    لكن هذه المسألة أصبح التغلب عليه أكثر سهولة في الوقت الحالي؛ بسبب الانتشار السريع للكثير من اللغات الحية وخصوصًا اللغة الإنجليزية منها في غالبية دول العالم، حيث أن لغة المعلومات المعاصرة وشبكة تراسل المعطيات وغيرها، وهذا يدل على الفوارق اللغوية في التعاملات الدولية قد انخفضت بالقياس مع السابق رغم أهمية التعرف على لغة الدولة المضيفة.
    إلى جانب اللغة المحلية هناك لغة صامتة مثل لغة الاشارة وحركات الجسم واليدين وغيرها التي لها دلالات متنوعة ما بين مجتمع وآخر، وكذلك الحال بالنسبة للألوان ومعانيها، وتقدير أهمية الوقت والالتزام بالمواعيد والتقيد بها، فكل هذا له دلالاته وعلى شركات الأعمال الدولية أن تأخذه بالحسبان عند قيامها بممارسة أي نشاط تقوم به في السوق الدولي.

شارك المقالة: