الفيروسات والمناعة

اقرأ في هذا المقال


يواجه جسم الإنسان باستمرار الكائنات الحية الدقيقة مثل الفيروسات، والتي يمكن أن تضر بصحة هذا الجسم، ولكن جسم الإنسان يمتلك جهازاً مناعياً يدافع عنه باستمرار ضد تهديدات الميكروبات، وذلك لبقائه على قيد الحياة.

الفيروسات والمناعة

  • تصيب العديد من الفيروسات البشر، ويتم التحكم في معظمها من قبل جهاز المناعة مع حدوث ضرر محدود للأنسجة المصابة، ولكن يمكن لبعض هذه الفيروسات التسبب بضرر بالغ للخلايا.
  • تعتمد شدة العدوى الفيروسية على نوع الفيروس وظروف العدوى الفيروسية وعدة عوامل يتحكم فيها جسم الإنسان، مثل القابلية الوراثية، وعمر الإنسان عند الإصابة، وجرعة وطريقة العدوى، وتحريض الخلايا والبروتينات المضادة للالتهابات، ووجود التهابات متزامنة والتعرض السابق للتفاعل المتبادل.
  • إن وظيفة الجهاز المناعي الأساسية هو الدفاع ضد الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض، للحفاظ على صحة الإنسان.
  • إن جهاز المناعة هو عبارة عن شبكة مترابطة واسعة، ومعقدة من العديد من الأعضاء والخلايا والبروتينات المختلفة، والتي تعمل مع لحماية الجسم من المرض.
  • يمكن لنظام المناعة الصحي هزيمة الجراثيم أو مسببات الأمراض، مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات، وكذلك الخلايا السرطانية مع حماية الأنسجة السليمة.
  • تقسم المناعة في جسم الإنسان إلى نوعين: مناعة طبيعية ومناعة مكتسبة.
  • إن المناعة الطبيعية هي المناعة التي تورث وتكون نشطة بمجرد ولادة الإنسان، وتتكون بشكل أساسي من حواجز فيزيائية موجودة على الجسم وفي داخله، مثل الجلد وبطانة الجهاز الهضمي، كما يوجد خلايا مناعية متخصصة تهاجم بسرعة مسببات الأمراض التي تدخل الجسم، مما قد يؤدي إلى  حدوث الالتهاب والحمى، ولا تكون هذه المناعة قادرة على التخلص من جميع مسببات الأمراض.
  • المناعة المكتسبة هي المناعة التي يتم اكتسابها خلال حياة الإنسان، وذلك بعد تعرضه للأمراض، وتتميز بالعمل بطريقة انتقائية ومتخصصة؛ إذ أن كل خلية أو جسيم تابع لها يستطيع العمل ضد عامل ممرض واحد ووحيد، وتتكون من نوعين الخلايا وهي الخلايا البائية والخلايا التائية.
  • إن أي شيء يطلق استجابة مناعية يسمى مستضد، ويمكن أن يكون المستضد ميكروباً مثل الفيروس أو البكتيريا أو يمكن أن يكون سموماً أو مواداً كيميائية أو غيرها تأتي من خارج الجسم، وإذا لامس الجسم مستضد لأول مرة، فسيخزن معلومات حوله وكيفية مكافحته.
  • إذا دخل مستضد إلى الجسم وتعرفت عليه الخلايا البائية؛ وذلك إما من الإصابة بالمرض من قبل أو من التطعيم ضده، فإن هذه الخلايا البائية ستنتج أجساماً مضادة، والتي ترتبط بالمستضد لتدمره.

الاستجابات المناعية للفيروسات

يستجيب جهاز المناعة ضد الفيروسات عن طريق:

1. الخلايا السامة للخلايا

  • عندما يصيب الفيروس الإنسان، فإنه يغزو خلاياه من أجل البقاء والتكاثر، وبمجرد دخوله فإن خلايا الجهاز المناعي لا تستطيع رؤية ذاك الفيروس، وبالتالي لا تعرف أن هذه الخلية مصابة.
  • تستخدم الخلايا نظاماً يسمح لها بإظهار الخلايا الأخرى ما بداخلها من أجل رؤية الفيروسات التي يمكن لجهاز المناعة رؤيتها، وتستخدم جزيئات تسمى بروتينات معقدة التوافق النسيجي الرئيسية من الفئة الأولى لعرض قطع من البروتين من داخل الخلية على سطح الخلية، وإذا أصيبت الخلية بالفيروس، فإن هذه القطع من الببتيد تشمل أجزاء من البروتينات التي يصنعها الفيروس.
  • تدور خلية خاصة في الجهاز المناعي تسمى الخلية التائية بحثاً عن العدوى، ويُطلق على أحد أنواع الخلايا التائية اسم الخلية التائية السامة للخلايا؛ لأنها تقتل الخلايا المصابة بالفيروسات ذات الوسائط السامة.
  • تحتوي الخلايا التائية السامة للخلايا على بروتينات متخصصة على سطحها تساعدها على التعرف على الخلايا المصابة بالفيروس، وتسمى هذه البروتينات مستقبلات الخلايا التائية أو TCRs.
  • تحتوي كل خلية تائية سامة للخلايا على TCR يمكنها تحديد ببتيد مستضد معين مرتبط بجزيء معقد التوافق النسيجي الكبير، وإذا اكتشف مستقبل الخلايا التائية ببتيداً من فيروس ما، فإنه يحذر خليته التائية من العدوى، فتطلق الخلية التائية عوامل سامة للخلايا لقتل الخلية المصابة، وبالتالي منع بقاء الفيروس.
  •  تمنع بعض الفيروسات جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير من الوصول إلى سطح الخلية لعرض الببتيدات الفيروسية، وإذا حدث هذا، فإن الخلية التائية لا تعلم بوجود فيروس داخل الخلية المصابة، ومع ذلك تتخصص خلية مناعية أخرى في قتل الخلايا التي تحتوي على عدد أقل من جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير من الفئة الأولى على سطحها، والتي تسمى الخلية القاتلة الطبيعية أو خلية NK.
  • عندما تعثر الخلية القاتلة الطبيعية على خلية تعرض أقل من جزيئات معقد التوافق النسيجي العادي، فإنها تطلق مواد سامة بطريقة مماثلة للخلايا التائية السامة للخلايا، والتي تقتل الخلية المصابة بالفيروس.
  • يتم تسليح الخلايا السامة للخلايا بوسائط مسبقة التشكيل، ويتم تخزين العوامل السامة للخلايا داخل مقصورات تسمى الحبيبات، في كل من الخلايا التائية السامة للخلايا والخلايا القاتلة الطبيعية، حتى يؤدي الاتصال بالخلية المصابة إلى إطلاقها، وأحد هذه الوسائط هو البيرفورين.
  • البيرفورين (Perforin): وهو بروتين يمكن أن يصنع مساماً في أغشية الخلايا، وتسمح هذه المسام بدخول عوامل أخرى إلى الخلية المستهدفة لتسهيل تدمير الخلية، ويتم تخزين الإنزيمات التي تسمى الجرانزيمات في الحبيبات وإطلاقها، تدخل الجرانزيمات للخلايا المستهدفة من خلال الثقوب التي أحدثها هذا البروتين.
  • عندما تدخل الفيروسات الخلية المستهدفة وتتكاثر بها، فإن الخلية تبدأ بعملية تعرف باسم موت الخلية المبرمج أو موت الخلايا المبرمج، مما يؤدي إلى موت الخلية المستهدفة.
  • يتم إطلاق عامل آخر سام للخلايا يسمى الجرانوليسين، والذي يهاجم مباشرة الغشاء الخارجي للخلية المستهدفة، ويدمرها عن طريق التحلل.
  • تقوم الخلايا السامة للخلايا بتخليق وإطلاق بروتينات أخرى  تسمى السيتوكينات، وذلك بعد الاتصال بالخلايا المصابة.
  • تشتمل السيتوكينات على مضاد للفيروسات وعامل نخر الورم أ، وتنقل الإشارة من الخلية التائية إلى الخلايا المصابة أو الخلايا المجاورة الأخرى، لتعزيز آليات القتل.

2. الإنترفيرون

  • تنتج الخلايا المصابة بالفيروسات بروتينات صغيرة تسمى الإنترفيرون، والتي تلعب دوراً في الحماية المناعية ضد الفيروسات.
  • تمنع الإنترفيرون تكاثر الفيروسات عن طريق التدخل المباشر في قدرتها على التكاثر داخل الخلية المصابة، وكما تعمل كجزيئات إشارات تسمح للخلايا المصابة بتحذير الخلايا المجاورة من وجود فيروس؛ وهذه الإشارة تجعل الخلايا المجاورة تزيد من أعداد جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير من الفئة الأولى على أسطحها، بحيث يمكن للخلايا التائية التي تقوم بمسح المنطقة تحديد العدوى الفيروسية والقضاء عليها.

3. الأجسام المضادة

  • يمكن إزالة الفيروسات من الجسم عن طريق الأجسام المضادة قبل أن تتاح لها فرصة إصابة الخلية؛ والأجسام المضادة هي بروتينات تتعرف بشكل خاص على مسببات الأمراض وترتبط بها.

يخدم الارتباط بين الجسم المضاد والفيروس في القضاء عليه عن طريق:

  • تعمل الأجسام المضادة على تحييد الفيروس، مما يعني أنه لم يعد قادراً على إصابة الخلية المستهدفة.
  •  يمكن أن تعمل العديد من الأجسام المضادة معاً، مما يتسبب في التصاق جزيئات الفيروس ببعضها البعض في عملية تسمى التراص، وتجعل هذه العملية الفيروسات الملتصقة هدفاً أسهل للخلايا المناعية من الجزيئات الفيروسية المفردة.
  • تعمل الأجسام المضادة على تنشيط الخلايا البلعمية؛ حيث يرتبط الجسم المضاد المرتبط بالفيروس بمستقبلات تسمى مستقبلات Fc، والتي على سطح الخلايا البلعمية ويطلق آلية تعرف باسم البلعمة، والتي من خلالها تبتلع الخلية الفيروس وتدمره.
  • يمكن للأجسام المضادة تنشيط النظام التكميلي، والذي يشجع ويعزز البلعمة للفيروسات، ويمكن للمكملات إتلاف الغلاف الموجودة في بعض أنواع الفيروسات.

 اللقاحات والمناعة

  • تعمل اللقاحات على تحفيز الجهاز المناعي في تكوين أجسام مضادة لمكافحة الأمراض، والتي تمنح الجسم الاستفادة من المناعة المكتسبة دون الاضطرار إلى الإصابة بالمرض.
  • تتم اللقاحات عن طريق إدخال مستضدات في شكل فيروس معطل أو ميت في الجسم، من أجل تحفيز جهاز المناعة، ويؤدي ذلك إلى تعريض الجسم للمستضدات واستجابة مناعية وإنتاج أجسام مضادة، وإلى ذاكرة دائمة يمكن أن تساعد الجسم في مكافحة العدوى الفيروسية في المستقبل.
  • إن اللقاحات مهمة جداً خصوصاً للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وذلك إما بسبب التقدم في السن أو الحالات الطبية الأساسية أو الأدوية أو عوامل أخرى، ويمكن أن يؤدي وجود جهاز مناعي ضعيف إلى جعل الأشخاص أقل قدرة على مقاومة المرض، مما يعرضهم لخطر أكبر للإصابة بمضاعفات عدوى فيروسية ما.

المصدر: الكتاب"أساسيات علم الفيروسات"المؤلف"فؤاد شاهين"/2004الكتاب"رحلة الإنسان مع الفيروس"المؤلف"سعد الدين عبد الغفار"/20192022/"Book"Essential Human Virology"Author"Jennifer2021/"Book"Viruses, Pandemics, and Immunity"Author"Andrey Shaw


شارك المقالة: