تتمثل تحديات الواقعية الأخلاقية في علم النفس في الحِجَج التي يقدمها الواقعيين الأخلاقيين ضد المذهب الطبيعي، على أساس أن الطبيعية لا تتوافق مع الاعتراف بالحقائق الأخلاقية، حيث يتحمل المرء بعد ذلك عبء شرح كيفية ارتباط الحقائق الأخلاقية بالحقائق الطبيعية وعبء شرح كيف يمكننا تعلم هذه الحقائق غير الطبيعية.
تحديات الواقعية الأخلاقية في علم النفس
تم تكريس قدر كبير من العمل الذي تم القيام به للدفاع عن الواقعية الأخلاقية إما لمواجهة التحديات التي تعتريها أو لإظهار أنها لا تشكل مشكلة خاصة للأخلاق فقط، حيث أن الواقعيين الأخلاقيين من هذا النوع يسمحون بأن الوقائع الأخلاقية ليست مجرد طبيعية، والمعرفة الأخلاقية ليست مجرد قطعة ذات معرفة علمية، حتى وهم يدافعون عن فكرة أن هناك وقائع أخلاقية وعلى الأقل من حيث المبدأ معرفة أخلاقية.
ومع ذلك فإن العديد من الواقعيين الأخلاقيين الذين أُعجبوا بمعقولية المذهب الطبيعي، قد حاولوا بطريقة أو بأخرى إظهار أن الوقائع الأخلاقية التي يلتزمون بها هي إما طبيعية أو على الأقل متوافقة بشكل مناسب مع هذه الوقائع والظواهر الأخلاقية، إذا كانوا على حق فلن تشكل الطبيعة أي تهديد خاص للواقعية الأخلاقية.
أهم تحديات الواقعية الأخلاقية في علم النفس
تتمثل أهم تحديات الواقعية الأخلاقية في علم النفس من خلال ما يلي:
1- تحديات السؤال المفتوح
لفترة طويلة اعتقد الناس أن حِجَة العالم جورج إدوارد مور المفتوحة في السؤال أثبتت أنه لا توجد نسخة من الواقعية الأخلاقية في علم النفس يمكن الدفاع عنها، ومع ذلك أثارت التطورات الأخيرة في تفسير اللغة وما وراء الطبيعة مخاوف بشأن حجة مور هذه، ومما يثير القلق بشكل خاص حقيقة أن الحِجَة يبدو أنها تستبعد بشكل غير ملائم إمكانية التأسيس على أسس أخرى غير التحليل الدلالي ويشيران في الواقع إلى نفس الملكية أو الجوهر أو الكيان.
في متابعة ردود الفعل على حِجَة مور المفتوحة السؤال دافع بعض علماء النفس عن إمكانية إجراء تحليل دلالي ناجح يقلل من المطالبات الأخلاقية للمطالبات التي يمكن التعبير عنها بمصطلحات طبيعية تمامًا، وفقًا لذلك يجادلون بأن الانفتاح الذي يشير إليه مور كما هو متوافق مع تحليل دلالي صحيح وإن لم يكن واضحًا يُظهر أن الحقائق الأخلاقية ليست فوق الحقائق الطبيعية.
بمجرد تهميش تحديات السؤال المفتوح باعتباره على الأقل ليس حاسمًا في الواقعية الأخلاقية في علم النفس، يُترك مجال للتفكير في أن الحساب الصحيح للحقائق الأخلاقية قد يحددها على أنها حقائق طبيعية، ومعرفة ماهية الحقائق التي قد تكون بالضبط، وماهية الحِجَج التي قد يقدمها المرء لحساب واحد بدلاً من حساب آخر وتظل مفتوحة.
2- التحديات النفسية
يميل الواقعيين والمعادين للواقعية على حد سواء عادةً إلى التمسك بأن حِجَة مور المفتوحة حول السؤال تتعامل مع شيء مهم وبعض سمات الادعاءات الأخلاقية التي تجعلها غير مدروسة جيدًا من خلال الادعاءات غير الأخلاقية، ووفقًا للبعض فإن الشيء المهم هو أن الادعاءات الأخلاقية مرتبطة أساسًا بالدوافع النفسية بطريقة ليست الادعاءات غير الأخلاقية.
بالضبط ما يفترض أن يكون الارتباط بالدافع هو نفسه مثير للجدل، ولكن أحد الاقتراحات الشائعة من دوافع داخلية هو أن الشخص يعتبر بصدق تقديم ادعاء أخلاقي فقط إذا كان لديه الدافع المناسب، حيث أن التفكير في شيء ما أنه جيد يتماشى مع كونه أشياء أخرى متساوية لصالحه بطرق من شأنها أن توفر بعض الحافز للترويج له أو إنتاجه أو الحفاظ عليه أو دعمه بطرق أخرى.
إذا كان شخص ما يفتقر تمامًا إلى مثل هذه الدوافع ومع ذلك يدعي أنه يعتقد أن الشيء المعني جيد، فهناك سبب كما يلاحظ الناس أن يشك في أنها مخادعة أو أنه لا يفهم ما تقوله الدوافع النفسية، يمثل هذا تناقضًا حقيقيًا مع الادعاءات غير الأخلاقية؛ نظرًا لأن حقيقة أن الشخص يقدم بعض هذه الادعاءات بصدق يبدو أنه لا ينطوي على أي شيء على وجه الخصوص حول دوافعه النفسية.
غالبًا ما يلجأ غير المعرفيين إلى هذا التحدي والتناقض الظاهري ليجادلوا بأن الادعاءات الأخلاقية لها هذا الارتباط الضروري بالدافع النفسية على وجه التحديد؛ لأنها لا تعبر عن معتقدات قد تكون صحيحة أو خاطئة ولكنها بدلاً من ذلك تعبر عن حالات تحفيزية من الرغبة أو الموافقة أو الالتزام وقد يكون ذلك مقتنعًا أو محبطون لكنهم ليسوا صوابًا ولا خطأ، حيث أن الادعاءات غير الأخلاقية كما يؤكدون تعبر عن المعتقدات بشكل عام.
يُنظر إليها بحق على أنها تزعم الإبلاغ عن الحقائق ويمكن تقييمها على أنها صحيحة أو خاطئة، ومع ذلك نظرًا لأن المعتقدات وحدها خاملة من الناحية التحفيزية، فإن حقيقة أن شخصًا ما يقدم بصدق مثل هذا الادعاء أي أنه يعبر عن شيء تؤمن به بالفعل ويتوافق مع امتلاكها لأي نوع من الدوافع النفسية، أو لا شيء على الإطلاق.
3- تحديات المعرفة
عند افتراض أنه حتى الحقائق الأخلاقية يعتقد أنها متوافقة على الأقل مع العلم، فلا يزال يبدو أن حِجَة مور المفتوحة على السؤال تُظهر شيئًا واحدًا وهو أنه لا يوجد مناشدة للحقائق الطبيعية المكتشفة بالمنهج العلمي من شأنها أن تثبت أن الحقائق الأخلاقية هي بطريقة ما دون الأخرى، وأن يكون الشيء ممتعًا أو مفيدًا أو يلبي تفضيل شخص ما يتوافق تمامًا مع الاعتقاد بأنه ليس جيدًا ولا صحيحًا ولا يستحق القيام به.
مجرد حقيقة أن الحقائق الأخلاقية قد تكون متوافقة مع الحقائق الطبيعية لا تدعم فكرة أنه يمكننا تعلم الحقائق الأخلاقية، حيث يبدو أن العالم ديفيد هيوم كان في الواقع يضغط على هذه النقطة قبل مور بوقت طويل، عندما جادل بأنه لا يوجد استنتاج أخلاقي يتبع غير إشكالي من المقدمات غير الأخلاقية وأشار إلى أنه لا يجب متبوعًا بهو دون مساعدة شخص آخر معرفي.
بشكل عام لا يوجد استنتاج صحيح من المقدمات غير الأخلاقية للاستنتاجات الأخلاقية ما لم يعتمد المرء على الأقل على فرضية معرفية أخلاقية، إذا كان كل ما يمكن أن يؤسسه العلم هو ما هو موجود وليس ما يجب أن يكون، فلا يمكن للعلم وحده أن يؤسس استنتاجات أخلاقية.
ولكن من أين إذن يمكننا الحصول على المقدمات الأخلاقية المطلوبة؟ بالطبع لا توجد إجابة في الادعاء بأن بعض القواعد سارية المفعول أو أن كائنًا قويًا أمر بشيء ما لأنه لا يتبع أي شيء حول ما يجب فعله من هذه الادعاءات دون افتراض بعض الادعاءات الأخلاقية الأخرى.
تسلط تحديات المعرفة في الواقعية الأخلاقية في علم النفس الضوء على الصعوبة الحاسمة التي يواجهها الواقعيين الأخلاقيين حتى لو منح المرء وجود الحقائق الأخلاقية؛ فهم بحاجة إلى بعض التفسير لكيفية تبرير ادعاءاتنا الأخلاقية، خلاف ذلك مهما كانت الحقائق الأخلاقية سيكون لدينا أسباب معقولة للقلق من أن ما نعتبره دليلاً على أي ادعاء معين ليس دليلاً على الإطلاق.
وفي النهاية يمكن التلخيص بأن:
1- تحديات الواقعية الأخلاقية في علم النفس تتضمن العديد من الاعتراضات والحِجَج التي قمها بعض علماء النفس تجاه الواقعيين الأخلاقيين.
2- تتمثل أهم هذه التحديات في حِجَة السؤال المفتوح والتحديات النفسية وغيرها من التحديات المعرفية.