عادات العقل بين التفكير والمعايير العالمية للتفكير

اقرأ في هذا المقال


عادات العقل هي مجموعة من المهارات التي يجب أن يتدرب عليها المتعلمون بشكل إيجابي وتمكنهم من التفكير وإيجاد حلول للمشكلات بسهولة، بحيث يمكن تدريب المتعلمين على المرونة في العادات العقلية وهذا ما أكده الدكتور كوستا، فمهارة التفكير هي من المهارات الأساسية في اكتساب العادات العقلية، فالإنسان يعد مصدر للإنسان للتعلم وحل المشكلات في الحياة اليومية، فما أهمية التفكير في الحياة اليومية وما هي معاييره ليصبح مهارة؟

أهمية التفكير في الحياة اليومية

قبل الدخول في مفهوم التفكير وعادات العقل لا بد من ذكر التفكير بشي من التفصيل لما له من أهمية كبيرة في حياتنا تتجلى في النقاط الآتية:

1- تمكن الفرد من في إظهار مهارة البصيرة لديه حيث أنّ التفكير الرمزي يساعده على إظهار مكنونات الأشياء حوله في الطبيعة، عندئذ تمكنه من الوصول إلى القدرة على تفسير ما يدور حوله من ظواهر والقدرة على السيطرة عليها ومن الممكن تسييرها لصالحه.

2- التفكير مصدر العلم والتعلم لتعديل السلوك الإنساني وكلما زادت معرفة الإنسان بالأشياء تغيرت نظرته إليها واختلفت ظروف الاستجابة والاستفادة منها، فقد ينظر الإنسان العادي إلى قطعة من الصخر على أنّها مجرد حجر لا يضر ولا ينفع ولكن العالم الجيولوجي يعتبرها سجلًا تاريخيًا لعصور ماضية يستكشف من خلالها خصائص تلك العصور.

3- لمهارة التصور دور كبير في الإدراك البشري بسبب تواجده النفسي الدائم حيث بالتفكير  يدرك البشر إنسانيتهم، فتمكّن من المحافظة على ديمومته من خلال التعلم من خبرة الاجيال التي سبقتهم ومن ثم التكيف مع البيئة التي ينمو فيها وتنمية طرق للتعامل معها.

4- أصبح للتفكير في عصرنا منهجاً له أصول وقواعد وأسس ومهارات حيث استطاع الإنسان من خلاله اكتشاف واختراع الكثير من الأشياء ذات الفائدة القصوى في حياتنا.

5- استطاع البشر حل مشاكلهم ببحثها وتحليلها سواء على المستوى الفردي أم الاجتماعي، وذلك من إمكانية الفرد على استخدام مهارة التحليل والتركيب والتي جاءت نتيجة استخدام التفكير المنظم.

6- تربية الفرد الذي يمكنه التفكير بقدرة عالية من أجل الوصول إلى الأهداف المطلوبة.

7- الوصول لمرحلة الفهم البسيط اللغوي بشكل عام والعميق بشكل خاص.

8- تشجيع وزيادة المتعة في عمليتي التعلم والتعليم.

9-  تحليل المعلومات والمجريات البعيدة والغائبة ومعالجتها بصورة رمزية.

10- القدرة على التكهن بالأمور والأحداث التي من الممكن أن تحصل فيما بعد.

مكونات التفكير

قد ظهرت عدة مدارس تربوية ونفسية فسرت عملية التفكير التي تحدث لدى الفرد عن طريق مكونين رئيسيين وهما:

1- الأول مادي وهو العقل.

2- الثاني معنوي وهو النفس.

الأول أقل تعقيدًا من الآخر لأنّه متعلق بالماديات فهو يتصل ويتفاعل مع الحواس عبر العالم الخارجي (البيئي) فالبيئة تنعكس على عقل الإنسان وقد يستجيب لها، ويقوم الإنسان بعمليات عقلية أبرزها: التفكير القياسي بنوعية الاستقرائي والاستنتاجي والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي (الابتكاري) والتفكير الحدسي وغيرها من أنواع التفكير التي تتضمن عمليات عقلية متعددة.

على صعيد الآخر والذي يشكل تعقيدًا أكبر فأنّ التفكير النفسي الذي يقصد به عمليات التفكير في ما وراء المعرفي حتى يرى العقل إلى الميتافيزيقيات والغيبيات، ويحاول تفسيرها وفهمها عبر الاعتماد على المعرفة الفيزيقية كما حدث مع الفلاسفة الذين فسروا الوجود والحقيقة واستدلوا من العالم الفينومولوجيا (عالم الظواهر) على العلم الغيبي مثل معرفة الله تبارك وتعالى، كما قد تبنت المدرسة السلوكية النوع الأول (التفكير المادي) وتبنت مدرسة الجشطالتية النوع الثاني (التفكير النفسي).

تعريف التفكير

عرف الدارسون التفكير تعريفات عدة كلها تندرج تحت مستويين أحدهما معرفي والآخر وجودي، فالأول يبحث عن معارفنا عن العالم من خلال العمليات العقلية والأنشطة الذهنية المستخدمة عبر الاحساسات وهذا يتصل بالظواهر والعالم المشاهد، والآخر يحاول البحث في عالم الميتافيزيقيات من خلال معرفة مصادر المعرفة غير المادية، وبشكل عام أنّ التفكير نشاط عقلي واعي يعكس فيه الإنسان الواقع الموضوعي بطريقة مختلفة تماماً عما يحدث في الإحساس والإدراك، وهو عملية عقلية معرفية يتم من خلالها انعكاس العلاقات والروابط بين الظواهر والأشياء في وعي الإنسان.

المعايير العالمية للتفكير

1- معيار الوضوح: يتضمن تقديم السؤال أو الفكرة المحددة ا والتي تخلو من المتناقضات والأخطاء المنطقية الأخرى، وقد تحدث أهل العلم والفلسفة في القدم عن دور هذا المعيار، من أمثال أبي حامد الغزالي ورينيه ديكارت، وبناءًا على ذلك تأتي نقطة الخلاف بين الأفراد في عدم توفر هذا المعيار عند تقديم الأفكار لديهم.

2- معيار الصحة والدقة: يجب أن تكون الجملة أو العبارة صحيحة وحقيقية وقد تكون العبارة صحيحة ولكنها ليست دقيقة، فعلى سبيل المثال كثير من المشرفين التربويين ينفذون الزيارات الصفية على المعلمين فهذه الجملة صحيحة ولكنها غير دقيقة، حيث أنّ بعض هؤلاء المشرفون ينفذونها شكلًا وليس مضمونًا.

3- معيار الدقة المتناهية: يتم ذلك من خلال إعطاء تفاصيل أخرى للجملة والقضية المطروحة للنقاش من خلال إعطاء مزيد من الأرقام الإحصائية، وعلى سبيل المثال زاد استخدام الإنترنت في ادولة ما (X) بين الناس وبمختلف الأعمار، العبارة صحيحة وواضحة ولكنها لا تتمتع بالدقة المتناهية إلّا من خلال التفاصيل الإحصائية.

4- معيار العلاقة: يقصد هنا أن تكون الجمل المقدمة في الأسئلة لها علاقة بالمشكلة المقدمة.

5- معيار العمق: أي دور الإجابة على الأسئلة في تبسيط وتحديد التعقيدات في الأسئلة، وما هي طرق طرح السؤال في المشكلة، وما هي طرق التعامل مع العديد من العناصر والمعطيات المتغيرة.

6- معيار الاتساع: أي إدخال عنصر الشمولية عند طرح الأفكار وذلك بواسطة الأخذ بعين الإعتبار وجهات النظر المختلفة.

7- معيار المنطقية: التسلسل المنطقي في الطرح وأن يكون ذو معنى.

تحديد وإدارة عادات التفكير

كبشر نضع أنفسنا جميعًا في عادات وأنماط، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون هذه العادات مفيدة لنا مثل أخذ استراحة الغداء بانتظام أو الذهاب في نزهة مسائية أو إيقاف تشغيل الهواتف في وقت طويل قبل الذهاب إلى النوم، بالإضافة إلى العادات مع سلوكياتنا فإنّ أذهاننا تشكل أيضًا عادات وأنماط من خلال عمليات تفكيرنا، ومع ذلك فإنّ عادات التفكير لدينا ليست مفيدة دائمًا لنا من حيث أنّها يمكن أن تشوه تفسيرنا للأشياء وتشوه انتباهنا للتركيز على الأفكار السلبية، وهذا يجعلنا نشعر بالسوء ويؤثر بدوره على سلوكياتنا وما سنفعله بعد ذلك، وملاحظة وفهم عادات التفكير لدينا هي الخطوة الأولى في تعلم كيفية إدارة العقل والأفكار بشكل أفضل.

تتطور عادات التفكير لمساعدتنا في الوصول إلى تفسير لشيء ما بسرعة كما إنّها التحيزات في أفكارنا وعملية التفكير التي تعمل كطريق مختصر للوصول إلى نتيجة سريعة، وغالبًا ما تكون عادات التفكير تلقائية وتحدث عادةً بدون وعينا الواعي (لا نختار الاعتماد على عادات التفكير هذه فهي تظهر فقط!)، ويعد تطوير أساليب تفكير معينة جزءًا من المعالجة البشرية الطبيعية للتجربة أي إنّه شيء نقوم به جميعًا، ويختلف نوع عادات التفكير التي نطورها من شخص لآخر فهي مرتبطة بتجاربنا المبكرة ومعتقداتنا ومخاوفنا التي تنبع من أحداث حياتنا، وعادات التفكير شائعة جدًا خاصةً إذا واجهنا تغييرات في صحتنا العاطفية مثل القلق أو الذعر أو الحالة المزاجية السيئة وإذا كنا نعاني من تدني احترام الذات.


شارك المقالة: