السلوك المعادي في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


السلوك المعادي في علم النفس الاجتماعي:

يعرف علماء النفس الاجتماعي السلوك المعادي أنه سلوك يهدف إلى إيذاء شخص آخر لا يرغب في التعرض للأذى، ونظرًا لأنه يتضمن إدراك النية، فإن ما يبدو أنه عدوان من وجهة نظر ما قد لا يبدو بهذه الطريقة من وجهة نظر أخرى، وقد يُعتبر السلوك الضار نفسه عدوانيًا أو لا يُعتبر عدوانيًا اعتمادًا على نيته، ومع ذلك، ينظر إلى الضرر المتعمد على أنه أسوأ من الضرر غير المتعمد، حتى عندما تكون الأضرار متطابقة.

ينخرط البشر في السلوك المعادي عندما يسعون إلى التسبب في ضرر أو ألم لشخص آخر، حيث يمكن أن يكون هذا السلوك راجع لدوافع ونية الشخص الذي يقوم به، فيمكن أن يكون سلوك عدائي مقصود خلف مشاعر الغضب بنية التسبب في الألم،  وفي المقابل، يتم تحفيز السلوك المعادي من خلال تحقيق هدف ولا ينطوي بالضرورة على نية التسبب في الألم.

مما يوضح لنا أن هذا السلوك المعادي يختلف حسب الدافعية الداخلية للفرد، فلا يمكننا أن نحكم على أي سلوك تخريبي أو مؤذي بأنه معادي، فمن الممكن أن يتم هذا السلوك عن طريق الخطأ، فليست كل السلوكيات المتعمدة التي تؤذي الآخرين هي سلوكيات عدوانية، فممكن أن تكون بعض السلوكيات المعادية من أجل مواجهة مواقف سلبية مستقبلية.

لأن مفهوم السلوك المعادي يتطلب منا تحديد نية الشخص القائم به، سيكون هناك بعض التفسير لهذه النوايا وقد يكون هناك خلاف بين الأطراف المعنية، مثل الأصدقاء الذين يلعبون معاً كرة القدم ويقع أحدهم بسبب زميله، هذا لا يعتبر من السلوكيات المعادية؛ لأنه يكون بغير قصد.

أنواع السلوك المعادي في علم النفس:

تتنوع السلوكيات المعادية للأشخاص والمواقف والمجتمع بشكل كامل، بحيث تتمثل أنواع السلوك المعادي في علم النفس:

1- العنف:

يستخدم علماء النفس الاجتماعي مصطلح العنف للإشارة إلى السلوك المعادي الذي له ضرر جسدي شديد، مثل الإصابة أو الموت كهدف منه، وبالتالي فإن العنف هو مجموعة فرعية من السلوك المعادي، جميع أعمال العنف عدوانية ولكن الأعمال التي يُقصد منها إحداث أضرار جسدية ونفسية بالغة هي التي تكون ذات نتائج واضطرابات نفسية.

2- السلوك المعادي العاطفي أو الاندفاعي:

يشير السلوك المعادي العاطفي أو الاندفاعي إلى السلوك الذي يحدث مع قدر ضئيل من التفكير أو النية والذي يتم تحديده في المقام الأول من خلال العواطف الاندفاعية، والعدوانية العاطفية هي نتيجة المشاعر النفسية السلبية الشديدة التي نمر بها في الوقت الذي نواجه فيه العدوانية وليس المقصود حقًا خلق أي نتائج إيجابية.

3- السلوك المعادي الآلي أو المعرفي:

من ناحية أخرى، فإن السلوك المعادي الآلي أو المعرفي هو سلوك مقصود ومخطط، بحيث يعتبر السلوك المعادي الآلي أكثر إدراكاً من كونه عاطفيًا وقد يكون باردًا وحساسًا تمامًا، ويهدف هذا السلوك إلى إيذاء شخص ما لكسب شيء ما في المقابل، الاهتمام أو المكافأة المالية أو السلطة السياسية.

يصعب أحيانًا التمييز بين السلوك المعادي المعرفي والعاطفي، فعادة ما يتم التعامل مع العدوان العاطفي بشكل مختلف عن العدوان المعرفي والفعال ومع ذلك، قد يكون الأمر صحيحًا أن كل نوع من السلوك المعادي له دور فعال جزئيًا على الأقل لأنه يخدم بعض الاحتياجات للتصرفات السيئة.

4- السلوك المعادي اللفظي والجسدي والاجتماعي:

يتفق علماء النفس الاجتماعي على أن السلوك المعادي يمكن أن يكون لفظيًا أو جسديًا، لذلك فإن توجيه الشتائم إلى صديق هو بالتأكيد عدواني وفقًا لتعريفنا لمفهوم السلوك المعادي، تمامًا مثل ضرب شخص ما، ومنها يمكننا توضيح هذه الأنواع للسلوك المعادي في علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:

أ- السلوك المعادي الجسدي:

يتضمن السلوك المعادي الجسدي إيذاء الآخرين بدنيًا، على سبيل المثال الضرب أو الركل.

ب- السلوك المعادي غير الجسدي:

السلوك المعادي غير الجسدي هو سلوك لا ينطوي على أذى جسدي، بل إنه يشمل السلوك المعادي اللفظي مثل الصراخ والشتائم أي أنه يكون من خلال لغة الجسد.

ج- العدوان العلائقي أو الاجتماعي:

العدوان العلائقي أو الاجتماعي، الذي يُعرف بأنه الإضرار عمداً بالعلاقات الاجتماعية لشخص آخر، على سبيل المثال، من خلال الثرثرة حول شخص آخر، أو استبعاد الآخرين من صداقتهم أو فريقهم، أو إعطاء الآخرين معاملة صامتة.

5- التنمر:

يعتبر التنمر شكل حديث من أشكال السلوك المعادي، في حين أن التنشئة الاجتماعية واللعب مع الأطفال الآخرين مفيدة للنمو النفسي للأطفال، ومع ذلك، يكون بعض الأطفال عدوانيين ويريدون اللعب بعنف، وهناك الأطفال الأنانيين ولا يريدون مشاركة الألعاب، بحيث يعتبر التنمر أحد أشكال التفاعلات الاجتماعية السلبية بين الأطفال والذي أصبح مصدر قلق وطني.

مفاتيح نفسية في التعامل مع السلوك المعادي:

يواجه معظمنا أناسًا معاديين يقومون بسلوكيات هجومية تجاهنا، وقد يتواجد هؤلاء الأفراد في مجالنا الشخصي أو بيئتنا المهنية، ظاهريًا قد يظهرون هؤلاء العدائيين على أنهم مستبدين أو متطلبين أو حتى مسيئين ومع ذلك من خلال النهج الذكي والتواصل الحازم، يمكننا تحويل السلوكيات المعادية إلى تعاون والإكراه إلى احترام.

تتعدد أسباب السلوك المعادي غير المبرر وغالباً ما تكون معقدة، وبغض النظر عن السبب، من المهم الاستجابة بشكل استباقي وفعال عندما تكون حقوقنا ومصالحنا وسلامتنا النفسية على المحك، ومنها يقدم علم النفس الاجتماعي بعض المفاتيح لمواجهة السلوك المعادي ومن يقومون به:

1- الحفاظ على السلامة الشخصية:

الأولوية الأكثر أهمية في مواجهة الفرد الذي يقوم بالسلوك المعادي هي حماية النفس، فإذا كان الفرد لا يشعر بالراحة النفسية تجاه الموقف والسلوك المعادي فعليه الانسحاب، وطلب المساعدة والدعم إذا لزم الأمر.

2- الحافظ على المسافة الخاصة والحافظ على الخيارات:

ليس كل الأفراد المعادين والسلوكيات المعادية يستحقون العناء معهم، فوقت الإنسان ثمين، وسعادته ورفاهيته مهمان، ما لم يكن هناك شيء مهم على المحك، على الشخص أن لا يرهق نفسه بمحاولة التعامل مع شخص راسخ بشكل سلبي، سواء كان يتعامل مع شخص غاضب، أو شخص مستبد، فيتوجب الحافظ على مسافة صحية، وتجنب الانخراط إلا إذا كان الشخص مضطرًا لذلك.

3- الحافظ على الهدوء وتجنب التصعيد:

واحدة من أكثر الخصائص شيوعًا للأفراد الذين يتسمون بالمواجهة والسلوك المعادي هي أنهم يعرضون عدوانيتهم ​​لدفع الأزرار وإبقاء الشخص الذي يتعاملون معه في حالة عدم توازن، من خلال القيام بذلك، فإنهم يخلقون ميزة يمكنهم من خلالها استغلال نقاط ضعفه.

فإذا كان الشخص مطالبًا بالتعامل مع شخص صعب المراس ولديه سلوك معادي، فعليه أن يكون أكثر توافق أو تكيف، فهذه إحدى أهم القواعد الأساسية للحفاظ على الهدوء، فكلما قل رد الفعل على الاستفزازات، زادت القدرة على استخدام الحكم الأفضل للتعامل مع الموقف.

المصدر: علم النفس، محمد حسن غانم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.


شارك المقالة: