كيف يكتسب الأطفال لغة الجسد من الآخرين؟

اقرأ في هذا المقال


لا يمكن للغة الجسد أن تكون غريزية بكافة محتوياتها واستخداماتها، فالأطفال لم يتعلّموا كيفية البكاء قبل أن يولدوا كلغة جسد تعبّر عن حاجتهم للغذاء أو للرعاية أو بسبب ألم ما، ولكنّهم يتعلّمون لغة الجسد التي تعبّر عن حالة الفرح والغضب والقلق والتوتر، فهم يكتسبون الكثير من أساسيات لغة الجسد عن طريق الآباء والأمهات والمحيطين بهم، وتتطوّر هذه المعرفة لديهم لتصبح عادات ولغة جسد مكتسبة يبرع البعض فيها ويتقنها أكثر من البعض الآخر.

الأطفال يكتسبون لغة الجسد بالتكرار والتعلم:

عندما نجلس إلى جانب رضيع ونحاول الابتسام والضحك في وجهه على أمل أن يردّ لنا الابتسامة، فنحن بذلك نحاول إكسابه لغة جسد نعلم مسبقاً أنه سيتعلمها بالتكرار، وعلى الرغم من أنّ الرضّع يولدون ولديهم مجموعة من الغرائز المتعلّقة بلغة الجسد كالبكاء وإشاحة النظر، فالأطفال أيضاً يكتسبون ويتعلّمون كيفية التواصل عبر محاكاة إشارات وإيماءات وجه من ينظر إليهم، حيث أن الرضّع يفتنون بالوجه البشري ويتوقون لمحاكاة التعبيرات التي يرونها كلغة جسد تعبّر عن شيء يفتقدونه ويرغبون في تقليده، فالأطفال الرضع يستطيعون أن يحاكوا إيماءات وجوه بعينها، مثلما قد يخرج الطفل لسانه كلغة جسد تستخدم كدعابة محاولاً تقليد والدته أو والده.

الأطفال مقلدون لأمهاتهم في اكتساب لغة جسد متطابقة:

لإشارات الوجه المستخدمة في لغة الجسد تأثير كبير على التطوّر الاجتماعي للطفل، فقد توصّلت الدراسات إلى أنّ الأطفال الرضّع الذين تصاب أمهاتهم بالاكتئاب (الأطفال الذين لا يرون الكثير من الابتسامات وتعبيرات السعادة مثلما يفعل الأطفال ذوو الأمهات الأكثر سعادة) تظهر عليهم علامات الاكتئاب التقليدية (عدم وجود تعبيرات على وجوههم أو ظهور لغة جسد تعبّر عن تشاؤمهم كالعبوس أو زمّ الشفتين أو فقدان التواصل البصري)، حتّى عندما يحاول أحدهم مداعبة هذا الطفل فستبقى لغة جسده تشير إلى شعوره بالاكتئاب.

تشير معظم الدراسات أنّ الأطفال ذوي الأمهات اللائي يعانين اكتئاباً حاداً عادة ما يكونوا عرضة لمشكلات خطيرة تتعلّق بتطوّرهم الاجتماعي بسبب طريقة تعامل أمهاتهم معهم، حيث أنهم يتلقّون لغة جسد تشير إلى السلبية والانحطاط بعيداً عن معاني الحبّ الرأفة والصدق والحنان، على العكس من الأمهات اللاتي لا يعانين من أية أعراض تدلّ على الاضطراب أو القلق، حيث أنّ لغة الجسد السلبية التي يتلقّاها الأطفال يكتسبوها بالتعلّم والممارسة لتصبح عادة لديهم لا يمكنهم تغييرها ويتعاملون مع الآخرين بناء عليها.

المصدر: لغة الجسد النفسية، جوزيف ميسينجر.لغة الجسد في القرآن الكريم، الدكتور عودة عبدالله.ما يقوله كل جسد، جونافارو، 2010.لغة الجسد، بيتر كلينتون، 2010.


شارك المقالة: