اللعب في العلاج الوظيفي

اقرأ في هذا المقال


اللعب في العلاج الوظيفي:

لطالما كان اللعب جزءًا من ذخيرة المعالج المهني للأطفال، على الرغم من أن أهميته قد تغيرت على مر السنين. ومن المهم معرفة كيف تطورت المهنة فيما يتعلق باحتلال اللعب من أجل التخطيط بنجاح للمستقبل. كتب أدولف ماير أن العمل واللعب والراحة والنوم هي الإيقاعات الأربعة التي تشكل التنظيم البشري، في إحدى المقالات الأولى عن اللعب في أدبيات العلاج المهني، أشار العديد من المعالجين إلى اللعب باعتباره “مهمة جادة، لا يتم الخلط بينه وبين التحويل أو الخمول واستخدام الوقت.

اللعب ليس حماقة، إنه نشاط هادف نتيجة للتجارب العقلية والعاطفية “، حيث تحدث الباحثون عن اللعب كوسيلة للتواصل ونمو الطفل وقد تم استخدام اللعب في السنوات الأولى من العلاج المهني لمجموعة متنوعة من أغراض مثل التحويل أو تطوير المهارات أو المعالجة.

لعب الباحثون دورًا أساسيًا في إدخال اللعب في طليعة العلاج المهني في أواخر الستينيات. وتم وصف اللعب على طول سلسلة متصلة تم تسميتها السلوك المهني. ومن خلال اللعب، يتعلم الأطفال المهارات ويطورون الاهتمامات التي تؤثر لاحقًا على الخيارات والنجاح في العمل والترفيه.

يعتبر اللعب ساحة لتنمية التكامل الحسي والقدرات الجسدية والمهارات المعرفية واللغوية والعلاقات الشخصية. في لعبهم، يمارس الأطفال الأدوار الثقافية والبالغين ويتعلمون أن يصبحوا أعضاء منتجين في المجتمع. حيث شعر الباحثون أن اللعب هو نظام متعدد الأبعاد للتكيف مع البيئة وأن الدافع الاستكشافي للفضول يكمن وراء سلوك اللعب.

هذا الدافع له ثلاث مراحل هرمية: الاستكشاف والكفاءة والإنجاز. كما يُلاحظ السلوك الاستكشافي أكثر في مرحلة الطفولة المبكرة ويغذيه الدافع الداخلي ويتم تغذية الكفاءة من خلال دافع التأثير، وهو مصطلح عرَّف بأنه دافع فطري نحو الكفاءة.

تتميز هذه المرحلة بالتجريب والممارسة لتحقيق الإتقان، كما يرتبط الإنجاز بتوقعات الأهداف ويغذيها الرغبة في تحقيق التميز. وباستخدام هذا الإطار المرجعي، قام باحثون آخرون يدرسون بتوسيع مفاهيم اللعب. وقدم العديد منهم إطارًا تطوريًا للعب واستكشاف مفهوم الدافع الداخلي باعتباره عنصرًا أساسيًا في اللعب.

طوروا أيضاً تصنيفًا للعب ووصف فترات اللعب بناءً على مراحل، وتم فحص اللعب فيما يتعلق بالتنمية لأغراض التقييم، كما وصف منهم كيفية استخدام اللعب للطفل لتعلم القواعد والأدوار.

تطورت العلوم المهنية في أواخر الثمانينيات كتخصص أكاديمي لدراسة طبيعة المهنة وكيف تؤثر على الصحة، لأن اللعب هو المهنة الأساسية للأطفال، فقد درس عدد من الباحثين جوانب مختلفة من اللعب.

في دراسات حول إجراءات الوالدين والطفل وكيفية تنظيم اللعب في الروتين اليومي، اقترح أن يستخدم الآباء نوعين من استراتيجيات اللعب: الفصل والشمول. في الاستراتيجية المنفصلة، كانت أوقات اللعب منفصلة عن الروتين اليومي الآخر، بينما في التضمين الاستراتيجية، تم دمج اللعب في الروتين اليومي.

يستخدم الآباء إجراءات اللعب لدعم تعلم أطفالهم، وقد تم دراسة لعب الكائن عند الرضع ووصف ثلاثة أنواع من قواعد الكائن التي تعلمها الأطفال: قواعد خصائص الكائن (تمثيل الطفل الداخلي لخصائص الكائنات) قواعد عمل الكائن (مرجع الإجراءات على الكائنات) و كيف يؤثر الكائن على القواعد (تلك العوامل التي تؤثر على اختيار العنصر وتجعل اللعب ممتعًا).

تقييم اللعب:

على الرغم من أن اللعب يعتبر المهنة الرئيسية للطفل ويوافق معظم المعالجين المهنيين على أنه مهم للطفل، إلا أن قلة من المعالجين يقومون بتقييمه بشكل روتيني. في دراسة عام 1998، وجدت أن 62٪ من المعالجين المهنيين للأطفال الذين أجابوا على استبيانها ذكروا أنهم قيموا اللعب، لكن أقل من 20٪ استخدموا تقييمات اللعب المشار إليها بالمعيار.

بعد عقد من الزمان كرر الاستطلاع، ووجد أن 38٪ أو 24٪ أقل من المشاركين قيموا اللعب. علاوة على ذلك، استخدم عدد قليل من المعالجين المهنيين أدوات تقييم اللعب، حيث استخدم 4٪ مقياس (Knox) لمرحلة ما قبل المدرسة و 3٪ باستخدام تقييمات “اختبار اللعب المرح” يمكن تصنيفها إلى تلك التي تقيم الكفاءات التنموية وتلك التي تقيم طريقة لعب الطفل، بما في ذلك المرح وأسلوب اللعب.

الكفاءات التنموية:

باستخدام إطار مرجعي تنموي، يعد مقياس (Knox) المُعدّل للعب ما قبل المدرسة تقييمًا رصديًا مصممًا لوصف كفاءة اللعب لدى الأطفال حتى سن 6 سنوات وتم زيادة الفترات قدرها 6 أشهر حتى العمر 3 والزيادات السنوية حتى العمر 6 وتم فحص أربعة أبعاد: إدارة الفضاء وإدارة المواد والتظاهر / رمزي والمشاركة.

إدارة المساحة هي الطريقة التي يتعلم بها الطفل كيفية إدارة جسده والمساحة المحيطة به، كما تقوم إدارة المواد بتقييم كيفية إدارة الطفل لمحيطه المادي. ويصنف البعد الرمزي / التظاهر كيف يتعلم الطفل عن العالم من خلال التقليد وتنمية القدرة على فهم وفصل الواقع عن التخيل، كما أن المشاركة هي مقدار التفاعل الاجتماعي ومستواه التنموي.

يتم تقيم التقييمات الأخرى المهارات التنموية للطفل من خلال اللعب، مثل التقييم العابر للتخصصات القائم على اللعب والذي يقيم الطفل في التطور المعرفي والاجتماعي والعاطفي واللغوي والجسدي والحركي من خلال اللعب الطبيعي. كما يتم استخدامها من قبل فرق مهنية في برامج الطفولة المبكرة.

اللعب والمرح وأسلوب اللعب:

الطريقة الثالثة التي يقيّم بها المعالجون اللعب هي تحليل تجربة الطفل أو الحالة الذهنية عند اللعب (أي أسلوب اللعب واللعب). حيث طور الباحثون اختبار اللعب (ToP) لتقييم درجة المرح للفرد، يحتوي المقياس على 34 عنصرًا تمثل أربعة عناصر من المرح: التحفيز الذاتي والرقابة الداخلية والقدرة على تعليق الواقع والتأطير.

يتم تصنيف الطفل على مقاييس المدى والشدة والمهارة. كما يمكن تسجيل نقاط ToP من الملاحظات المباشرة أو أشرطة الفيديو للأطفال المشاركين في اللعب الحر، كما طور الباحثون تقييمًا لقدرة البيئة على دعم المرح، اختبار دعم البيئة (TOES).

الغرض الأساسي من TOES هو التشاور مع مقدمي الرعاية لتحديد دافع اللاعب للعب، ومن المفترض أن يتم إدارته جنبًا إلى جنب مع ToP توجد معلومات شاملة حول الفائدة في الممارسة ودراسات الحالة في (Parham and Fazio’s Play in Occupational) العلاج للأطفال الطبعة الثانية.

تستند التقييمات السابقة على الملاحظة السلوكية ومقابلات الوالدين. ونظرًا لأن اللعب فريد من نوعه بالنسبة للفرد، فمن المهم الحصول على منظور الطفل الخاص للعبه ويتم ذلك عادةً من خلال التقرير الذاتي. كما تتكون ملفات تعريف اهتمامات الأطفال من ثلاثة ملفات تعريف مناسبة للعمر عن اهتمامات اللعب والترفيه والمشاركة للأطفال من سن 6 إلى 9 سنوات ومن 9 إلى 12 عامًا ومن 12 إلى 21 عامًا تقيم الملفات الشخصية الأنشطة التي يقوم بها الطفل القيام به ومشاعر الطفل حيال النشاط ومدى مهارته في إدراك نفسه ومع من يلعب ويمكن استخدامها في التقييم من أجل تحديد الأطفال والمراهقين الذين قد يكونون معرضين لخطر المشاكل المتعلقة باللعب ويتم إنشاء أهداف مرتبطة باللعب تحديد أنشطة اللعب أو أوقات الفراغ لاستخدامها في التدخل.

على الرغم من أن هذا التقييم يحمل وعدًا للاستخدام من قبل المعالجين المهنيين، لا سيما فيما يتعلق بالحصول على معلومات حول معنى نشاط اللعب للأطفال، إلا أن الدراسات الاستقصائية الأخيرة لا تظهر أنه يتم استخدامه في الممارسة العملية.

يحدد الأطفال اهتمامهم بمجموعة متنوعة من المهن (بما في ذلك اللعب والرعاية الذاتية والأعمال المنزلية) وتقييم مدى شعورهم بأنهم يؤدون هذا النشاط. كما يسمح هذا التنسيق المرن للممارس بالاستماع إلى الطفل مباشرة ويساعد في إقامة علاقة ويساعد في تخطيط التدخل ويمكن أن تكون هذه الأداة فعالة في مساعدة الممارسين على تصميم جلسات اللعب.

تفسير تقييمات اللعب:

يجب أن يكون تقييم اللعب جزءًا من كل تقييم للعلاج المهني لتطوير صورة كاملة لكفاءة الفرد في أدائه المهني وللتخطيط للتدخل الذي يركز على مساعدة هذا الفرد على المشاركة في مهن هادفة ومرضية لذاته.

تزود تقييمات اللعب المعالج صورة لكيفية مشاركة الفرد في اللعب في حياته اليومية. كما يساعد تحليل لعب الأطفال أيضًا في تقييم القدرات البدنية والمعرفية والمشاركة الاجتماعية والخيال والاستقلالية وآليات المواجهة والبيئة.

قد يتم تقييم اللعب بشكل غير رسمي في الأنشطة الروتينية التي يتم اختيارها ذاتيًا والمألوفة في البيئات الطبيعية، مما يوفر للمعالج صورة للكفاءات اليومية. إن تحديد ما يمكن للطفل القيام به في اللعب يمكّن المعالج من التركيز على قدرات الطفل بدلاً من الإعاقات، لأن اللعب هو تفاعل بين الطفل والبيئة، يمكن للعوامل البشرية والمادية في البيئة أن تؤثر بشكل كبير على لعب الطفل.

يُعد مقياس لعب Knox المُعدّل لمرحلة ما قبل المدرسة مثالًا جيدًا على تقييم اللعب الذي يمكن استخدامه في بيئة طبيعية. حيث أن تقييمات اللعب المصممة لتجري في البيئات الموحدة، مثل تلك المضمنة في تقييمات النمو مع الألعاب الموحدة، تغير بشكل كبير وقد تمنع لعب الطفل.

بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن اللعب يحدد الغرض الخاص به، إلا أن السلوكيات الملاحظة قد يكون لها معاني مختلفة وتخدم أغراضًا مختلفة لأشخاص مختلفين. وقد يصعب على المراقب تقييم معنى اللعب للمشارك، لذلك قد يستفيد الممارسون من خلال إجراء مقابلات مع الأطفال.

(COSA) هي أداة تقييم تساعد الممارسين على فهم المعنى الذي ينسبه الطفل إلى المهن، مثل اللعب والمدرسة. يجب على المعالجين تحديد ما إذا كانت عينة السلوك كافية ونموذجية وممثلة للعب الحقيقي وعند الملاحظة على مدى فترة طويلة، يمكن أن تختلف لعب الطفل اختلافًا كبيرًا في أوقات مختلفة.

لالتقاط مجموعة متنوعة من سلوكيات اللعب، قد يحتاج المعالج إلى مراقبة الطفل عدة مرات وفي مجموعة متنوعة من الإعدادات. كما أن تحليل اللعب مفيد بشكل خاص في تقييم الطفل الذي لا يستجيب بشكل جيد لاختبارات النمو المعيارية وتساعد معرفة مهارات اللعب الفردية والاهتمامات وأسلوب اللعب في التخطيط للتدخل.


شارك المقالة: