إن إدارة بيئة العمل تبذل جهودها حتى توفر السلامة والصحة للموظفين، والموضوع ليس موضوع مورد بشري مصاب وتم تقديم العلاج له وينتهي الأمر عند هذه النقطة، بل موضوع له أبعاد خطيرة لها أثر سلبي على المنظمة والموارد البشرية والمجتمع والدولة.
أبعاد إدارة بيئة العمل في إدارة الموارد البشرية
أولا البعد الاقتصادي
وللبُعد الاقتصادي أثر يقوم بالانعكاس على ناحيتين وهما المنظمة والاقتصاد الوطني، وهما كما يأتي:
1. المنظمة: البعد الاقتصادي في المنظمة له أثر عندما تكون إدارة بيئة العمل غير جيدة، ويكون في شكلين هما:
- التكلفة: وهي نفقات مالية تقوم المنظمة بدفعها في عدد من المجالات منها: علاج الأمراض التي تحدث بسبب العمل، علاج الحادث وإصابة العمل، رواتب وأجور الذين تعرض للخطر والمرضى خلال مدة العلاج، والتعويضات التي تقدم للعجز الدائم أو الوفيات، والخسارة الإنتاجية وقت العمل المفقود بسبب الأمراض والحوادث، وخسارة الأيدي العاملة ذات الكفاءة وضرورة استقطاب وتأهيل أيدي عاملة بديلة.
- الربحية: لها أثر في تكاليف علاج الحوادث والأمراض بسبب عدم كفاءة إدارة بيئة العمل في رفع التكلفة والتي لها أثر على رفع سعر المنتج الي تقدمه المنظمة للزبون في السوق، حيث يؤدي لتكوين احتمال جعل السعر غير تنافسي مع المنظمات الأخرى المنافسة، مما يهدد حصتها في السوق، وهذا يولّد خطر على ربحيتها بل بقائها مع مرور الوقت.
2. الاقتصاد الوطني: يمثل أثر البعد الاقتصادي الوطني؛ بسبب عدم كفاءة السلامة والصحة في موقع العمل بالنواحي التالية:
- قلة الإنتاج الوطني، فما تنفقه الوحدات الاقتصادية وعلى اختلاف أشكالها من تكلفة علاج حوادث وأمراض العمل من مبالغ كبيرة، بالتأكيد لها أثر سلبي في الاقتصاد الوطني لأي دولة، وخصوصًا في الدول الصناعية.
وارتفاع نسبة الحوادث وأمراض العمل في دولة ما، وما يرافقها من وفيات وعجز دائم، مع مرور الوقت سوف تقل قوة العمل فيها، وهذا له أثر عكسي على الطاقة الإنتاجية الكلية، وعدم قدرة الوحدات الاقتصادية على الدخول لأسواق جديدة، وفي بعض الأحيان لا تحافظ على السوق الحالي، هذا ينعكس على الدخل الوطني بوجه عام بطريقة سلبية.
ثانيا البعد الإنساني
ويتمثل البعد الإنساني بمجموعة من النواحي وهي كالآتي:
- الجانب الاجتماعي: إن الحوادث والأمراض في العمل وما يحصل عنها من ضرر صحي على هيئة إعاقة أو مرض مزمن أو حالة وفاة، يكون له انعكاس غير إيجابي على الحياة الأسرية، وبالتالي على حياة المجتمع، عندما يتوفى الشخص المعيل للأسرة، أو عندما تتم إصابته بإعاقة دائمة يجبره في التوقف عن العمل طول حياته، سوف يكون سبب في ضياع الأسرة؛ لأنهم فقدوا الشخص الذي يقوم برعايتهم، وهذا بحد ذاته جانب اجتماعي لا يستهان بأثره السلبي، ويوضّح في حالة أن أعضاء الأسرة صغار السن.
- الجانب المعنوي: وهنا يعكس ارتفاع نسبة الحوادث وأمراض العمل على الوضع المعنوي لدى العناصر البشرية في المنظمة بطريقة غير إيجابية، فهم يشعرون بخوف مستمر؛ لأنهم يقومون بمهامهم في بيئة يوجد فيها درجات خطر عالية وتعتبر خطر على صحتهم وحياتهم ومستقبلهم، في مثل هذه الظروف سوف نجد رضا وظيفي لدى العنصر البشري ينخفض بشكل دائم.
وإن كانت الأمور الوظيفية الأخرى جيدة، العنصر البشري الذي يرى رفيقه بالعمل مصاب بجرح كبير أو وفاة، لن ينسى هذا المشهد الموجع الذي حصل أمامه، وسوف يتساءل الآخرون من هو في الدور التالي؟ هذا المناخ سوف يجعل الجانب المعنوي لدى العناصر البشرية في أقل مستوياته، وسوف يسود في المنظمة بيئة تتميز بالنزاعات بدل من جو الانتماء.
- الجانب العلقي: عندما يتزايد الضغط في العمل على العنصر البشري، ويكون لديه قناعة بأنه يعمل في بيئة عمل مليئة بالمخاطر والأمراض وإصابات العمل الدائمة، وحصول الجسد باعتلال منها، لا شك أن هذه الظروف الغير إيجابية سوف يكون لها أثر نفسي غير سليم يتمثل بأمور عديدة منها التوتر والقلق والاكتئاب، وهذا له أثر بمستوى تفكير وإدراك العنصر البشري، حيث يصبح مشوش وغير قادر على التفكير بطريقة سليمة.
ثالثا البعد القانوني والنقابي
موضوع السلامة والصحة في موقع العمل هو البند الثاني في أعمال مفاوضات النقابات العمالية مع المنظمات، الذي يأتي بعد بند الرواتب والأجور، تحسين علاقات العمل بين الجهتين بات يقوم بطريقة رئيسية على مطلب النقابات العمالية في توفير بيئة عمل صحية وسليمة، يسودها جو من الطمأنينة في ممارسة العمل.
وفي النهاية نستنتج إن أبعاد إدارة بيئة العمل للموارد البشرية سواء كان البُعد الاقتصادي أو البعد الاجتماعي أو البعد القانوني والنقابي لها أثر كبير على نجاح العنصر البشري في المنظمة، وبالتالي نجاح المنظمة وبالتالي نجاح اقتصاد الدولة.