لقدْ كانَ لأُمَّةِ الإسلامِ في رَسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةُ في تتَبُّعِ سيرَتِهِ عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ولقدْ حرِصَتِ الأمَّةِ على نَقْلِ حديثِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونقْلِهِ بحرْصِ شديدٍ لِيَصِلَ إليْنا في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ، بوَصْفِهِ المَصْدَرِ الثَّانِي في التَّشْريعِ الإسْلامِيِّ، وتتابعَ الرُّواةُ في ذلكَ منَ الصَّحابَةِ إلى التَّابعينَ إلى أتْباعِهمْ في روايَةِ وتدوينِ الحديثِ، وكانَ لنا شرفُ الحديثِ عنْ سيرِهمْ لِنَصِلَ إلى جيلِ تَبَعِ أتْباعِ التَّابعينَ، وسنتَحَدَّثُ عنْ راوٍ منْهُمْ، إنَّهُ المُحَدِّثُ عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيْرِ الحُمَيْدِيُّ، فتعالوا مَعَنا في سيرَتِهِ معَ الحديثِ الشَّريفِ.
نبذة عن الحميدي:
هوَ: الرَّاوِي المُحَدِّثُ، أبوبكرٍ، عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ بنِ عيسَى بنِ عبيدِ اللهِ القُرَشِيُّ الحُمَيْدِيُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ جيلِ تَبَعِ أتْباع التَّابعينَ، منْ أهلِ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، أدْرَكَ جيلَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ ورَوَى الحديثَ عنْهُم، وكانَ مُشْتَهِراً بِصُحْبَةِ سُفْيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، أقامَ في مَكَّةَ زمناً حتَّى تُوفِّيَ فيها في العامِ التَّاسِعِ عَشَرَ بعدَ المائَةِ الثَّانِيَةِ منَ الهِجْرَةِ يرْحَمُهُ اللهُ.
روايته للحديث:
كانَ عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ الحُمَيْدِيُّ منْ رُواةِ الحديثِ منْ زَمنِ تَبَعِ أتْباعِ التَّابعينَ، وقدْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ كثيرٍ منَ الرُّواةِ منْ أمْثالِ: سُفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ ومرْوانِ بنِ مُعاوِيَةَ الفَزارِيِّ والوَليدِ بنِ مُسْلِمٍ القُرَشِيِّ وبِشْرِ بنِ بَكْرٍ التِّنِّيسِيِّ وإبْراهيمَ بنِ سَعْدٍ وعبدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ وحَرْمَلَةَ بنِ عبدِ العَزيزِالحِجازِيِّ والفُضَيْلِ بنِ عياضٍ ووكيعِ بنِ الجَرَّاحِ وعبدِ العَزيزِ العَمِيِّ وغيرِهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
أمَّا منْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ الحُمَيْدِيِّ فَمِنْهُمْ: الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ إسْماعيلَ البُخارِيُّ وأبي زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وبِشْرُ بنُ موسَى ومُحَمَّدُ بنُ إدْريسَ المَكِّيُّ وأحْمَدُ بنُ الأزْهَرِ وسَلَمَةَ بنِ شبيبٍ وغيرِهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
من رواية الحميدي للحديث:
مِمَّا ورَدَ منْ رِوايَةِ الحديثِ النَّبويِّ منْ طريقِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ الحُمَيْدِيِّ ما أوْرَدَهُ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ إسْماعيلَ البُخارِيُّ يرْحَمُهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ الجَنائِزِ: (( حدَّثَنا الحُمَيْدِيُّ، حدَّثَنا سُفْيانُ، حدَّثَنا أيُّوبُ بنُ موسَى، قالَ: أخْبَرَنِي حُمَيْدُ بنُ نافِعٍ، عنْ زَيْنَبِ بنتِ أبي سَلَمَةَ، قالَتْ: لمَّا جاءَ نَعْيُ أبي سُفْيانَ منَ الشَّأْمِ دَعَتْ أمُّ حَبيبَةَ رَضِيَ اللهُ عنْها بِصُفْرَةٍ في اليَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عارِضَيْها وذِراعَيْها، وقالَتْ: إنِّي كُنْتُ عنْ هذا لَغَنِيَّةً، لوْلا أنِّي سمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقُولُ: ( لا يَحِلُّ لامْرأَةٍ تُؤْمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ علَى مَيِّتٍ فوقَ ثلاثٍ إلَّا علَى زوْجٍ؛ فإنَّها تُحِدُّعليْهِ أرْبَعةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً) رقمُ الحديثِ 1280 )).