يوجد العديد من أنواع البيوع المنهي عنها لأسباب تعلّقت بلازم العقد، ومنها اشتمال العقد على الربا، وأطلق عليها البيوع الربوية، فالربا من المعاملات المنهي عن التعامل فيها، لِما لها من أضرار مادّية واجتماعية تعود على المجتمع بشكل عام والأفراد بشكل خاص، ولذلك علينا بالتعرف على البيوع التي تشتمل على الربا لأخذ الحيطة والحذر من التعامل بها.
البيوع الربوية:
أولاً: بيع العينة:
هو بيع العين (السلعة) مقابل ثمن زائد عن قيمتها مؤجّل، ثمّ إعادة بيعها لمالكها بثمن أقل نقداً ومعجل، أو أن يبيع التاجر السلعة بثمن مؤجل مع اشتراط بيعها له مقابل ثمن أقل نقداً قبل استلام الثمن الأوّل. ويُعتبر بيع العينة قرضاً بصورة بيع، لتسهيل الحصول على الزيادة (الفائدة) بصورة أخرى، ومثله بيع التورّق وهو دخول طرف ثالث وشراء السلعة من المشتري بسعر أقل، وهذا غير جائز عند جمهور الفقهاء، إلا عند الحنابلة علىأن يكون قصد المشتري الأول المال.
وبيع العينة من البيوع المحرّمة عند جمهور الفقهاء، إلّا عند الشافعية فهو جائز؛ لأنّهم نظروا إلى ظاهر العقد مع عدم اعتبار النية، لكن وجه الربا ظاهر في بيع العينة لأن الثمن لا يدخل في ضمان البائع قبل استلامه، وفي ذلك نص شرعي من السنة النبوية دلّ على تحريم بيع العينة لأنه من أسس الربا.
ثانياُ: بيع المحاقلة:
هو عقد يتم من خلاله بيع الزرع في سنبله، مقابل ثمن مكيل على أساس التخمين، وهو عقد محرم ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء؛ لأن بيع المكيل بجنسه على أساس التخمين فيه شُبهة ربا، لأن التخمين لا يُحقق التماثل.
ثالثاً: بيع المزابنة:
وهو تقدير الرطب الذي ما زال على النخل بمقدار محدد وبيعه مقابل مقدار من التمر المجذوذ (الناضج)، واتفق الفقهاء على عدم جواز هذا البيع، فقد نهى النبي _عليه الصلاة والسلام_ عن بيع المزابنة والمحاقلة، خوفاً من الوقوع في الربا بسبب جهالة مقدار الرطب على النخل، ومثله بيع الزيتون بالزيت وبيع القمح بالطحين.
رابعاً: بيع بيعتان في بيعة:
تعددت أقوال الفقهاء حول معنى بيعتين في بيعة، ومنها:
- بيع السلعة بثمنين إذا كان نقداً، وإذا كان نسيئة (دَيناً)، ويفترق العاقدان دون الاتّفاق على ثمن محدد.
- بيع السلعة بثمن محدد نقداً، أو ثمن زائد مؤجلاً، وللمشتري الخيار.
- بيع سلعة لشخص بثمن محدد، مقابل اشتراط شراء سلعة أخرى منه، مثل أن يقول البائع للمشتري: بعتك السيارة بألفين على أن تبيعني بيتك بعشرين ألفاً، وهنا صفقتين في صفقة واحدة.
- أن يشترط البائع على المشتري استخدام السلعة لمدة معينة، بعد أن يبيعه إياها.
وهذه الصور من بيعتان في بيعة غير جائزة باتّفاق الفقهاء، وهي محرّمة من باب سد الذرائع.
خامساً: بيع ما لم يُقبض:
هو بيع شيء قبل قبضه، وهذه الصورة من البيوع منهي عنها بما يتعلّق فقط بالطعام، بسبب سهولة تغيّر الطعام بخلاف السلع الأخرى، ويجوز بيع غير الطعام قبل قبضه؛ لأنّ النصوص الشرعية من السنة النبوية التي دلّت على عدم البيع قبل القبض، جميعها اقتصرت على تحريم بيع الطعام قبل قبضه.
سادساً: بيع الكالئ بالكالئ:
وهو بيع دَين بدَين، وقد يُباع الدَّين من المدين نفسه، أو من قبل غير المدين، واتّفق الفقهاء على تحريم بيع الدين لغير المدين، ولكن هناك خلاف في حكم بيع الدَّين ممن هو عليه، حيث أجازه الحنفية، وحرّمه الجمهور إلّا في ظروف معيّنة، ولهذا البيع عدّة صور، منها:
- فسخ ما في ذمة المدين مقابل شيء يتأخر قبضه عن زمن فسخ الدّين، وسواءً بحلول أجل الدَّين أو بعدم حلوله.
- بيع الدَّين مقابل دَين آخر لغير المدين، ولو كان أجل الدّين حالّاً.
- عدم قبض الثمن في حال إنشاء عقد بيع السلم، أي تأخير رأس مال عقد بيع السلم.
وأجاز الفقهاء بيع الدّين من المدين، بحجة أنّ مانع السداد هو العجز عن تسليمه، وانتهاء الحاجة للمال المُقتَرَض، أي تأخير سداد الدَّين دون الزيادة في مقداره.
سابعاً: بيع الرطب بالتمر:
هو بيع الرطب مقابل التمر، وهو بيع من البيوع الربوية، لأنه جنس من الأموال الربوية، كما نهى النبي _عليه الصلاة والسلام_ عن بيع التمر بالرطب؛ لأنّ الرطب ينقص إذا جفّ، وهنا يتحقق التباين في البدلين من جنس واحد، فتتحقق صورة الربا في ذلك.