قصة حصان في الصحراء

اقرأ في هذا المقال


الكثير من الأشخاص ينظرون إلى ما لا يملكه غيرهم، ويعتقدون أنهم الأفضل، ولكن خلقنا الله لنكمل بعضنا البعض؛ فلا يوجد أحد يمتلك ميزات كاملة، سنحكي في قصة اليوم عن حصان صغير سريع المشي ولكنّه كان يتذمّر من الجمل العجوز الذي كان يسير معه في نفس القافلة لبطئه، ولكن عندما سار معه وواجه العواصف والتعب شعر أن الجمل هو حيوان قوي ويمكن الاعتماد عليه في أصعب المواقف، وأدرك أنّ الجمل يمتلك شيئاً لا يملكه هو على الرغم من بطئه في السير.

قصة حصان في الصحراء:

كان هنالك حصان صغير يحب العدو السريع ومسابقة الرياح في جريه، وكان مليئاً بالنشاط والحيوية ولديه القدرة على أن يجعل التراب والرمال تتطاير من شدة سرعته، ولكن هذا الحصان كان دائماً يرافق الجمل العجوز الذي كان مضطرّاً لانتظاره في أغلب الأحيان، هذا الجمل كان يأكل كثيراً وبعد الانتهاء من الطعام يشرب كميات كبيرة من الماء.

وفي مرة من المرات قال الحصان للجمل: لقد سمعت أنّه يجب علينا الانتقال من هذا المكان والذهاب لمكان آخر، هل تستطيع ذلك أيها الجمل العجوز؟ رد عليه الجمل: حسناً سأرى إن كنت أستطيع ذلك أم لا، وفي اليوم التالي جاء صاحب الجمل ووضع عليه الأحمال والأثقال، وأمره صاحبه بالمشي، ولكن الجمل كان بطيء الحركة بينما الحصان شعر أنه مل من الانتظار وصهل تعبيراً عن بدئه بالجري.

شعر الحصان أن صبره قد نفذ من هذا الجمل فصاح به قائلاً: أرجوك أيها الجمل أسرع في مشيك فهذا الرجل صاحبنا لا يرحم، ولكن الجمل حتى بعد محاولته بالإسراع لم يستطع إلا أن يمشي ببطء بسبب الأثقال الطويلة التي يحملها.

فجأةً أسرع الحصان وقال للجمل: هيا أسرع وإلّا ستتخلّف عن القافلة، وقام بالركض باتجّاه قمة التلّة، ولكن فجأةً اصطدم حافره بإحدى الحجارة ممّا جعله يشعر بألم شديد في قدمه، ومن شدّة ألمه صار يعرج بمشيه، وبدا وكأن الجمل يمشي مثل سرعة الحصان، بدأ الحصان يشعر بالظمأ الشديد؛ لأن الجو كان حارّاً وجافّاً، فاقترب منه الجمل فوجده مرهقاً، قام الرجل بسقاية الحصان من الماء بينما الجمل لم يشعر بأي ظمأ.

مع مرور الوقت وبينما كان الحصان والجمل يسيران تحت أشعة الشمس؛ ازدادت درجات الحرارة حتى شعر الحصان أن السماء تحوّلت لومضات من الحرارة كالبحر، شعر الجمل أن الحصان تعب كثيراً؛ فقرّر أن يبرك على الأرض.

استلقى الحصان بجانب الجمل، وفي الليل تحوّل الطقس من جاف وحار إلى بارد جدّاً، شعر الجمل بالاندهاش؛ كيف تحوّلت السماء الصافية المليئة بومضات الحرارة العالية إلى سماء صافية وباردة، وعند وقت الفجر قام الجمل وتابع سيره، وكان الحصان الصغير يمشي وراءه ويتبعه كظلّه خطوة فخطوة.

سار الجمل وكان الحصان يسير وراءه لمسافات طويلة؛ وقتها شعر الحصان الصغير أن سرعته أصبحت مثل سرعة الجمل العجوز تماماً، بل إن الجمل كان يسبقه في بعض الخطوات، وفجأةً هبّت عاصفة رملية قوية مليئة بالرمال الهوجاء، في هذا الوقت وقف الجمل واستطاع أن يرفع رأسه ويواجه هذه العاصفة القوية؛ بينما كان الحصان الصغير عاجزاً عن ذلك، وقام بالانحناء ودفن رأسه وسط الرمال من شدة هبوب العاصفة.

نظر الجمل للحصان وقال له: لا عليك أيها الحصان فقط احتمي بوبري لحين انتهاء هذه العاصفة، فنهض الحصان ووضع رأسه داخل وبر الجمل الكثيف؛ ليحمي أنفه وعينيه من الرمال التي قد تسبّب له عدم وضوح الرؤية، وبعد انتهاء هذه العاصفة كانت جميع الحيوانات في القافلة ومن بينهم الحصان مرهقين جدّاً، ومن شدة العاصفة الرملية كانت الرؤية غير واضحة تماماً.

شعرت جميع الحيوانات بالإحباط؛ فلا أحد منهم يعرف إلى أين سيتجه وكيف سيروي ظمأه الشديد بعد السير كل هذه المسافات الطويلة، وهبوب العاصفة الرملية التي جعلتهم أشد عطشاً من قبل، نظر الجمل من حوله ووقف وقال للحيوانات: لا عليكم أنا أعرف إلى أين سنتجه وسأدلّكم على بحيرة قريبة.

فرحت جميع الحيوانات بذلك وبدأت تتبع هذ الجمل حتى استطاع أن يأخذهم إلى بحيرة قريبة، شرب منها الحصان الصغير وجميع الحيوانات حتى الارتواء، وعندما نظر الحصان لنفسه في البحيرة، رأى انعكاس وجهه وتفاجأ؛ فشعر أنّه لا يشبه نفسه أبداً لأنّه مليء بعلامات التعب والإرهاق، بينما كان الجمل لا يبدو عليه ذلك، في ذلك الوقت شعر أنّه نادم لكثرة تذمّره من بطء الجمل وأدرك أنّه صديق يعتمد عليه في جميع الحالات.


شارك المقالة: