تُعد قصة قبو الفرسان القدامي في كيفهاوزر هي قصة ألمانيّة شعبيّة، قامَ الكاتب تشارلز جون تيبيتس بتأليفها في عام 1892م. حيث نُشرت هذه القصة في كافة مطابع مدينة برلين في جمهورية ألمانيا الاتحادية وفي بعض المطابع في مدينة لندن في المملكة المتحدة وفي مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
الشخصيات:
- الفتاة الصغيرة.
- والد الفتاة الصغيرة.
- بائع الشراب الجشع.
- المرأة العجوز.
- الكاهن الساحر.
قصة قبو الفرسان القدامي في كيفهاوزر:
كان هناك رجل فقير يسكن في بلدة تيلدا، كان يُعتبر رجل لطيف وشهم للغاية. وفي أحد المرات أجبره أحد أصدقاءه بالتكفل بكافة مصاريف تعميد طفله، ووفقًا للعرف السائد في المنطقة في ذلك الوقت كان ملزمًا بصنع وليمة بسيطة لرعاية الطفل وأقربائه. وبالفعل حضَّر وليمة لا بأس بها، ولكن سرعان ما نفد الشراب من أمام الضيوف وبدأوا بالمطالبة بالمزيد منه، كان الرجل فقير للغاية لدرجة عدم مقدرته على شراء المزيد من الشراب، ولكنهم بدأوا بالبحث عنه في الأسواق ولكن دون جدوى. قال الأب المرح لابنته الكبرى وهي فتاة جميلة في السادسة عشرة من عمرها: اذهبي واحضري لنا شرابًا أفضل من هذا من القبو.
قالت الفتاة: من أي قبو؟ قال والدها مازحًا: من قبو الشراب الكبير الخاص بالفرسان القدامى في كيفهاوزر، بكل تأكيد. فعلت الفتاة البسيطة التفكير كما قال لها وأخذت في يدها إبريقًا صغيرًا وذهبت إلى الجبل. وفي وسط الجبل، وجدت الفتاة الصغيرة امرأة عجوز ترتدي ثيابًا ذات أسلوبًا قديمًا للغاية ومعها مجموعة كبيرة من المفاتيح في حزامها وكانت جالسة عند المدخل المدمر لقبو ضخم. صُدمت الفتاة لما شاهدته، ولكن المرأة العجوز قالت بلطف شديد: أتريدين بعض الشراب من قبو الفرسان؟
قالت الفتاة بخجل: نعم، ولكن ليس لدي مال. قالت المرأة العجوز: لا تهتمي بهذا، تعالي معي سأعطيك الشراب مقابل لا شيء، وبالطبع سيقول والدك بأنَّه أفضل من أي شراب قد تذوقه في كل حياته. وبعدها دخلت الفتاة الصغيرة برفقة المرأة العجوز إلى القبو، سألت الفتاة المرأة العجوز: كيف كانت الأمور تجري في القِدَم في تيلدا؟ قالت: قديمًا عندما كنت صغيرة وحسنة المظهر مثلك، خطفني الفرسان بعيدًا في الليل وأخذوني عبر حفرة في نفق في الأرض يتواجد أسفل المنزل الذي تسكنيه الآن في تيلدا، والذي أصبح الآن ينتمي إلى والدك. وأنا خادمتهم الشخصية منذ ذلك الوقت.
وصلوا إلى باب القبو الذي فتحته السيدة العجوز، كان قبوًا فسيحًا كبيرًا جدًا وتتراكم البراميل على جانبيه. قامت السيدة العجوز بضرب البراميل، كان بعضها ممتلئًا تمامًا والبعض الآخر نصف ممتلئ فأخذت الإبريق الصغير الذي كان مع الفتاة ووضعت الشراب فيه وقالت: خذي هذا إلى والدك وكلما كان لديك وليمة في منزلك يمكنك القدوم إلى هنا مرة أخرى، ولكن لا تخبري أحدًا غير والدك من أين تحصلين على الشراب.
ثم أكملت قائلة: ويجب عليك ألّا تبيعي من هذا الشراب أبدًا، فمهما كانت ظروفك لا يجب عليك القيام بذلك. كما أنَّك بمجرد حصولك لهذا الشراب، لا يجب عليك استبداله بأي شيء مهما كلفك الأمر. أخذت الفتاة الشراب إلى والدها الذي كان ضيوفه سعداء للغاية بالشراب، كان والدها مندهشًا من الشراب الذي أحضرته الفتاة فلم يكن كأي شراب قد تذوقه في كل حياته. وبالطبع تساءل الجيران عن المكان الذي من الممكن لرجل فقير للغاية الحصول منه على مثل هذا الشراب اللذيذ، فلا يوجد مثله في جميع أنحاء البلاد.
لم يقل الأب كلمة لأحد ولا ابنته، ولكن تساءل بائع الشراب الذي حضر عن هذا الشراب وقال لنفسه: لقد تذوقت شراب الفرسان القدامى ذات مرة واعتقد بأنَّه نفسه. وأكمل لنفسه قائلًا: يمكنني الحصول عليه وخلطه بكمية كبيرة من الماء وبيعه بسعر جيد للغاية، فأنا أظن بأنَّ مثل هذا الشراب لن يفسد حتى بعد خلطه. وبناءً على ذلك، عندما ذهبت الفتاة للمرة الرابعة مع إبريقها الصغير إلى كيفهاوزر للحصول على الشراب، تسلل بائع الشراب وراءها واختبأ بين الأدغال، حيث شاهدها تخرج من المدخل المؤدي إلى القبو ومعها إبريق مليء بالشراب.
وفي المساء التالي، ذهب البائع نفسه إلى الجبل ودفع أمامه في عربة أكبر برميل فارغ يمكنه الحصول عليه؛ لملئه بالشراب. كان يفكر في ملئه من القبو وفي الليل يذهب إلى أسفل الجبل، وبهذه الطريقة كان ينوي أنْ يأتي كل يوم طالما أنَّ هناك أي شراب متبقي في القبو. وعندما وصل إلى المدخل الذي رأى فيه في اليوم السابق مدخل القبو، أصبح المكان مظلمًا تمامًا بشكل مفاجئ وبدأت الريح تعصف بشكل مخيف. وفجأة ألقى به وحش كبير من أعلى الجبل وظل يتدحرج على الصخور الكبيرة والمدببة حتى سقط أخيرًا في المقبرة.
وهناك رأى أمامه نعشًا مغطى باللون الأسود ورأى وزوجته وأربعة من خدمها، الذين كان يعرفهم جيدًا من خلال لباسهم وشخصياتهم، يتابعون النعش ويقرأون بعض التعاويذ التي كانت غريبة وغير مفهومة تمامًا. كان خوفه شديدًا لدرجة أنَّه أغمي عليه وسقط أرضًا. وبعد بضع ساعات، عاد وعيه إليه ورأى بأنَّه لا يزال في المقبرة التي كانت فيها الإضاءة خافتة وسمع فوق رأسه بالضبط ساعة بلدة تيليدا المعروفة تضرب دقات الثانية عشرة.
وعرف بأنَّه تحت الكنيسة في مقبرة المدينة، كان شعوره كأنَّه ميتًا وليس حيًا وبالكاد يجرؤ على التنفس. وفي هذه اللحظة جاء راهب إلى الرجل ووضع في يده قطعة من الذهب دون أنْ يتكلم ووضعه عند سفح الجبل. كانت تلك الليلة ليلة باردة للغاية، ولكنها كانت نوعًا ما هادئة فلم يُسمع صوت أي حيوان ولم تكن هناك أي نسمات هواء. وتدريجيًا استعاد البائع وعيه وزحف بدون أي قطرة شراب إلى منزله.
وعندما وصل إلى البيت، طرق الباب طرقات متعبة تكاد لا تكون مسموعة الساعة، ففتح أحد الخدم الباب له وأخذه على الفور إلى سريره، وفي غضون ثلاثة أيام كان الرجل ميتًا وتم إنفاق قطعة الذهب التي أعطاها له الراهب الساحر في جنازته. ولم يُعرف أبدًا ما حصل له وما كان السبب في وفاته، فعندما اعتنت به الممرضة كان وضعه الصحي جيد نوعًا ما. وبالعودة إلى الفتاة الصغيرة، كانت تجلب الشراب لوالدها اللطيف في كل مناسباته وبالطبع كانت تسمع لكلام المرأة العجوز، فلم تبعه أبدًا ولم تُفكر باستبداله بأي شيء أبدًا. وعاشت حياة سعيدة مع والدها طيلة عمرها، وكانت هذه هي نهاية القصة.