كيفية تأثير اللغة على الدماغ

اقرأ في هذا المقال


أهمية اللغة وتأثيرها على الدماغ البشري:

أظهرت العديد من الدراسات اللغوية أن تعلم أكثر من لغة واحدة مفيد للعديد من جوانب الحياة المختلفة، ولكن تتمركز الفائدة بشكل خاص للعقل البشري. حيث وجدت دراسة سويدية أجرتها جامعة لوند أن تعلم اللغة يحفز نمو مناطق معينة من الدماغ. كما يقول بعض العلماء اللغويون أن الدماغ عضلة ويمكننا تقويته، على سبيل المثال، من خلال تعلم لغة أجنبية.

يتحدث العديد من الأفراد في العالم لغتين وأكثر بطلاقة، ولكن من الممكن أن يكون من الصعب التبديل بينهما بسهولة، فعلى سبيل المثال، الكثير من متحدثي اللغة الإسبانية يستخدمون حروف جر من اللغة الإنجليزية خلال حديثهم؛ وذلك لأن العقل من الممكن أن يتشوش بسبب معرفته لأكثر من لغة.

تأثير اللغة الثانية على الدماغ:

أحدثت تعددية اللغاتوثنائية اللغة جدل كبير بين علماء اللغة وعلماء النفس منذ عشرينيات القرن الماضي، فاعتقد العديد من الخبراء أن الأطفال ثنائيّ اللغة كان مصيرهم المعاناة من إعاقات معرفية في وقت لاحق من حياتهم.

ولكن مع إجراء العديد من الدراسات لعلم اللغة، وضح عالم اللغويات النفسي مارك أنتونيو من جامعة ويسترن سيدني في أستراليا كيف أن ثنائية اللغة، والتي تعني استخدام لغتان على الأقل في حياتك اليومية، قد تفيد أدمغتنا خاصة مع تقدمنا ​​في العمر. وقد بينت هذه الدراسة أفضل السبل لتعليم اللغات للأطفال، ووضع فيها مارك أنتونيو أدلة على أن استخدام لغات متعددة على أساس منتظم قد يساعد في تأخير ظهور مرض الزهايمر.

ما هي فوائد ثنائية اللغة؟

تكمن الأهمية الرئيسية لثنائية اللغة، أن الشخص ثنائيّ اللغة تكون لديه القدرة على التحكم بانتباهه وتوجهاته وإدارته المعرفية وقدرته على التخطيط. كما أنه لديه القدرة على تجاهل المعلومات التي لا الصلة لها في الحديث والتركيز على ما هو مهم. ونظرًا لأن الشخص ثنائيّ اللغة يتقن لغتين، يتم تنشيط اللغات تلقائيًا ولا شعوريًا في دماغه؛ وذلك لأن الشخص يدير باستمرار تداخل اللغات، بحيث لا يستخدم كلمات من اللغة الثانية أثناء حديثه باللغة الأولى.

تعد الوظائف التنفيذية المسؤولة عن تحكم الشخص بقدراته المعرفية، هي أكثر وظائف الدماغ تعقيدًا، فتعتبر هذه الوظائف البشرية هي ما يميزنا عن القردة والحيوانات الأخرى. وغالبًا ما يتم ملاحظة هذه الوظائف في أجزاء الدماغ التي تعد الأكثر حداثة من الناحية التطورية، وتشمل هذه الأجزاء، قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن المعالجة المتقدمة والتلافيف فوق الحدية الثنائية التي تلعب دورًا في ربط الكلمات والمعاني والحزامية الأمامية.

وإذا تعمقنا في دراسة الدماغ وتأثيره على اللغة، نرى زيادة في حجم المادة الرمادية. حيث يتكون الدماغ من خلايا تسمى الخلايا العصبية، ولكل منها جسم خلية واتصالات متفرعة صغيرة تسمى التشعبات. وتشير المادة الرمادية إلى عدد أجسام الخلايا والتشعبات الموجودة، فتجعل التجربة ثنائية اللغة المادة الرمادية أكثر كثافة، وهذا يدل على أنك تمتلك العديد من الخلايا، وهو مؤشر على صحة الدماغ.

هل يمكن أن يؤدي تعليم الأطفال لغتين إلى تأخير وإرباك فهمهم والتأثير على دماغهم؟

تشير بعض الدراسات القديمة التي أُجريت في فترة الحرب العالمية الأولىوالحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة الأمريكيةوالمملكة المتحدة، إلى أن الأطفال من الممكن أن تضطرب قدراتهم المعرفية إذا تعرضوا للكثير من اللغات في نفس الوقت. حيث شملت هذه الدراسة أطفالًا من البلدان التي دمرتها الحروب، من لاجئون وأيتام والمعتقلون في معسكرات الاعتقال، وقد تبين أنهم قد عانوا من العديد من الصدمات، نتيجة تركهم لمدارسهم وانقطاعهم عن تعلم لغتهم الأم.

ولكن في الستينيات من القرن الماضي، نشر اللغويون إليزابيث بيل وأليس لامبرت دراسة مهمة في جامعة ماكجيل في مونتريال، تبين أن الأطفال ثنائيّو اللغة لا يعانون من تأخر معرفي أو تخلف عقلي، وتبين أن ثنائية اللغة لديهم لها بعض الفوائد المعرفية.

هل يختلف تعلم اللغات في مرحلة الطفولة عن تعلم اللغات في سن متأخر؟

كان يُعتقد لفترات طويلة أن الطريقة الوحيدة لتعلم لغة ما، هي محاولة تعلمها في سن صغير، وأن تعلم اللغة لدرجة الاحتراف بعد فترة المراهقة يُعتبر أمر صعب وحتى أنه أمر مستحيل؛ وذلك لأن أهم ما يميز اللغة هو اللهجة ومن الصعب أن يتقن الفرد اللهجة في سن متأخر. ولكننا نعلم الآن أن هذا ليس أمرًا صحيحًا، فهناك العديد من الأشخاص الذين يتعلمون اللغات كبالغين ويتقنوها بشكل جيد للغاية.

هل يختلف عمر الدماغ ثنائي اللغة عن دماغ أحادي اللغة؟

تشير بعض الدراسات أنه بدءًا من بلوغ الشخص 25 عامًا يبدأ دماغه في التدهور، من حيث الذاكرة العاملة والكفاءة وسرعة المعالجة. ومع التقدم في العمر، تصبح هذه الانخفاضات في جودة الدماغ أكثر حدة، ولكن تبين أن الأشخاص ثنائيو اللغة تقل هذه الانخفاضات لديهم بشكل كبير مقارنة بأحادي اللغة.

قام أحد علماء اللغة بإجراء دراسة على كبار السن، وتبين في دراسته أن كبار السن اللذين كانوا ثنائيّ اللغة أو متعددي اللغات، واكتسبوا هذه اللغات في سن صغير، تعرض دماغهم للتلف بشكل قليل جدًا. وهذا يدل على أن عمر دماغ الشخص ثنائيّ اللغة أو متعدد اللغات، يعتبر نوعًا ما أطول من عمر دماغ أحاديّ اللغة.


شارك المقالة: