فن الكتابة فن عظيم جدّاً خصوصاً في العصور القديمة، لقد حظي الكتّاب قديماً بمكانة عالية جدّاً؛ فقد كانوا أصحاب فكر وثقافة وعلم وكانت أعمالهم تدوّن في التاريخ وتم اعتبارها من الأعمال الخالدة، العصر الأموي والعصر العباسي كانت من العصور التي ظهر فيها مظاهر العز والترف وازدهار الدولة الإسلامية وازدهرت فيهما الكتابة بشكل كبير، لكن هنالك بعض الفروق بين العصرين في خصائص الكتابة وأسلوبها سنذكرها في هذا المقال.
أسلوب الكتابة في العصر العباسي وخصائصه:
كانت الكتابة والكتّاب في العصر العباسي ذو مكانة كبيرة؛ حيث كان الكتّاب من أحد أهم الأشخاص الذين يقومون الخلفاء والولاة بوقتها بأخذ رأيهم بكثير من القضايا لدرجة أن كان منهم يشغل منصب مساعد الوزير وكانت من أهم وظائفهم في هذا العصر:
- تراجم الملوك حيث كانوا يكتبون كل ما يجول بذهن الملوك والولاة من أفكار ويساعدوهم على التراسل مع الآخرين.
- كتّاب الخراج الذين يتابعون جميع القضايا التي تختص بأموال الدولة.
- تدوين أسماء وصفات وكل المعلومات المختصّة بالجنود؛ ليستنّى للحكّام معرفة كل ما يختص بالجيوش.
- الكتّاب مصدر الفخر ومصدر الثقافة والمعلومات.
- الكتّاب في العصر العباسي لهم كبير الأثر على الناس في الإقناع؛ حيث لديهم المعرفة والمعلومات حول الكثير من القضايا.
- من أشهر أنواع الكتابة التي كان يمارسها الكتّاب في العصر العباسي هي الشعر والنثر وكان من عظماء وجهابذتها في هذا العصر المتنبي، ولكن الشعر كان له الاهتمام الأكبر؛ حيث كان يستخدم للمدح في مجالس الملوك.
وكانت الكتابة لها عدّة استخدامات في العصر العباسي مثل:
- المدح والذي كان أكثر ما يستخدم بالشعر الذي كان من أهدافه الوصول لرضا الحكّام والدفاع عن وجهات النظر السياسية، ولكن من شروط المدح هو ذكر الأخلاق الحميدة به مثل الشهامة والشجاعة وعدم الابتذال، ومن أشهر ما كتب بالمدح في ذلك العصر الشاعر العظيم أبو تمام.
- الهجاء والذي نشأ على إثر الخلافات المتنوّعة فكان الشعراء يستخدمون الهجاء كنوع من التخاصم أو إثبات النفس؛ حيث كان الشعراء يقومون بهجاء الشعراء أو الأشخاص الآخرين ويستخدمون أسلوب التحقير والذم، ومن أشهر من كتب في شعر الهجاء في ذلك العصر هم: أبو نواس، ابن الرومي، الخزاعي وغيرهم.
- الرثاء والذي كان يستخدم لتوديع السلاطين والمتوفين من الأشخاص المقربين والمحبوبين؛ حيث كان الشعراء يستخدمون الألفاظ الرقيقة المؤثرة لحد البكاء، وتم تدوين الكثير من أشعار الرثاء لقوة تأثير ألفاظها.
- مع ظهور الحياة المليئة بالترف والرفاهية كثرت قصص الحب والمشاعر اللطيفة، وكان الشعراء يستخدمون شعر الغزل بين المحبوبين بألطف وأجمل الكلام.
ومن أهم خصائص الكتابة في العصر العباسي:
- شمول الكتابة جميع مناحي الحياة؛ حتّى أنّها تناولت الحديث عن الطبيعة والأشجار.
- اهتمام الكتابة بجانب المهندسين والبناء.
- اهتمام الكتابة بجانب الحديث عن الفقراء من العمال والمزارعين والطبقة الكادحة.
- ظهر في أسلوب الكتابة مظاهر الحضارة ورقي الألفاظ.
- الإبداع في الكتابة في ذلك العصر واستخدام الزخرفة الشعرية؛ حيث كان الشعراء يزخرفون ألفاظهم كزخرفة المهندس لعمارته.
أسلوب الكتابة في العصر الأموي وخصائصه:
من أهم الفروق التي تميّز هذا العصر في الكتابة عن الكتابة في العصر العباسي هي أنها كانت محددّة المواضيع، واهتمت بذكر الآباء والأجداد على العكس من الكتابة في العصر العباسي التي لم تذكرهم بشكل كبير، وكانت أغلب الاستخدامات للكتابة في العصر الأموي هي:
- استخدام الرسائل الكتابية بشكل كبير جدّاً.
- كثرة التراسل بين الدولة والثوار؛ حيث كانت الحروب كثيرة في هذا العصر.
- الكتابة والتراسل بين الحاكم وولاة المدن المختلفة.
- كثرة الرسائل السياسية كذلك.
من أكثر ما كان يميز الكتابة في العصر الأموي أنها كانت تكتب عن التنازع وهجاء الآخرين ومن خصائصها أيضاً:
- استخدام المحسنات البديعية وأكثرها السجع؛ وذلك لتزيين الكلام وإعطاؤه عنصر الموسيقى.
- انتشار استخدام الصور في الكتابة بشل كبير.
- استخدام أرقى الألفاظ.
- استخدام أسلوب الازدواج من أجل التأكيد على المعنى.
- استخدام عدّة أساليب مثل الإيهام والادعاءات.
- وجود عنصر التوازن في الكتابة حيث كان الاستخدام للطباق والتصوير بشدة.
- التركيز على القصائد التي تعتبر تدوين التاريخ بكثرة وكل ما يخصه.
- التأثّر كثيراً باستخدام المصطلحات الإسلامية التي تختص بالقرآن الكريم والسنة النبوية.
- كثرة الشعر المختص بالحديث عن التعصب.
- ظهور فن الخطابة بكثرة ؛ وذلك لترسيخ معاني الدين الإسلامي بالدفاع عن آرائه وأحكامه وشريعته وأهدافه.
- النضوج في الكتابة وتميّز الكتّاب وإبداعهم في ذلك العصر.
- ظهور الكاتب والخطيب المعروف الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي كان يمتاز بقوة ألفاظه وفصاحتها.
- ظهور الكتب والمؤلّفات المميزة في ذلك العصر ومنها كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع.