المنهج التاريخي في علم الاجتماع الرياضي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم علم الاجتماع الرياضي:

علم الاجتماع الرياضي: هو أحد العلوم الرياضية الاجتماعية، وهو الذي يعمل على الاهتمام بالدراسة العلمية لسلوك الأفراد والجماعات خلال ممارستهم للأنشطة الرياضية بمختلف أنواعها وتصنيفاتها، كما تعتبر الرياضة صورة من صور السلوك الاجتماعي الحراكي للمجتمع، لذلك فإن علم الاجتماع الرياضي يعمل على دراسة الرياضة كصورة اجتماعية، وعلاقاتها بمختلف بأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبناء الاجتماعي للمجتمع.

مفهوم المنهج التاريخي في علم الاجتماع الرياضي:

يعتمد علم الاجتماع الرياضي على المنهج التاريخي في جمع حقائقه ومعلوماته، حيث أن استعمال هذا المنهج يدفع المختص أو الباحث للرجوع للمصادر النظرية العلمية، الدراسات السابقة، الأدبيات التاريخية عن الموضوع بهدف اختيار ما يتعلق منها بموضوع الدراسة أو البحث الذي يريد الباحث (المختص) إجراؤه، كما أن المنهج التاريخي يدرس الظاهرة أو العلمية الاجتماعية الرياضية دراسة تاريخية فلسفية تربطنا بين الماضي والحاضر والمستقبل.
حيث يمكن استعمال الطريقة التاريخية في دراسة النظم الرياضية، من حيث أصولها وجذورها الاجتماعية ومراحل نموَّها وتطورها والمشكلات التي ترافقها، ولا تزال ترافقها، كما أنها تتجسد النظم والمؤسسات الرياضية على اختلاف أنواعها ومستوياتها، حيث أن الطريقة التاريخية في علم الاجتماع الرياضي لا تدرس النظم والمؤسسات الرياضية، بل تدرس معها البنية الاجتماعية التي تمر بها النظم الرياضية هي نفس المراحل التي تمر بها بقية النظم والاجتماعية، حيث تحوّل النظم الرياضية من شكل إلى شكل ثاني، ولا بُدّ أن يترك آثاره وانعكاساته الواضحة على بقية مؤسسات المجتمع.
كما تدرس الطريقة التاريخية الألعاب الرياضية وعلاقتها بأصول وتطوير البنى المؤسسية في المجتمع، طالما أن الألعاب السباقات الرياضية تتأثر بطبيعة ظروف المجتمع ومعطياتها، وفي ذات الوقت تؤثر فيها بطريقة واضحة ومباشرة، حيث يتم استعمال الطريقة التاريخية في الدراسات الاجتماعية الرياضية التي تريد معرفة التغيرات التي تطرأ على مواقف وقيم الناس تجاه الرياضة والأفراد الرياضيين، فالطريقة التاريخية تحاول اقتناع الناس نحو المواقف المتبادلة التي يحملها المجتمع تجاه الحركة الرياضية.
ففي وقت زمني ماضي لم يحترم المجتمع الرياضة والأفراد الرياضيين للأسباب تتعلق بقيمه ومقاييسه وبمركز الرياضة في المجتمع، ودورها في التغير الاجتماعي التلقائي والمخطط، وفي وقت زمني ثاني كالوقت الزمني الذي نعيشه في الوقت الحاضر، فربما يبدأ المجتمع بتغيير قيمه ومقاييسه السلبية اتجاه الرياضة في المجتمع، ولذلك يجب تبادل القيم والمقاييس المجتمع نحو الأحسن والأفضل، أو الاتصال الحضاري بالشعوب والدول المتقدمة ومعرفة الأهمية الاجتماعية والصحية والنفسية للرياضة و الإنجازات التي يحققها الأفراد الرياضيين في المجتمع.

التغيرات التي طرأت على الألعاب الرياضية:

فيما يتعلق بالألعاب الرياضية فإنها لا تستطيع الحفاظ على شكلها السابق التي كان موجوداً في الماضي، فالألعاب الموجودة في الوقت الحالي ليست نفسها الألعاب التي كانت موجودة في السابق، فالألعاب الموجودة في الوقت الحالي قد مرّ عليها عمليات وتغيرات تطويرية استطاعت أن تغيّر من شكلها إلى شكل ثاني؛ تكيفاً للظروف والمعطيات المميزة للمجتمع.
ويعتقد أحد العلماء بأن التغيّر الذي أصاب الرياضة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر يرجع إلى طبيعة الصفوات الحاكمة التي حكمت تلك الدول خلال تلك الفترة، فعندما كانت الصفوة تفتقر إلى تقاليد العسكرية القوية الحازمة، فإن الألعاب الرياضية كانت تتميز بالهدوء والتسامح وضبط النفس، بينما نلاحظ بأن نفس هذه الألعاب كانت تتميز بالعنف والخشونة خلال فترة من الزمن الماضي، فالعنف والخشونة ترجعان إلى طبيعة المعاملة التي كان الشعب يتلقاها من حكومته.
وفي الوقت الماضي كانت الألعاب الرياضية تمارس دون قوانين وأنظمة وقواعد مسجلة، حيث أن كرة القدم التقليدية كانت تُعدّ من الألعاب الشعبية الممتعة التي أخذت مسميات مختلفة مثل كرة المعسكر أو كرة القذف، حيث أن هذه التسميات تدل أن اللعبة لم تكون متخصصة كما هو الحال في الوقت الحاضر، وعدم التخصص في اللعبة الواحدة ككرة القدم، حيث تجعل اللعبة تتداخل من حيث الأحكام والسياقات والمفرادات مع الألعاب الثانية، كاللعبة الهوكي أو المصارعة أو الملاكمة أو كرة السلة.
كما أنه لا توجد قيود وتحديدات مفروضة على حجم الساحات المخصصة للألعاب الرياضية، فعدد اللاعبين والأوقات المخصصة للعبة كانت تختلف من لعبة إلى لعبة ثانية، فقد يشارك مثلاً عشرات اللاعبين في سباق واحد، حيث كانت المسافة بين الأهداف الموضوعة تتراوح بين ثلاثة أميال إلى ستة أميال، أما وقت السباق يبدأ منذ شروق الشمس إلى غروبها، وقد تستغرق عدة أيام، ومع هذا كان هناك بعض القيود والقواعد التي كانت تفرض على الأفراد اللاعبين للحد والتقليل من تصرفاتهم أثناء اللعب مثل الشِجار، الشتم، عرقلة اللاعبين والتعمد في الإساءة للاعبين، فعلى الرغم من وجود هذه القيود والقواعد فلم توجد ضوابط أو أحكام تحد وتقلل من التصرفات؛ ولذلك لم يوجد حكام أو مراقبو خطوط ولا وسائل ضبط خارجية.
وفي بعض النواحي والمجالات كانت كرة القدم والألعاب الأخرى مشابهة ومماثلة للألعاب الموجودة في اليونان القديم، الألعاب الغير منظمة والغير مرتبة، هي تجسيد وصورة مطابقة للحياة الاجتماعية النفسية المليئة بالعنف والخشونة والتناقضات، حيث أن الألعاب الشعبية التقليدية الممتعة لم تكن مجرد ألعاب كالتي نفهمها في الوقت الحاضر؛ فالألعاب التقليدية القديمة سواء كانت موجودة في العالم العربي أو العالم الغربي، فإنها تُعبّر عن حالة الاقتتال بين الفرق والجماعات المتشابهه، حيث كانت هذه الألعاب كجزء من الطقوس التقليدية والحفلات الوطنية التي تقام في رأس السنة الميلادية ويوم الفصح المجيد.
أما التطورات التي حدثت على لعبة كرة القدم، حيث تحولت اللعبة من لعبة غير متمدّنة إلى لعبة متمدنة خلال العصور والأجيال، حيث أن تطور كرة القدم الحديثة يرجع إلى الأوضاع الداخلية للعبة نفسها، حيث أنه تطوّرها مرتبط بمجمل التغيرات الاجتماعية التي شهدها المجتمع الإنساني عبر مسيرته التاريخية الطويلة، كما يعود تطور ونمو كرة القدم إلى تزايد وانتشار مظاهر التحضر والتصنع التي كانت سبب إلى تغيير نظام المدارس العامة.
وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر كانت المدارس في حالة غير مرتبة؛ أي حالة فوضى وارتباك، فالمعلمون التابعون للشرائح الاجتماعية الفقيرة لم يكونوا قادرين على ضبط والسيطرة على طلابهم التابعين للطبقة العامة الغنية، فالطلاب كانوا لم يطيعوا ولم يُنفّذوا توجيهات المعلمين؛ وذلك بسبب أن المعلمين كانوا من الطبقة الفقيرة الضعيفة، وهذه الثروة جعلت الطلاب الكبار والأقوياء يسيطرون على الطلاب الصغار والضعفاء، حيث ظهر ذلك من خلال ممارسة للعبة كرة القدم، فخلال اللعب كانوا الطلاب الأغنياء يسيطرون على اللاعبين الفقراء، حيث أدت هذه الحالة إلى تكرار حوادث ومواقف العنف في لعبة كرة القدم؛ ممّا أثر تأثيراً سلبياً في نظامها وقواعدها.
كما بادر المعلمون والمدراء إلى تحسين علاقتهم بالطلاب عن طريق اهتمامهم بالألعاب الرياضية، وخاصة كرة القدم، حيث قام المعلمون بإدخال الكثير من الظوابط والقواعد الأخلاقية في لعبة كرة القدم، والتي أصبحت الدور الفعال في تحسين ممارسات الطلاب اللاعبين وتهذيب أخلاقهم، حيث شارك المعلمون في تنظيم لعبة كرة القدم، وقاموا بتحويلها من لعبة شرسة وغير منظمة إلى لعبة منظمة مرتبة، وقاموا بتحرريها من القيود والقواعد؛ ولذلك تحررت لعبة كرة القدم من الممارسات القاسية التي كانت مسيطرة عليهات بالسابق، حيث أصبحت لعبة جديدة وفعالة ومشهورة لها اهميتها في تعويد وبناء الأجسام وتتمية ذكاء الأفرد اللاعبين وصقل شخصياتهم.


شارك المقالة: