العلاقة بين الألعاب الجماعية والصراع الاجتماعي في علم الاجتماع الرياضي:
إن الألعاب الجماعية مثل لعبة كرة القدم، لعبة كرة السلة، لعبة كرة اليد، كرة الطائرة، تجذب أنظار الجمهور المشاهدين أكثر من الألعاب الفردية مثل (لعبة ركوب الخيل، ألعاب القوى)؛ وذلك لأن الألعاب الفردية يمارسها لاعب واحد أو لاعبين فقط؛ أي بمعنى أجواء التحدي تكون قليلة وليس ممتعة، بينما الألعاب الجماعية يمارسها من ثلاثة لاعبين أو أكثر، فعلى سبيل المثال لعبة كرة القدم يمارسها إحدى عشر لاعباً، وكرة الطائرة يمارسها ستة لاعبين.
كما أن احتمالية وقوع الصراع في الألعاب الجماعية أكثر من احتمالية وقوع الصراع في الألعاب الفردية، حيث أن الجمهور في معظم الأوقات يعبر عن تضامنه مع الفريق ككل أكثر من أن يعبر عن تضمانه مع اللاعب الواحد، فعلى سبيل المثال قول إن فريق ريال مدريد قد فاز أقوى من القول بأن اللاعب أحمد هايل قد فاز، حيث أنه من أكثر الظروف ملائمة ومناسبة لظهور جماعة الصراع هو قيام المباريات الدولية بين الفرق المنافسة.
في حين نلاحظ أن الألعاب الفردية مثل لعبة تنس الطاولة أو لعبة الشطرنج أو لعبة السباحة أو لعبة ركوب الخيل، لا تثير الصراعات بين الأفراد الرياضين والجماعات الرياضية؛ وذلك لان لا تعمل على تحريض اللاعبين أو المشاهدين للدخول إلى وسط الصراعات والمنازعات وأعمال الشغب الظاهرة، كما يحدث عند مشاهدة مباراة لعبة كرة القدم.
كما نلاحظ أن التوسع الكبير والسمعة الطيبة العالية التي شهدتها الألعاب الرياضية الشعبية الجماعية، مثل لعبة كرة القدم خاصة في أقطار الدول المتقدمة، حيث ساهمت في تفاقم مشكلات الولاء القومي والوطني بين الجماعات الرياضية، كما تعتبر هذه المشكلات سبباً مهماً وبارزاً في نشر الصراعات وأعمال الشغب والعنف التي تقع بين فرق الألعاب الجماعية من جهة، وبين الجمهور المشاهد من جهة ثانية.
حيث أن الجماعات الرياضية التي تعيش في الدول الصناعية المتقدمة تشعر بوحدتها وعزلتها؛ وذلك نتيجة للظروف والعوامل الحضارية التي تعيشها، كما تحاول دائماً البحث عن الفرص التي من خلالها تستيطع تأكيد هوية انتمائها وأصالتها، حيث أنه أحسن هذه الفرص هي فرصة مشاهدة الألعاب الجماعية الدولية التي تقع بين الفرق التابعة للدولتها والفرق المنافسة الأجنبية.
فعند فوز الفريق الوطني في المباريات الدولية، فأنه يعد انتصاراً وطنياً للشعب وللأمة بأكملها، أما في حالة خسارة الفريق الوطني في المباريات الدولية، فإن الخسارة تكون للشعب بأكمله، حيث تحزّ الخسارة في نفسية الفريق الذي يشجعه وفي نفسية الجمهور الذي يشجعه؛ ممّا يثير عند أطراف اللعبة العدوان والعنف والتمرد التي تعبّر عنها بصورة واضحة ضد الفريق الفائز وضد الجمهور الذي يؤيده.
حيث أن مثل هذه الحالات تعمل على إثارة ظواهر الصراع والعنف والخصام المكشوف بين الفرق المتنافسة وبين الجمهور المتفرج الذي يؤديها، فعلى سبيل المثال في حالة فوز المنتخب الأردني لكرة القدم على المنتخب القطري لكرة القدم، فيقول جماعة الجمهور المتفرج مثلاً “أن فوزنا هذا دليل على جودتنا وأصالتنا كشعب جميل ودليل على سذاجة الشعب القطري”، حيث أن مثل هذا القول يعمل على إثارة أعمال الشغب والعنف بين المتفرجين الأردنيين والمتفرجين القطريين.
فعندما تكون توقعات الفوز عند المنتخب الوطني والجمهور الذي يؤيده عالية، فإن الفشل في المباراة سيؤدي إلى خيبة أمل عند الجمهور، حيثُ يثير ذلك الصراع بين الفريقين الذي يلعبان ضد بعضهما البعض وبين الجماهير، كما تؤدي الصحف ووسائل الإعلام الدور الكبير والهام في نشأ العواطف وشعور الجماهير الرياضية كما تؤثر في الولاء والانتماء والعزة والشرف القومي في توزيع الهواة بين جماهير الرياضة والفرق المتنافسة، حيث يُعمّق ذلك حِدَّة المنافسة والصراع والعنف بين هذه الفرق وبين الجماهير أثناء اللعبة وبعدها.
حيث أنه عند إعلان النتيجة النهائية للمباراة وهو فوز المنتخب على المنتخب الآخر، حيث تظهر بوادر التعب وأعمال العنف الذي قد يبدأ فيها المنتخب الخاسر ضد المنتخب الفائز، أو الذي يبدأ بها الجمهور المؤيد للمنتخب الخاسر ضد الجمهور المؤيد للمنتخب الخاسر، حيث أن ظهور مثل هذا المناخ الإجتماعي الرياضي السلبي يمكن مشاهدته في المنافسة الرياضية الدولية خاصة عندما يكون المنتخبان اللذان يلعبان ضد بعضهما البعض يمتلكان فرصة متساوية لتحقيق الفوز.
ومثالاً على ذلك مباراة بين المنتخب الفنلندي والمنتخب السويد، في حين إذا خسرت فنلندا المباراة الرياضية مع السويد التي هي تعتبر بلد شبيهة لفنلندا من حيث القوة والحجم والسماعة الدولية فإن هذه الخسارة ستحزّ في نفسية الفريق الفنلندي وفي نفسية الجمهور الذي يؤيده، بل أن ممكن أن تحز في نفسية الشعب والمجتمع الفنلندي بأكمله.