اقرأ في هذا المقال
أسباب تقدم حركة القياس العقلي للموهوبين والمتفوقين:
تتأثر الموهبة والتفوق بتقدم حركة القياس العقلي؛ لأن عملية الكشف عن ذوي الموهبة والتفوق تتطلب قياساً لقدرات الموهبة والتفوق للأطفال بطريقة ما، وظل القياس العقلي وما يزال التركيز الرئيسي للمشاريع التي تستهدف رعاية الموهبة والتفوق من الأطفال واليافعين والراشدين.
وربما كان من التناقض أن وجود مشكلات التخلف العقلي وضعف القدرة على التعلم هي التي أدت إلى الحاجة لقياس القدرة العقلية، كما أن الحروب هي الوقود التي حافظت على استمرار اهتمام العلماء بحركة القياس، وقد تم عرض مراحل متتالية للباحثين والعلماء في مجال التربية وعلم النفس وبالتالي الاستمرار في تطوير أدوات القياس المختلفة لاستخدامها في اختيار المرشحين.
وأدات حركة القياس العقلي والنفسي على ازدياد اهتمام بتعليم و تربية الطفل الموهوب والمتفوق وبالتالي عملت البرامج التربوية على رعاية الموهوبين والمتفوقين، لأنها تعد المدخل الطبيعي للتعرف على الطفل الموهوب والمتفوق، وقد تم تطور حركة القياس العقلي في الفترة الزمنية ما بين (1875) و(1970)؛ بسبب إنجازات الكثير من العلماء والتربويون في أماكن مختلفة من العالم.
إسهامات فرانسيس جالتون مع الموهوبين والمتفوقين:
يوجد فروق بين الأفراد وجدت منذ أن وجد أكثر من إنسان على هذا الكوكب، ومع أن هذه الفروق مسألة تخضع للملاحظة والتعليق منذ أقدم العصور إلا أن (جالتون) يعد رائداً في محاولاته دراستها وقياسها بأسلوب علمي، كان العالم الإنجليزي جالتون نفسه على درجة عالية جداً من الذكاء، فقد بدأ يقرأ وعمره سنتان ونصف وبدأ يكتب وعمره أربع سنوات.
وفي ضوء المعلومات التي أوردها (برسون) عن حياته وأعمال والمهمات التي كان باستطاعته القيام بها في مراحل عملية مختلفة قدر (تيرمان) نسبة ذكائه في طفولته بمائتين، وقد بدأ بدارسة الطب في سن السادسة عشرة وبعد سنتين تحول لدراسة الرياضيات سافر إلى جنوب إفريقيا في رحلات استكشافية كشف خلالها عن مناطق لأول مرة وحاز على الميدالية الذهبية.
وفي عام (1869) نشر (جالتون) أشهر كتبه في مجال الموهبة والتفوق بعنوان العبقرية الموروثة، وكان يقدم الدليل والبرهان على الدور الذي تلعبه الوراثة في إنجاز الأشخاص الذين اشتهروا في مجالات كثيرة بمن فيهم البحارة والرياضيين والشعراء والمؤلفون ورجال الدولة.
ويعد (جالتون) من أوائل الذين رسخوا دراساتهم وكتاباتهم للذكاء وقياسه، وكان يعتقد بأن الذكاء مرتبط بحواس الإنسان كقوة الإبصار والسمع والشم واللمس وزمن رد الفعل، ولذلك كانت محاولاته لقياس الذكاء تقوم على وضع اختبارات لقياس قوة الحواس، ونظراً لتأثيره بنظرية قريبه (دارون) فقد استنتاج إلى أن القدرة الحسية للفرد أو الذكاء متوقعة على الاختيار الطبيعي البيئة والوراثة.
وأيضاً أضاف بأن أبناء الأسرة الغنية تتهيأ لهم الفرص البيئية التي تمكنهم من تحقيق مستويات متميزة من القدرة، قد عرف (جالتون) لأنه أول أجرى بحثاًَ على التوائم مقدماً بذلك نموذجاً طبقه الباحثون في دراسات التوائم في القرن العشرين، وهو يقوم على أساس عزل المكونات الجينية أو الوراثية عن المكونات البيئية للذكاء.
وهكذا فإن (جالتون) هو أول من درس الذكاء عن طريق المعدلات المتحققة تجريبياً لقدرة الإنجاز، وقد وجد أن المتميزين لديهم خصائص عامة منها القدرة والحماس والاستعداد للعمل وهذه الخصائص موروثة، وأشار إلى أن الأفراد يختلفون في الخصائص الموروثة فقط من حيث الدرجة وبين أن هناك نوعين من القدرة هما القدرة العامة الخاصة التي هي تعتبر مواهب أو استعدادات أساسية لعمل ما، وكان يرى أنه من دون قدرة عامة لا يستطيع الفرد أن يكون رياضي إذا لم تتوافر لديه قدرة خاصة مرتفعة لكي يصبح رياضياً عظيماً.
والافتراض الذي بنى عليه (جالتون) ويقوم على اختباره لقياس الذكاء للأفراد الموهوبين والمتفوقين واعتقد أن اختبارات التمييز الحسي وزمن رد الفعل هي بمثابة تقدير للأداء الوظيفي العقلي، و(جيمس كاتل) قلد (جالتون) الذي كانت نظرية (جيمس كاتل) قائمة على أن الفروق في درجة الحواس وسرعة الحركة وتعكس فروقاً في الأداء العقلي، وقد وضع اختبارات لقياس القوة العقلية التي تعكسها سرعة الحركة والحساسية للألم وزمن رد الفعل وغيرها.
وكان السبب وراء تفضيله لهذه المقاييس على المقاييس التي يمكن تسمياها مقاييس الوظائف العقلية العليا اقتناعه بأن هذه السمات يمكن قياسها بدقة أكبر، ويمكن أن تتوزع طبقاً للمنحنى الطبيعي بمعنى أن قدرات غالبية الأفراد تقع في حدود الوسط والباقي ينحنى بالاتجاهين علواً وانخفاضاً.