الترفيع الاستثنائي أحد أنواع التسريع الأكاديمي للطلبة الموهوبين والمتفوقين:
ربما كان ترفيع الطالب من صفّه الذي يتناسب مع عمره الزمني إلى صف أعلى، من أقدم الممارسات التربوية التي استخدمت لمواجهة احتياجات الطلبة الموهوبين والمتفوقين الذين لديهم قدرة عالية على التعلم وسرعة في الاستيعاب.
والحقيقة أنه لو تم أجراء تحليل لمستويات الطلبة المعرفية في الصفوف العادية لوجدنا في معظمها عدداً قليلاً ممن يستحقون التسريع، ويمكن وصفهم بأنهم راسبون بقوة القانون، وعدد قليل آخر يستحقون الترسيب، ويمكن وصفهم بأنهم مرفعون بقوة القانون كذلك.
وأما الغالبية العظمى من طلبة الصف الواحد فتقع عادة حول الوسط، ويترتب على هذا الوضع لأسباب عملية، أن يكون التعليم العام على الأغلب موجها لمن هم في مستوى الوسط.
إن الطفل الذي نسبة ذكائه (140) يفقد (60%) من وقت الحصة الصفية دون فائدة، أما الطفل الذي يصل مستوى ذكائه إلى (180) وأكثر فإنه لا يستفيد أبدأ من بقائه في الصف العادي.
وعليه فإن السماح للطالب الموهوب والمتفوق بأن ينتقل من صفه إلى صف أعلى يعتبر إجراء تربوياً معقولاً، ويمكن استخدامه لتلبية احتياجات عدد من الطلبة الموهوبين والمتفوقين الذين لديهم القدرة والاستعداد والدعم الأسري خاصة في مرحلة الدراسة الأساسية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الآباء والمربين والباحثين يبدون معارضة لعملية الترفيع الاستثنائي، وتنطلق المعارضة غالباً من الاقتراض بأن الطلبة الذين يرفعون استثنائياً سوف يواجهون مشكلات تتعلق بمستوى نضوجهم العاطفي والاجتماعي نتيجة لوضعهم مع من هم أكبر سناً، مع أن نتائج الدراسات الرصينة لا تؤيد هذه المخاوف على الإطلاق، بل إنها تشير إلى أن معظم الذين حققوا إنجازات متميزة في حياتهم تعرضوا لخيرة التسريع الأكاديمي.
وقد اقترح عدد من الباحثين بعض الوسائل التي تعمل على تقليل الفرص لوقوع مشاكل للطلبة، والذين يم اتخاذ قرار ترفيعهم بشكل استثنائي، وتضم هذه الإجراءات إجراء دراسه حالة تفصيلية للطالب يشارك فيها معلم الصف، وإذا كان الطالب في المرحلة الأساسية الأولى أو معلموا المواد المختلفة إذا كان في صفوف أعلى، والمرشد النفسي أو التربوي ومدير المدرسة.
وتهدف دراسة الحالة إلى الحصول على جميع المعلومات والبيانات اللازمة لاتخاذ القرار المناسب ومراجعتها وتحليلها، قياس مستوى ذكاء الطالب من قبل مختص باستخدام أحد الاختبارات الفردية المعروفة مثل اختبار ستانفورد بينيه أو اختبار وكسلر للأطفال، فإذا وجد أن نسبة ذكاء الطالب في مستوى (135) فما فوق، أو أعلى من متوسط ذكاء طلبة الصف الأعلى مباشرة، فإن ذلك يعتبر مؤشراً إيجابياً على إمكانية تكيف الطالب مع من هم أكبر سناً.
وأيضاً مراجعة سجل التحصيل الدراسي التراكمي للطالب خلال السنوات السابقة للتعرف على مدى تقدمه في المواد المختلفة وثباته وتحديد نقاط الضعف إن وجدت. فإذا تبين أن الطالب قد، حافظ على سجل أكاديمي متميز خلال سنوات دراسته السابقة فإنه يقدم بذلك دليلاً اخر على إمكانية استمرار تقدمه إذا وضع في صف أعلى.
مراجعة السجل الصحي للطالب للتأكد من سلامته وسوية نموه الشخصي، فإذا كان نموه طبيعياً وكانت بنيته الجسمية تبدو في مستوى أقرانه أو مستوى من يكبرونه سناً تنعدم أو تقل احتمالات تعرضه للمشكلات، والتي قد يتعرض لها ضعاف البنية فيما لو وضعوا مع طلبة أكبر سناً.
ومراجعة السجل السلوكي للطالب للتأكد من مستوى نضجه العاطفي والاجتماعي، فإذا لم يكشف هذا السجل عن مشکلات تكيفية يكون الافتراض، بأن الطالب سوف يعاني من مشكلات عاطفية واجتماعية غير مبرر، كما أن مخاوف الوالدين وغيرهم من قرار الترفيع الاستثنائي إن وجدت تفتقر والحالة هذه إلى أساس علمي.
وعمل مقابلة إرشاد مع الطالب وعائلته ليتم عرض التوصية التي قامت اللجنة باتخاذها والتي عملت على دراسة الحالة من الجوانب التربوية والنفسية، وإعطتهم الوقت الكافي لبحث الأمر فيما بينهم واتخاذ قرار بخصوصه حتى يصار إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذه، وإذا كان قراراً باتجاه الترفيع الاستثنائي وتعتبر موافقة الوالدين على قرار الترفيع الاستثنائي في غاية الأهمية نظرا للدعم المطلوب تقديمه من قبلهما بعد تنفيذ قرار الترفيع.
ولا يعني ذلك أن دور المعلمين والمرشد التربوي والنفسي أقل أهمية، وفي معظم الحالات ينصح الباحثون بنقل الطالب من صفه إلى الصف الأعلى مباشرة مهما كان متطرفاً في مستوى قدرته العقلية، وعندما يبرهن على تكيفه مع الوضع الجديد يمكن النظر في إمكانية ترفيعه مرة أخرى، وغالبا ما يتراوح عدد مرات النقل الاستثنائي خلال مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي ما بين مرة واحدة وثلاث مرات وقد يتجاوز ذلك في حالات نادرة جداً.