التسريع الأكاديمي للطلبة الموهوبين والمتفوقين بين معارضين ومؤيدين:
يعد التسريع الأكاديمي من أقدم العادات التربوية المختارة التي لها علاقة بالطفل الموهوب والمتفوق أكاديمياً أو المتفوق والموهوب عقلياً، وتم العثور على برامج التسريع الأكاديمي للطالب المتفوق والموهوب عقلياً قبل أن تترأس حركة تدريس الأطفال الموهوبين والمتفوقين وحركة القياس العقلي، وتحتل مكانة كبيرة في الأدب التربوي.
ومثال على ذلك ما وجده (كوليك) في تقرير شامل للبحوث التربوية حول تصنيف الطالب الموهوب والمتفوق حسب قدرته، وقد ورد أنه تم تطبيق التسريع الأكاديمي في فصول الخاصة بالطالب المتفوق والموهوب عقلياً، حيث كان مطبق في بعض مناطق المجتمعات منذ عام (1891).
وأنه كان يسمح للطالب المتفوق والموهوب عقلياً بإتمام المناهج المحدد لثمانية سنوات بالنسبة للطالب العادي في ست سنوات للطفل الموهوب والمتفوق أو بإتمام مناهج ثلاث سنوات للطفل العادي في سنتين للطفل الموهوب والمتفوق.
يعد التسريع الأكاديمي من أكثر المجالات المثيرة للنقاش في مجال التربية والتعليم؛ بسبب معتقدات بعض المعلمين وأولياء الأمور بقضية التكيف التي قد تنشأ من برامج التسريع الأكاديمي في المجالات الانفعالية والاجتماعية للفرد الموهوب والمتفوق.
يلاحظ المعارضون للتسريع الأكاديمي أن التسريع يقوم على النهوض بالطلاب الموهوبين والمتفوقين عبر التدرج التعليمي بفترة زمنية أسرع وأيضاً يعمل على عرض التقدم الاجتماعي والانفعالي وحتى العقلي لدى الطلاب الموهوبين والمتفوقين للخطر.
وأيضاً يؤكد المعارضين على العمر الزمني لتنمية الطفل الموهوب والمتفوق، والذي يحتاج أن يكون بين نفس الفئة العمرية له ليعكس درجة تقدمه الجسمي والانفعالي والاجتماعي، وقد يؤدي التسريع الأكاديمي من خلال هذا المجال عدم الترتيب والعشوائية والفوضى في أنماط الخبرة ومسارات النقل أو الترفيع المعتاد لسنوات ما قبل الجامعة.
أما مؤيدي أو مشجعي التسريع الأكاديمي فإنهم لا يتجهون إلى التركيز على العمر الزمني، وعوضاً عن ذلك يتجهون إلى القدرة العقلية لدى الطالب الموهوب والمتفوق، والتي يجب عدم التنازل عنها لصالح اعتبارات أخرى، ويرى المؤيدون في هذا المجال هذه أن عدم الاهتمام بالإمكانيات الكامنة للتعلم لدى الطلبة الموهوب والمتفوق، قد تؤدي في حد ذاتها إلى مشكلات عدم التكيف.
فالطالب المتفوق والموهوب عقلياً يختلف اختلافاً جوهرياً عن كثير من أقرانه في الفصل العادي، ويضطر على قمع قدراته التعليمية، وبالتالي قد يعرقل تطوره الانفعالي والاجتماعي أكثر من أي ضغوط قد يواجهها بسبب التسريع الأكاديمي.
إن الطلبة المتفوقين والموهوبين عقلياً هم متقدمين ومتطورين أكثر من زملائهم العاديين في العديد من الجوانب المهمة، وبالتالي تكون نسبة تطور وتقدم ونضج أسرع مما هو متوقع، مما تضعه في حالة عدم انسجام مع زملائهم العاديين ومع منهاج الصف العادي.
وسيزداد الفرق بين مستوى نضج الطالب الموهوب والمتفوق ومستوى نضج أقرانه كلما تقدمهم في السن، والتسريع الأكاديمي حيث لا يعمل على تزويد هؤلاء الطلبة الموهوبين والمتفوقين بحصيلة معارف كثيرة في وقت أقل فقط، بل يمنحهم أيضاً القدرة على التفكير بدرجة العمق والتبصر نفسها لدى الطلبة الأكبر سناً.
ولذلك يحتاج هؤلاء الطلبة الموهوبين والمتفوقين إلى إعطاء فرص تعمل على التقدم، ويحتاج كل طال موهوب ومتفوق إلى آلية تعليمي تتلائم مع مستواه وسرعته في التعلم، ويحتاج العمل اللازم لتحدي قدراتهم وإمكاناتهم بذل المزيد من الجهد کي تنمو قدراتهم وأدمغتهم؛ لأن القليل من التحدي لقدراتهم ينتج عنه حالة من الملل وتآكل للقدرة والدافعية والتحفيز الذي لا يمكن تجنبه.
وأکدت دراسات (تیرمان Terman) الموصوف بأنه الأب لحركة تعليم الطفل الموهوب والمتفوق كما ورد في جروان (2008)، من الضرورة الكشف أو التعرف المبكر عن الطفل الموهوب والمتفوق، ومن ثم توفير البرنامج التعليمي المناسب للطفل الموهوب والمتفوق حتى يمكن اختصار المدة الزمنية اللازمة لإكمال دراسته.
وإن السبب الأساسي من دراسة (تيرمان) أو وجهة النظر تكمن في عدم إضاعة سنوات يمكن أن تكون ملئية بالعطاء الإبداعي الذي يكون عادة في عمر الشباب بالنسبة للكثير من الميادين العلمية.
ومن خلال ما سبق نلخص القول أن التسريع الأكاديمي هو العمل على إتاحة المجالات التربوية التي تؤدي إلى تيسير طريق إدراج أو اتباع الطالب الموهوب والمتفوق أكاديمياً بمرحلة تعليمية معينة، في مرحلة عمرية أقل من أقرانه من الأطفال العاديين أو تخطي مرحلة تعليمية معينة، في فترة زمنية أقل من المدة التي يحتاجها الطفل العادي.