التعاقدية الأخلاقية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يمكن استخدام مصطلح التعاقدية الأخلاقية في علم النفس بمعنى واسع للإشارة إلى وجهة النظر القائلة بأن الأخلاق تستند إلى عقد أو اتفاق، أو بمعنى ضيق للإشارة إلى وجهة نظر معينة تم تطويرها في السنوات الأخيرة خاصة في العقود والتداين بين الأفراد.

التعاقدية الأخلاقية في علم النفس

تقدم التعاقدية الأخلاقية في علم النفس كحساب مميز للتفكير الأخلاقي، حيث يعتبر الفعل خاطئًا إذا كان أداءه في ظل الظروف غير مسموح به من قبل أي مجموعة من المبادئ الخاصة بالتنظيم العام للسلوك الإنساني والتي لا يمكن لأي شخص رفضها بشكل معقول كأساس لاتفاق عام مستنير وغير قسري، في حين أن التعاقدية الأخلاقية في علم النفس لا تهتم فقط بتحديد الأفعال الصحيحة والخطأ.

كما أنه معني بما يمكن تبريره من أسباب وأشكال الاستدلال وما إذا كان المبدأ لا يمكن رفضه بشكل معقول أم لا، يجب تقييمه من خلال الاستئناف على الآثار المترتبة على كون الأفراد أو الوكلاء إما مرخصين أو موجهين إلى العقل بالطريقة التي يطلبها المبدأ، تقدم التعاقدية الأخلاقية في علم النفس حسابًا لكل من سلطة المعايير الأخلاقية وما يشكل الصواب والخطأ.

بالنسبة لسلطة المعايير الأخلاقية فإن القيمة الجوهرية التي تتحقق من خلال السلوك الإيجابي الأخلاقي تتكون من علاقة الاعتراف المتبادل، أما ما يشكل الصواب والخطأ فالظلم هو عدم التبرير والخطأ هو خاصية كونها غير مبررة، ومنها لا يجب مساواة خطأ العمل بالخصائص التي تجعله غير مبرر، بدلا من ذلك يجب أن تكون مساوية لكونها غير مبررة، مما يتم التعرف على طبيعة الخطأ من خلال حقيقة أعلى مرتبة وهي أن الأفعال الخاطئة لا يمكن تبريرها.

القاسم المشترك بين الأفعال الخاطئة في التعاقدية الأخلاقية في علم النفس هو أنه لا يمكن تبريرها للآخرين، وهكذا فإن الاعتبارات الأخلاقية المختلفة التي توجه تفكيرنا الأخلاقي الموضوعي موحدة من خلال موضوع معياري واحد، بهذه الطريقة توجه التعاقدية تفكيرنا الموضوعي حول الخطأ، فالخطأ هو المسند الأخلاقي الأساسي يعرف الخير والمنفعة بأنه ليس خطأ، وأحد أسباب التركيز على الخطأ هو لفت الانتباه إلى المجال الذي تعنى التعاقدية برسم خريطة له، فيما يتعلق بما هو ظلم شخص واحد.

تحدد المتطلبات الأخلاقية ما يعنيه الرد بشكل صحيح على قيمة الأشخاص كعوامل عقلانية، حيث تكمن القيمة المميزة للحياة البشرية في قدرة الإنسان على تقييم الأسباب والمبررات، لذلك فإن تقدير قيمة الشخص ينطوي على الاعتراف بقدرته على تقدير الأسباب والتصرف بناءً عليها.

إن طريقة تقدير هذه القدرة هي معاملة الأشخاص وفقًا لمبادئ لا يمكنهم رفضها بشكل معقول، حيث أنه عند القيام بذلك يسترشد الفرد بمبدأ يمكن وصفه بحق بأنه مبدأ سمح الشخص نفسه لهذا الفرد أن يسترشد به، وفي التفكير في الطريقة المناسبة للتواصل معها، حيث تضيء التعاقدية الأخلاقية المقنعة في علم النفس بأننا يجب أن نعامل الأشخاص أبدًا على أنهم مجرد وسائل ولكن دائمًا كغايات في أنفسهم.

كيف تختلف التعاقدية الأخلاقية عن نظريات العقد الاجتماعي في علم النفس

التعاقدية الأخلاقية في علم النفس تناشد فكرة العقد الاجتماعي، حيث إنه يحاول اشتقاق محتوى الأخلاق من فكرة الاتفاق بين جميع أولئك الموجودين في المجال الأخلاقي، حيث تقدم الفلسفة الأخلاقية المعاصرة في علم النفس العديد من التفسيرات الأخرى لتقليد العقد الاجتماعي، ومن المفيد التمييز بين التعاقدية الأخلاقية في علم النفس وبين هذه البدائل.

تعود جذور التعاقدية الأخلاقية في علم النفس إلى الموقف الذي يعتمد حسابه على المصلحة الذاتية المتبادلة، وهنا تتكون الأخلاق من تلك الأشكال من السلوك التعاوني التي يكون من المفيد للطرفين أن ينخرط فيها الوكلاء المهتمين بالذات، وعلى النقيض من ذلك، فإن أي شكل من أشكال التعاقدية الأخلاقية يقوم على أساس الوضع الأخلاقي المتساوي للأشخاص.

يفسر هذا الوضع الأخلاقي على أنه يعتمد على قدرة الأفراد على وكالة مستقلة عقلانية، فوفقًا للعقدية الاجتماعية تتكون الأخلاق مما سينتج إذا أردنا عقد اتفاقيات ملزمة من وجهة نظر تحترم الأهمية الأخلاقية المتساوية لدينا كعوامل مستقلة عقلانية، وتعود جذور التعاقدية الأخلاقية في علم النفس إلى أن الإرادة العامة هي ما سنفعله معًا إذا تبنينا منظور العدالة والحرية والمساواة.

بعد ذلك تتميز التعاقدية الأخلاقية في علم النفس عن النظرية الأخلاقية المحددة للعالم إيمانويل كانط، حيث يسعى فلاسفة الأخلاق الكانطية إلى المبادئ التي يوافق عليها جميع الفاعلين العقلانيين، في ظل ظروف مثالية معينة؛ من أجل الوصول إلى مثل هذا الاتفاق من المعروف أن كانط يحتاج إلى التجريد من العديد وقد يقول البعض كثيرًا عن السمات الملموسة لحياتنا الأخلاقية.

تنحرف التعاقدية الأخلاقية في علم النفس عن كانط من نواحٍ مختلفة على وجه الخصوص يقدم حسابًا موضوعيًا للقوة المعيارية للأخلاق، بناءً على قيمة علاقة الاحترام المتبادل، حيث لا يتم اعتبار المعقولية شيئًا يمكن إظهاره خارج وجهة النظر الأخلاقية، والفرق الآخر هو أن التعاقدية الأخلاقية تسعى إلى مبادئ لا يمكن لأحد أن يرفضها بشكل معقول، بدلاً من المبادئ التي يتفق عليها الجميع.

ومع ذلك ، فإن التعاقدية الأخلاقية في علم النفس لها عناصر متعددة؛ لأنها تسعى إلى اتفاق حر يوضح كلاً من الحرية والمساواة، قد نقول أن التعاقدية الأخلاقية تعطي تعبيرًا عن الأفكار الكامنة في مناقشات الحتمية السببية الفئوية، ففي الواقع تجادل التعاقدية الأخلاقية في علم النفس بأنه على الرغم من وجود الاختلافات فإن التعاقدية الأخلاقية تتطابق مع أفضل تفسير لنظرية العالم إيمانويل كانط الأخلاقية.

أكثر منظري العقد الاجتماعي تأثيرًا مختلف في التعاقدية الأخلاقية في علم النفس بطريقتين رئيسيتين، حيث إن التعاقدية الأخلاقية في علم النفس تبحث عن مبادئ يتفق عليها الجميع، بدلاً من مبادئ لا يمكن لأي شخص رفضها بشكل معقول، وهذا التباين واضح بشكل خاص إذا أخذنا في الاعتبار محاضرات علم النفس الأخلاقي، حيث يكون عمله في أقصى درجاته في تحديد المبادئ الأخلاقية.

نتيجة لذلك تضع التعاقدية الأخلاقية في علم النفس أطراف اتفاقها وراء حجاب الجهل، حيث لا يعرفون الكثير من الحقائق الأساسية عن هويتهم؛ هذا لضمان أن المبادئ الناتجة للعدالة تجسد الالتزام بالحياد المعرفي، بالنسبة إلى التعاقدية الأخلاقية في علم النفس يجب أن نتبع المبادئ التي سيكون من المنطقي أن يختارها الجميع، إذا كان عليهم اختيار تلك المبادئ دون معرفة أي شيء عن أنفسهم أو ظروفهم.

لأن كل شخص يعرف أنه يمكن أن ينتهي به الأمر إلى أن يصبح أي شخص، يجب أن يكون لدى كل شخص اهتمام بالجميع، فمن حيث الجوهر تستخدم التعاقدية الأخلاقية في علم النفس المصلحة الذاتية وراء حجاب الجهل لتمثيل الالتزام بالعدالة التوزيعية، والتي تفسر على أنها الإنصاف للجميع.

على النقيض من ذلك فإن التعاقدية الأخلاقية في علم النفس لا تستدعي حجاب الجهل، فليست المصلحة الذاتية جنبًا إلى جنب مع الجهل بالذات هي التي تجعلنا نأخذ في الاعتبار مصالح الجميع، بل الاهتمام بتبرير النفس للآخرين، هذا الدافع هو سمة أساسية من سمات تعاقدية، ومنها يتفق جميع منظري العقد الاجتماعي حتى المتعاقدين على أن الوكلاء يريدون تبرير أنفسهم للآخرين.


شارك المقالة: