تأثير الفكر على الحالة النفسية

اقرأ في هذا المقال


من يتمتع بالصحة النفسية الجيدة يظهر عليه النضج والقدرة على ضبط الانفعالات السلبية ويعبّر عن مشاعره ورغباته بأسلوب يخلو من الاندفاع.

ما هي الحالة النفسية

الحالة النفسية هي مرض أو متلازمة يصاب من خلالها الشخص ببعض الاضطرابات تبدو كخلل نفسي في عواطف ومشاعر الشخص المصاب وتؤثر بشكل مباشر على قدرات المصاب وسلوكياته وانفعالاته مِمَّا ينعكس سلباً على حياة المريض الاجتماعية والمهنية والتعليمية وربما تصل به الأمور إذا ما تطوّرت الحالة إلى العزلة وعدم المقدرة في التواصل مع الآخرين.

وهناك العديد من الأمراض النفسية التي من المحتمل أن يعاني منها المصاب، كما تعرف أيضاً بالأمراض العقلية وأكثرها انتشاراً بيننا الاضطرابات المزاجية والقلق والاكتئاب والوسواس القهري، واضطرابات الطعام وبعض الاضطرابات النفسية المرتبطة بتعرضنا لبعض الصدمات أو الضغوطات، ولا يقتصر هذا الأمر على كبار السن فقط بل قد يصيب فئة الأطفال مثل الحركة الزائدة غير المبررة وقصور الانتباه.

تكيف الفرد مع البيئة المحيطة

بمقدار تكيّف الفرد مع بيئته المحيطة به تكون الصحة النفسية لديه إمَّا إيجاباً أو سلباً، وعلى هذا فالشخص الذي يستطيع أن يتوافق مع نفسه داخلياً، ويتكيّف مع بيئته بطريقة سليمة يتمتع بصحة نفسية إيجابية؛ وذلك لأنَّ المرض النفسي لدى المريض ما هو إلا صراع داخلي تجعل منه غير قادر على التوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه فيبدو الاضطراب وعدم التكيّف واضحاً في حياته الانفعالية ويبدو عليه الخوف الشديد والتوتر والشعور بالاضطهاد من الآخرين.

كيف تشكل أفكارنا صحتنا العقلية

الحالة النفسية ليست مجرد نتاج للأحداث التي نمر بها، بل تتأثر بشكل كبير بالطريقة التي نفكر بها حيال تلك الأحداث. الفكر هو الأداة التي من خلالها نفسر الواقع من حولنا، ويمكن أن يكون له تأثير عميق على صحتنا النفسية. كيف يمكن للأفكار أن تؤثر على حالتنا النفسية، وما هي الآليات التي تساهم في هذا التأثير؟

الفكر والحالة النفسية: علاقة مترابطة

العلاقة بين الفكر والحالة النفسية هي علاقة تبادلية. الأفكار يمكن أن تؤثر على مشاعرنا وسلوكياتنا، والعكس صحيح، عندما نفكر بطريقة معينة، فإن تلك الأفكار يمكن أن تثير مشاعر معينة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، على سبيل المثال، عندما نفكر بأننا غير محبوبين أو غير مرغوب فينا، يمكن أن نشعر بالحزن أو الوحدة، مما يؤدي إلى انخفاض الحالة النفسية.

الأفكار السلبية وتأثيرها على الصحة النفسية

الأفكار السلبية هي أحد الأسباب الرئيسية للتدهور في الصحة النفسية. عندما نسمح للأفكار السلبية بالتحكم في عقولنا، فإنها يمكن أن تؤدي إلى مشاعر مثل القلق، الاكتئاب، الغضب، والخوف. هذه المشاعر بدورها يمكن أن تساهم في تطوير اضطرابات نفسية مثل اضطراب القلق العام، الاكتئاب الحاد، واضطرابات الأكل.

الأفكار السلبية تصبح أكثر ضررًا عندما تتحول إلى ما يعرف بالتفكير الاجتراري، حيث يركز الشخص بشكل مفرط على تجارب أو أفكار سلبية دون أن يتمكن من التخلص منها. هذا النوع من التفكير يمكن أن يؤدي إلى تعميق مشاعر الاكتئاب والقلق، ويزيد من صعوبة التعامل مع المواقف الصعبة.

دور الفكر الإيجابي في تعزيز الصحة النفسية

في المقابل، الفكر الإيجابي يمكن أن يكون له تأثير معاكس تمامًا. الأشخاص الذين يتبنون تفكيرًا إيجابيًا يميلون إلى التكيف بشكل أفضل مع الضغوط والتحديات، ويكونون أكثر قدرة على المحافظة على حالة نفسية مستقرة. التفكير الإيجابي لا يعني تجاهل المشاكل أو العيش في عالم من الأحلام، بل هو القدرة على رؤية الجانب المضيء في المواقف الصعبة، والاعتقاد بأن الأمور ستتحسن بمرور الوقت.

الأفكار الإيجابية تعزز من إطلاق هرمونات السعادة في الجسم مثل السيروتونين والدوبامين، مما يحسن المزاج العام ويعزز من الشعور بالرفاهية. كما أن التفكير الإيجابي يعزز من الشعور بالتفاؤل والثقة بالنفس، مما يجعل الشخص أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات النفسية بمرونة وقوة.

آليات التأثير: كيف تؤثر الأفكار على النفسية

تأثير الأفكار على الحالة النفسية يحدث عبر عدة آليات:

  • التفسير والتقييم: الطريقة التي نفسر بها الأحداث تؤثر بشكل مباشر على مشاعرنا. إذا كان التفسير إيجابيًا، تكون المشاعر إيجابية والعكس صحيح.
  • الاجترار: كما ذكرنا سابقًا، التفكير المستمر في الأفكار السلبية يمكن أن يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية.
  • التوقعات: الأفكار حول المستقبل وما نتوقعه يمكن أن تؤثر على حالتنا النفسية. التوقعات الإيجابية تعزز من الشعور بالأمان والثقة، بينما التوقعات السلبية قد تؤدي إلى القلق والتوتر.

كيفية تغيير الأفكار لتحسين الحالة النفسية

تحسين الحالة النفسية من خلال تغيير الأفكار السلبية يتطلب وعيًا وتدريبًا. هنا بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد:

  • مراقبة الأفكار: التوقف لتحديد الأفكار السلبية عند ظهورها.
  • استبدال الأفكار: محاولة تحويل الأفكار السلبية إلى إيجابية أو على الأقل إلى أفكار محايدة.
  • التأمل والاسترخاء: تقنيات التأمل يمكن أن تساعد في تهدئة العقل وتخفيف التفكير المفرط.
  • التركيز على الحاضر: التركيز على اللحظة الحالية بدلاً من الاجترار حول الماضي أو القلق من المستقبل.

الفكر هو قوة قوية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية، الأفكار السلبية قد تؤدي إلى تدهور الحالة النفسية وتفاقم الاضطرابات النفسية، في حين أن الأفكار الإيجابية يمكن أن تعزز من الشعور بالسعادة والرفاهية، من خلال تعلم كيفية مراقبة أفكارنا وتعديلها، يمكننا تحسين صحتنا النفسية والحفاظ على حالة نفسية إيجابية ومستقرة، العقل هو أداة يمكن أن تكون حليفًا قويًا في تحقيق الصحة النفسية، إذا ما استُخدم بشكل صحيح.


شارك المقالة: