علم النفس الاجتماعي:
علم النفس الاجتماعي: هو عبارة عن المجال العلمي لكيفية تكوين أفكار الأفراد وأحاسيسهم وقيمهم ونواياهم وطموحاتهم في شكل اجتماعي، عن طريق التعاملات والتشاركات والتفاعلات الفعلية أو المتخيلة مع الآخرين، لذلك فهو علم ينظر إلى السلوك الإنساني على أنه يتأثر بالآخرين والظروف المحيطة التي يحدث فيها السلوك الاجتماعي والإحساس.
تطرق بارون وبيرن وسولس سنة (1989) إلى هذا العلم بأنه الميدان العلمي الذي يبحث في تفسير طبيعة وأهداف السلوك الفردي في الظروف الاجتماعية، بحيث يشتمل على المفاهيم التي تم تشخيصها به وعن طريقه والمتمثلة في مفهوم الذات، الوعي الاجتماعي، نظرية الإسناد، التصادم الاجتماعي، المهام التعاونية الكلية، التحيز والتخصيص، المهام الوظيفية الذاتية، العدوان والظروف والتنبؤات النمطية.
تاريخ علم النفس الاجتماعي:
يعتبر علم النفس الاجتماعي كغيره من العلوم الأخرى التي وجدت عبر الزمن، من خلال الملاحظة والتجربة، وعلى يد العديد من علماء النفس المهتمين به، بحيث نشأ وتطور خلال فترات زمنية متتابعة ومترابطة مع بعضها البعض، ومن خلال جهود علماء النفس الاجتماعيين، بحيث مر عبر تاريخ كبير يمكننا توضيحه بشكل مرتب ومنظم من خلال ما يلي:
التأثيرات المبكرة في علم النفس الاجتماعي:
اعتقد أرسطو أن البشر كانوا اجتماعيين بشكل طبيعي، وهي ضرورة تسمح لنا بالعيش معًا وهو نهج يركز على الفرد، بينما شعر أفلاطون أن الدولة تسيطر على الفرد وتشجع المسؤولية الاجتماعية من خلال السياق الاجتماعي وهو نهج يركز على المجتمع.
في حين قدم هيجل (1770- 1831) مفهوم أن المجتمع له روابط حتمية مع تطور العقل الاجتماعي، بحيث أدى هذا المفهوم إلى فكرة العقل الجماعي المشترك، وهو أمر مهم في دراسة علم النفس الاجتماعي.
وكتب لازورس عن التأثيرات في سنة 1860، بحيث تمثلت هذه التأثيرات على موضوع التفكير الجماعي، وشددت على فكرة أن الشخصية تنمو وتتحسن من خلال التأثيرات الثقافية والمجتمعية، وخاصة من خلال اللغة، والتي هي نتاج اجتماعي للمجتمع وكذلك وسيلة لتشجيع الفكر الاجتماعي الخاص في الفرد، لذلك شجعت ونادت الدراسة المنهجية للغة وتأثيرها على الكائن الاجتماعي.
النصوص المبكرة في علم النفس الاجتماعي:
نشأت النصوص التي تهتم في علم النفس الاجتماعي بشكل واضح في أول القرن العشرين، بحيث أسس ماكدوجال أول كتاب بارز غير العربية في سنة 1908، وهو مقدمة في علم النفس الاجتماعي، والذي تضمن فصولًا عن العاطفة والمشاعر والأخلاق والشخصية والدين، وهي مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في هذا المجال اليوم.
كان يعتقد ماكدوجال أن السلوك الاجتماعي فطري أو غريزي، وبالتالي فهو شخصي أي يركز على الشخص نفسه، ومن ثم اختياره للموضوعات، وهذا الاعتقاد ليس هو المبدأ الذي يؤيده علم النفس الاجتماعي الحديث، ويدعم عمل البرت التفكير الحالي بدرجة أكبر، حيث أقر بأن السلوك الاجتماعي ينتج عن التفاعلات بين الناس.
كما اتخذ أسلوباً منهجيًا، حيث ناقش البحث الفعلي وأكد أن المجال كان من العلم الذي يدرس سلوك الشخص بقدر ما يشجع ويوجه سلوكه الأشخاص الآخرين، أو يكون بحد ذاته انعكاسات على هذا السلوك، كما تناول كتابه موضوعات لا تزال واضحة حتى اليوم، مثل العاطفة والتوافق وتأثيرات الجمهور على الآخرين.
نشر مورشيسون (1935) أول كتيب عن علم النفس الاجتماعي، وأنتج مورفي بعدها كتابًا يلخص نتائج 1000 دراسة في علم النفس الاجتماعي، ونظر في التفاعل بين السياق الاجتماعي وتطور الشخصية بحلول الخمسينيات من القرن الماضي، وكان عدد من النصوص متاحًا حول هذا الموضوع.
التجارب المبكرة في علم النفس الاجتماعي:
هناك بعض الخلاف حول التجربة الحقيقية الأولى في علم النفس الاجتماعي، لذلك علينا ذكر أهم التجارب التي قامت في هذا المجال العلمي، وأدت إلى نشأة وتطور هذا المجال من علم النفس الاجتماعي عبر التاريخ، وتتمثل فيما يلي:
1- طبق تريبليت (1898) الطريقة التجريبية للتحقيق في أداء راكبي الدراجات وتلاميذ المدارس حول كيفية تأثير وجود الآخرين على الأداء العام، وبالتالي كيف يتأثر الفرد ويتصرف في السياق الاجتماعي.
2- بحلول عام 1935، تطورت دراسة الأعراف الاجتماعية التي قام بها شريف، بحثًا في كيفية تصرف الأفراد وفقًا لقواعد وقوانين وعادات المجتمع.
3- تجربة لوين وآخرون، التي بدأت في البحث التجريبي في عمليات القيادة والجماعة بحلول عام 1939، حيث بحث في أخلاقيات العمل المهني الفعالة في ظل أنماط مختلفة من القيادة.
التطورات اللاحقة في تاريخ علم النفس الاجتماعي:
تم تطوير الكثير من الأبحاث الرئيسية في علم النفس الاجتماعي لاحقاً للحرب العالمية الثانية، وذلك بعد ما كان الكثير مهتمين بنتائج الأشخاص عند تجميعهم مع بعضهم البعض وخاصة وفي المهام والوظائف الاجتماعية المختلفة، بحيث أجريت دراسات رئيسية في عدة مجالات تتمثل في أهمية الجماعات وفريق العمل المتكامل لإتمام المهام الصعبة والمعقدة.
ركزت بعض الدراسات على كيفية تشكيل المواقف، وتغييرها من خلال السياق الاجتماعي وقياسها للتأكد من حدوث التغيير والتطوير المطلوب، من بين بعض المهام الأكثر شهرة في علم النفس الاجتماعي، وبالتحديد تلك المتعلقة بالطاعة التي أجراها ميلجرام في دراسته المتمثلة في الصدمة الكهربائية.
والتي نظرت في الدور الذي تلعبه شخصية السلطة والإدارة في تشكيل السلوك، وبالمثل أظهرت محاكاة سجن زيمباردو بشكل ملحوظ التوافق مع الأدوار المعطاة في العالم الاجتماعي، ثم بدأت موضوعات أوسع في الظهور، مثل الوعي الاجتماعي، السلوك العدواني، صنع واتخاذ القرارات المتنوعة المجالات والسلوك الاجتماعي الإيجابي والإسناد.
أهم مفاهيم علم النفس الاجتماعي:
يتطرق علم النفس الاجتماعي إلى العديد والكثير من المفاهيم وخاصة لأنه علم يهتم بالإنسان وعلاقاته المتنوعة، ومجالاته الحياتية التي تتعلق به وبغيره، أي هو العلم الذي يدرس التأثير المهمة للمفاهيم المحيطة بالشخص وتؤثر به وبتصرفاته وإنجازاته المختلفة، بحيث تتمثل أهم مفاهيم علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:
1- التيسير الاجتماعي:
قدم البرت فكرة أن وجود الآخرين أي المجموعة الاجتماعية يمكن أن يسهل سلوكًا معينًا للشخص، بحيث وجد أن الجمهور سيحسن أداء الممثلين في المهام التي تم تعلمها جيدًا أو بسهولة، ولكنه يؤدي إلى انخفاض في الأداء في المهام المكتسبة حديثًا أو الصعبة بسبب التثبيط الاجتماعي.
2- التعلم الاجتماعي:
قدم باندورا فكرة أن السلوك في العالم الاجتماعي يمكن أن يكون هو نفسه في كل مرة، بحيث شاهدت ثلاث مجموعات من الأطفال مقطع فيديو يظهر فيه شخص بالغ عدواني تجاه دمية، ووجد أن الأطفال الذين رأوا الشخص البالغ يُكافأ من هم أكثر عرضة لتقليد مثل هذا السلوك، أكثر من الشخص البالغ الذي لم يكافئهم.
3- الإسناد:
كان واينر مهتمًا بالإحالات التي تم إجراؤها لتجارب النجاح والفشل، وقدم فكرة أننا نبحث عن تفسيرات للسلوك في العالم الاجتماعي، وهو ما إذا كان السبب مستقرًا أو يتغير بمرور الوقت وإمكانية التحكم.