علاقة علم النفس الاجتماعي بغيره من العلوم

اقرأ في هذا المقال


يعتبر علم النفس الاجتماعي من العلوم الحديثة والمرتبطة بتاريخ قديم من الأبحاث والدراسات، التي تجعل منه علم نفسي يرتبط بالعديد من العلوم الأخرى، وخاصة تلك التي تهتم بالفرد، من حيث تفكيره وسلوكياته ومواقفه الاجتماعية التفاعلية مع غيره، مما يجعلنا نتطرق لعلاقة علم النفس الاجتماعي بالعديد من العلوم الأخرى من خلال هذا المحتوى.

علاقة علم النفس الاجتماعي والعلوم الفيزيائية:

علم النفس الاجتماعي هو علم تجربة الفرد، لكن الخبرة تفترض الاهتمام بالفرد والموقف، وكلاهما حقيقي، بحيث يتعامل علم النفس الاجتماعي مع العمليات السلوكية والذهنية مثل المعرفة والاحساس والميول، ومن أجل تفسيرها بشكل مناسب، يجب أن يدرس طبيعة المحفزات الجسدية فيما يتعلق بالمعرفة والميول والاتجاهات الاجتماعية.

ومن حيث المادية تبحث العلوم الفيزيائية في عناصر ومكونات المحفزات الفيزيائية بغض النظر عن ارتباطها بالفرد، لكن علم النفس الاجتماعي يدرس كيفية التفاعل بين الفرد مع المحفزات الجسدية، ولا يهتم علم النفس الاجتماعي بتكوينات المحفزات الجسدية في حد ذاتها بصرف النظر عن علاقتها بالفرد.

بل يهتم بشكل أساسي بسلوك الفرد، ويهتم بشكل غير مباشر بالمحفزات الخارجية، وتبحث العلوم الفيزيائية في طبيعة الظواهر الفيزيائية، ولذا فهي تساعد علم النفس الاجتماعي على شرح خبرة وسلوك الفرد الاجتماعي، وهي ردود أفعال على المنبهات الجسدية والاجتماعية.

علاقة علم النفس الاجتماعي وعلم الأحياء:

يعبر علم النفس الاجتماعي عن التجربة والتنفيذ والسلوك الشخصي للفرد، ومع ذلك، لا يمكن تحليل التجربة بشكل كافي دون العمليات الفسيولوجية المصاحبة لها، بحيث تعمل البيئة على العقل من خلال أجهزة الحس ويتفاعل العقل مع البيئة من خلال العضلات، وأعضاء الحس والعضلات أعضاء في الجسم، لذلك ترتبط العمليات العقلية ارتباطًا وثيقًا بالعمليات الجسدية.

ينظر العديد من علماء النفس الاجتماعي إلى العمليات العقلية على أنها وظائف للحياة، وإنها أجهزة لتحسين تكيف الكائن الحي النفسي مع البيئة المحيطة به، ويعالج العديد من علماء النفس الحديثين علم النفس الاجتماعي من وجهة نظر بيولوجية.

بحيث يعتقد علماء النفس أن الوعي ينشأ عندما تفشل ردود الفعل الفطرية في تكييف الكائن الحي مع البيئة، وأن العمليات العقلية العليا تتطور من أجل ضبط الكائن الحي بشكل أكثر فاعلية مع البيئة المعقدة، والعلاقة بين علم النفس الاجتماعي والعلوم البيولوجية وثيقة للغاية، ويمكن تفسير تجربة الفرد وسلوكه من حيث بعض المفاهيم الأساسية للعلوم البيولوجية.

علاقة علم النفس الاجتماعي وعلم وظائف الأعضاء:

علم النفس الاجتماعي هو علم الخبرة الاجتماعية، بحيث ترتبط تجارب الفرد ارتباطًا وثيقًا بالعمليات الفسيولوجية، خاصةً في الجهاز العصبي، ومن ثم، فإن علم النفس الاجتماعي يمكن أن يدرس هذه العمليات الفسيولوجية من أجل حساب العمليات العقلية بشكل مناسب.

لا يمكن لعلم النفس الاجتماعي أن يدرس تلك العمليات الفسيولوجية التي لا تتعلق بالعمليات العقلية؛ لأنها تهتم في المقام الأول بالعمليات العقلية والسلوك، ولا يجب الخلط بين علم النفس الاجتماعي وعلم وظائف الأعضاء؛ بحيث يتعامل علم النفس الاجتماعي مع الخبرات، ويتعامل علم النفس الاجتماعي أيضًا مع السلوك الذي هو تعبير عن التجربة.

العلاقة بين علم النفس الاجتماعي وعلم وظائف الأعضاء هي علاقة دقيقة لدرجة أن تخصصًا مهمًا للغاية قد تطور خلال الربع الأخير من القرن المعروف باسم علم النفس الفسيولوجي.

تطور علم النفس الفسيولوجي بخطوات كبيرة من خلال تبني المفاهيم والتقنيات من التخصصات الأخرى مثل علم التشخيص العصبي وعلم وظائف الأعضاء العصبية وعلم الغدد الصماء وعلم الأدوية وعلم وظائف الأعضاء الخلوية والكيمياء الحيوية، ألقت الأبحاث في مجال علم النفس الفسيولوجي ضوءً قيمًا على طبيعة شخصية الإنسان والسلوك الاجتماعي.

علاقة علم النفس الاجتماعي والمنطق:

يتعامل علم النفس الاجتماعي مع جميع أنواع العمليات العقلية، التي من شأنها الارتباط بالسلوك الشخصي للفرد وكيفية تعامله مع الآخرين، أي عمليات المعرفة والشعور والرغبة، لكن المنطق يتعامل مع التفكير فقط، وهو نوع من المعرفة، ولا يتعامل مع الشعور والرغبة.

لكن المنطق لا يتطابق مع سيكولوجية التفكير؛ لأن علم النفس الاجتماعي يتبع العلم الإيجابي، بينما المنطق يتبع العلم المعياري، ويخبرنا علم النفس الاجتماعي كيف نفكر في الواقع بينما يخبرنا المنطق، كيف يجب أن نفكر من أجل الوصول إلى الحقيقة.

هناك بعض الفروق بين علم النفس الاجتماعي والمنطق، بحيث يهتم علم النفس الاجتماعي بالعلاقة بين العمليات العقلية والسلوكية للفرد، مثل التصور والحكم والاستدلال والتيسير الاجتماعي، بينما يهتم المنطق بالمنتجات العقلية، مثل المفاهيم والأحكام والاستنتاجات النهائية.

يتعامل علم النفس الاجتماعي مع عملية الاستدلال أو الاستكشاف العقلي للبيانات بينما يتعامل المنطق مع نتيجة الاستكشاف العقلي أو إيجاد علاقة جديدة بين البيانات والمعلومات التي تم التوصل لها، ويتعامل علم النفس الاجتماعي مع العمليات العقلية الملموسة والميدانية، بينما يتعامل المنطق مع المنتجات العقلية المجردة.

خلال السنوات الأخيرة، كانت العلاقة بين علم النفس الاجتماعي والمنطق وثيقة جدًا، بحيث يستفيد العديد من علماء النفس المعاصرين بشكل مكثف من بعض مفاهيم المنطق الرمزي أو المنطق الرياضي، خلال المرحلة التجريبية من تطور علم النفس الاجتماعي، كان أكثر اهتمامًا بالتجارب.

علاقة علم النفس الاجتماعي والفلسفة:

الفلسفة من جزأين نظرية المعرفة والأنطولوجيا، ويرتبط علم النفس بشكل عام بنظرية المعرفة، ومنها يستفسر علم النفس الاجتماعي عن طبيعة المعرفة والشعور والإرادة المتعلقة بخبرات وتصرفات الأفراد، وإنه يتعامل مع المعرفة كحقيقة، وطبيعة وتطور معرفة العقل الفردي التي تؤثر في السلوك الجمعي.

وهكذا فإن علم النفس الاجتماعي يستفسر عن طبيعة المعرفة كحقيقة، ومن ناحية أخرى، بحيث تستفسر نظرية المعرفة عن صحة المعرفة، ويرتبط علم النفس الاجتماعي بعلم الوجود أو الميتافيزيقيا، بحيث يتعامل علم النفس الاجتماعي مع المعرفة كحقيقة.

نشأ علم النفس الاجتماعي من الفلسفة مثل أي علم آخر، ومع ذلك، مع تطور علم النفس كعلم مستقل، انفصل عن الفلسفة، وتقع هذه المشاكل التأملية لعلم النفس الاجتماعي ضمن نطاق الفلسفة، بحيث يتعامل علم النفس الفلسفي مع تلك المشكلات في علم النفس والتي لها دلالات فلسفية.

علاقة علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع:

يتعامل علم النفس الاجتماعي مع نمط سلوك الفرد فيما يتعلق بالبيئة المادية والاجتماعية، ويشكل العالم الخارجي أو الضوء والصوت والذوق والشم والحرارة والبرودة، وغيرها من البيئة المادية، ويشكل الآباء والأقارب والأصدقاء والأعداء ورفاق اللعب والرفاق وجميع الأشخاص الذين يتعامل معهم الفرد ويتفاعلون بيئته الاجتماعية.

ينمو العقل الفردي ويتطور من خلال التفاعل مع المجتمع، ويطور شخصيته من خلال الاتصال الاجتماعي، وهناك تفاعل مستمر بين الفرد والمجتمع، ويتعامل علم الاجتماع مع طبيعة المجتمع وأصله وتطوره، ويبحث في آداب المجتمع وعاداته ومؤسساته في جميع مراحل تطوره من الدولة الهمجية إلى الدولة المتحضرة.

يهتم كل من علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي في المقام الأول بدراسة العلاقات المتبادلة بين الشخصيات البشرية في المجموعات الاجتماعية، كما يهتم بدراسة الروابط التي تربط الأفراد في المجتمع، أصبحت طبيعة العلاقات بين الأفراد مفهومة تمامًا من خلال التحقيقات في مجال علم النفس الاجتماعي أكثر.

هناك بعض نقاط الاختلاف بين علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، بحيث يهتم علم النفس الاجتماعي في المقام الأول بتجربة وسلوك الفرد، بينما علم الاجتماع، يهتم بالدور الذي يلعبه الفرد في المجتمع.

يتعامل علم النفس الاجتماعي مع التصرف الجماعي، بحيث يحقق في الخصائص المميزة للأفراد التي يكتسبونها كأعضاء في مجموعات، ويدرس تصرف الحشد والغوغاء، ويدرس المبادئ النفسية للتنظيم الاجتماعي، ويعتبر أرضية التقاء علم النفس وعلم الاجتماع.


شارك المقالة: