استفادت العديد من المجالات من علم النفس المعرفي، حيث يمكن أن يساعد في الأعمال التجارية وزيادة مبيعاته ومساعدة الموظفين على العمل في ذروته ومساعدة المعلمين على الاستفادة من خلال التعرف على كيفية معالجة الناس واستيعابهم وتعلمهم وتذكرهم للمعلومات، كذلك مساعدة مرضى الزهايمر على تذكر الذكريات التي كانت ثمينة لهم؛ نظراً لأن علم النفس المعرفي يمس العديد من التخصصات الأخرى، فإن هذا الفرع من علم النفس تتم دراسته من قبل العديد من الأشخاص في مختلف المجالات.
علم النفس مقابل علم النفس المعرفي:
علم النفس:
علم النفس هو أحد الدراسات العلمية الخاصة بالعقل والسلوك البشري، حسب لجمعية علم النفس الأمريكية فقد عرفت علم النفس بأنه تخصص عديد الأوجه ويتضمن بعض المجالات الفرعية للدراسة مثل مجالات التنمية والصحة والسلوك الإكلينيكي والاجتماعي والرياضة والعمليات المعرفية، علم النفس هو علم جديد للغاية؛ حيث حدثت معظم التطورات على مدار الـ 150 عام الماضية أو نحو ذلك، مع ذلك يمكن إرجاع أصولها إلى اليونان القديمة، كان التركيز فلسفي؛ مثل أعمال سقراط وأفلاطون.
في الأيام الأولى لعلم النفس كان هناك منظورين نظريين مهيمنين فيما يتعلق بكيفية عمل الدماغ والبنيوية والوظيفي، كانت البنيوية هي الاسم الذي أطلق على النهج الذي ابتكره فيلهلم وندت والذي ركز على تحطيم العمليات العقلية في مقدمة المكونات الأساسية، نشأ المصطلح من إدوارد تيتشنر؛ عالم النفس الأمريكي الذي تم تدريبه من قبل Wundt؛ كان Wundt مهم لأنه فصل علم النفس عن الفلسفة من خلال تحليل طريقة عمل العقل بطريقة أكثر تنظيماً، مع التركيز على القياس والتحكم الموضوعيين.
اعتمدت البنيوية على الاستبطان المدربين وهي طريقة بحث تربط من خلالها الموضوعات بما كان يدور في أذهانهم أثناء أداء مهمة معينة، مع ذلك ثبت أن الاستبطان طريقة غير موثوقة بسبب وجود الكثير من الاختلافات الفردية في تجارب وتقارير موضوعات البحث، على الرغم من فشل الاستبطان، يعتبر Wundt شخصية مهمة في تاريخ علم النفس، حيث افتتح أول مختبر مخصص لعلم النفس في عام 1879 وعادة ما يُنظر إلى افتتاحه على أنه بداية علم النفس التجريبي الحديث.
طور عالم النفس الأمريكي ويليام جيمس نهج، أصبح يُعرف باسم الوظيفية والذي يختلف مع تركيز البنيوية، جادل جيمس بأن العقل يتغير باستمرار وأنه من غير المجدي البحث عن بنية التجربة الواعية، بدلاً من ذلك اقترح أن يكون التركيز على كيفية ولماذا يفعل الكائن الحي شيئ ما؛ أي وظائف أو غرض الدماغ، اقترح جيمس أن علماء النفس يجب أن يبحثوا عن السبب الكامن وراء السلوك والعمليات العقلية المعنية؛ هذا التركيز على أسباب وعواقب السلوك قد أثر على علم النفس المعاصر.
علم النفس المعرفي:
يدور علم النفس المعرفي حول دراسة الإدراك، خاصة أنه يؤثر على التعلم والسلوك، يستكشف العمليات العقلية الداخلية مثل اللغة وحل المشكلات والذاكرة، تعتبر نظرية جان بياجيه للتطور المعرفي والذي يعد من أكثر علماء النفس تأثيراً في هذا المجال، هناك بعض الافتراضات القائمة على علم النفس المعرفي؛ أولاً إنه علم خالص يعتمد في الغالب على التجارب المعملية وهو شكل من أشكال التفكير الاستنتاجي.
افتراض آخر هو أن الدماغ يعمل إلى حد كبير مثل الكمبيوتر؛ مثل كيفية عمل العقل ومعالجة المعلومات، يقوم الدماغ بإدخال المعلومات وتخزينها واستردادها بشكل يشبه إلى حد كبير كيفية عمل الكمبيوتر، علم النفس المعرفي مفيد للغاية وشائع لأنه يمكن تطبيقه في العديد من مجالات علم النفس، التي تشمل الذاكرة والانتباه والإدراك ونمو الطفل وحل المشكلات، شهادة شهود العيان وتنمية دور الجنسين.
علم النفس المعرفي له العديد من التطبيقات العملية مثل المبادئ المعرفية غالباً ما تستخدم في إنشاء المناهج التعليمية وتصميم البرامج، بعض علماء النفس المعرفي البارزين هم جان بياجيه وويلهلم وندت وآرون بيك وألبرت إليس، يجري علماء النفس المعرفيون أبحاث حول عمليات التفكير البشري، كما يعمل علماء النفس المعرفي في العديد من المجالات مثل الجامعات والوكالات الحكومية والشركات التجارية، كما يدرسون التفكير والإدراك واتخاذ القرار والذاكرة والحكم.
يفحص كيفية قيام الشخص بجمع المعلومات ومعالجتها وتخزينها واستدعائها، يفضل هذا الفرع من علم النفس إجراء البحوث لإثبات النظريات، يجرى علماء النفس المعرفي عادة أبحاثهم على البشر، قد يقومون بإجراء تجارب حول كيفية تحسين الذاكرة ولفهم سبب قدرة بعض الأشخاص على تذكر المعلومات بشكل أسرع من غيرهم بشكل أفضل، يمكن إجراء بحث حول العوامل التي تؤثر على عملية صنع القرار، إنّ الأعمال هي أحد المجالات التي استفادت من علم النفس المعرفي، حيث توظف الشركات أيضاً علماء نفس معرفي.
ستريد الشركات من موظفيها تقديم أفضل أداء، كما سيعمل علماء النفس المعرفي مع الإدارة العليا حول كيفية تحسين بيئة العمل ووضع استراتيجيات لمساعدة الموظفين على تحسين أداء العمل، مع وجود بيئة عمل سيئة، سيكون العمال غير سعداء وأقل إنتاجية والأرجح أن يستقيلوا من أجل وظيفة أفضل، نظراً لأن معدلات الدوران يمكن أن يكون لها عبء مالي ضخم على الشركات لأن الشركات ستضطر إلى إيجاد بديل، كذلك إيجاد حلول لإنجاز العمل حيث أن الوظيفة شاغرة لأن تدريب الموظفين الجدد يستغرق وقت ومال.
أما المجال التالي للاستفادة من علم النفس المعرفي هو المجال الطبي؛ فالمرضى الذين يعانون من مشاكل في الذاكرة مثل مرض الزهايمر وهو فقدان تدريجي للذكريات مع مرور الوقت، يقترح بعض الباحثين أن العجز الدلالي يعكس تدهور الشبكة الدلالية نفسها، بينما يعزو البعض الآخر إلى العجز إلى ضعف الاسترجاع من الشبكة، مع تقدم الناس في العمر تتدهور وظائفهم المعرفية بمرور الوقت ولم تعد تعمل بشكل حاد كما كان من قبل.
يساعدهم علماء النفس على تطوير استراتيجيات وتقنيات لإبقاء أذهانهم وأجسادهم حادة مثل استخدام نظرية استرجاع الذاكرة لمساعدة المرضى، نظراً لأن العواطف لها تأثير قوي ومهم على عملياتنا الإدراكية، فقد ثبت جيداً أن الذاكرة تؤثر على الإعجاب، يمكن لمرضى الزهايمر أن يتذكروا إذا حثتهم على التذكر، من الأفضل محاولة استنباط الذكريات من خلال الأنشطة في سنواتهم السابقة لأنها تحرم الناس من ذكرياتهم قصيرة المدى، لكن ذكرياتهم طويلة المدى يمكن أن تظل سليمة إلى حد كبير.
يُظهر التصوير بالرنين المغناطيسي أن تقنيات الذاكرة زادت الأنشطة في الدماغ المرتبطة باللغة ومهارات التعلم وتذكر الفضاء والأشياء، نظراً لأن الأدمغة تتمتع كذلك بمرونة، فقد كان هناك انخفاض في تنشيط الحُصين مقارنةً بالبالغين الذين لا يعانون من الاختلال المعرفي المعتدل، يخضع البالغون المصابون بالاختلال المعرفي المعتدل (MCI) لبرنامج تدريب للذاكرة واكتشفوا أن التصوير بالرنين المغناطيسي أظهر تنشيط متزايد لأجزاء معينة من الدماغ المسؤولة عن معالجة اللغة ومهارات التعلم وتذكر المساحات والأشياء.
تظهر النتائج أنه لا توجد منطقة واحدة في الدماغ تخزن جميع الذكريات ولكن الدماغ قادر على تعويض انخفاض تنشيط الحُصين عن طريق زيادة التنشيط في أجزاء أخرى من الدماغ، يعمل علماء النفس المعرفي مع المرضى وأسرهم لتحسين الأداء الإدراكي للمرضى، يشتهر مرض الزهايمر بتسببه في فقدان الذاكرة والقدرة على الأداء الإدراكي، يعتقد بعض الخبراء أن العلاج النفسي سيكون على قدم المساواة مع العلاج الدوائي.
جادل البعض بأنه أكثر فعالية في المراحل المبكرة، يمكن أن يساعد العلاج النفسي المريض في التعامل مع الاكتئاب والقلق وجميع المشاعر السلبية الأخرى بشكل جيد، مع ذلك ومع تقدم مرض الزهايمر إلى مرحلة أكثر تقدم تقل فعالية العلاج النفسي مع انخفاض الأداء الإدراكي للمريض، إن الدماغ قادر على تعويض انخفاض تنشيط الحُصين عن طريق زيادة التنشيط في أجزاء أخرى من الدماغ، يعمل علماء النفس المعرفي مع المرضى وأسرهم لتحسين الأداء الإدراكي للمرضى.
مجال آخر يستفيد من علم النفس المعرفي هو التعليم، قد يعمل علماء النفس المعرفي أيضاً مع الأطفال الذين يكافحون في المدرسة ولديهم صعوبات في التعلم لتحسين ذاكرتهم وأيضاً لتقديم طرق واستراتيجيات دراسية مختلفة، أظهرت دراسة أجرتها FMRI على الموسيقيين أن الأنشطة الموسيقية تنشط المناطق المكانية للدماغ؛ لاحظ Holland تنشيط الفصيصات الجدارية السفلية أثناء المعالجة اللحنية والتوافقية ويتم تنشيط هذه المناطق في مهام مقارنة الأرقام التي تشير إلى أن المناطق المشتركة متورطة في العدد وفي معالجة الموسيقى.
لذلك قد يقترح أن التدريب الموسيقي يزيد القدرات المكانية ويلعب دور مهم في تحصيل الرياضيات، ربما يمكن تقديم الموسيقى لمساعدة الطلاب الذين يعانون من اضطرابات التعلم؛ نظراً لأن التعلم والذاكرة لا ينفصلان فإن وجود عجز في الذاكرة سيؤثر على كيفية تعلم الشخص مما سيؤثر بالتالي على التطور السلوكي والدماغ، كثيراً ما يتم تقديم التقييمات المعرفية للوصول إلى الطلاب لمعرفة ما إذا كانوا مؤهلين لبرنامج الموهوبين لأنه طريقة شائعة جداً للوصول إلى الذكاء.