حاول علماء النفس البيولوجي والمهتمين في قياس المتغيرات البيولوجية والفسيولوجية ربطها بالسلوكية؛ نظراً لأن السلوكيات يتحكم فيها الجهاز العصبي المركزي، يسعى علماء النفس البيولوجي إلى فهم كيفية عمل الدماغ لفهم السلوك، تشمل المجالات الرئيسية للتركيز الإحساس والإدراك والسلوك المحفز (مثل الجوع والعطش والجنس)؛ كذلك السيطرة على حركة التعلم والذاكرة؛ نظراً لأن التطور التقني يؤدي إلى التقدم في طرق البحث، يتم الآن دراسة موضوعات أكثر تقدم.
ما هو علم النفس البيولوجي؟
علم النفس البيولوجي والذي يعرف أيضاً باسم علم النفس الحيوي؛ هو أحد فروع علم النفس يطبّق مبادئ علم الأحياء من أجل دراسة العمليات والسلوك العقلي، كما يوحي الاسم يستكشف علم النفس البيولوجي كيف تؤثر بيولوجيتنا على سلوكنا، في حين أن علم النفس البيولوجي مجال واسع، يرغب العديد من علماء النفس البيولوجي في فهم كيفية ارتباط بنية ووظيفة الجهاز العصبي بالسلوك، تعد مجالات علم الأعصاب السلوكي وعلم الأعصاب الإدراكي وعلم النفس العصبي كلها حقول فرعية لعلم النفس البيولوجي.
تمتد الاهتمامات البحثية لعلماء النفس البيولوجي إلى عدد من المجالات، بما في ذلك على سبيل المثال الأنظمة الحسية والحركية والنوم وتعاطي المخدرات والسلوك والسلوك الإنجابي والنمو العصبي وليونة الجهاز العصبي والارتباطات البيولوجية للاضطرابات النفسية، نظراً لمجالات الاهتمام الواسعة التي تقع ضمن اختصاص علم النفس البيولوجي، فليس من المستغرب على الأرجح أن يشارك أفراد من جميع أنواع الخلفيات في هذا البحث، بما في ذلك علماء الأحياء والمهنيين الطبيين وعلماء وظائف الأعضاء والكيميائيين، غالباً ما يشار إلى هذا النهج متعدد التخصصات بعلم الأعصاب والذي يعد علم النفس البيولوجي أحد مكوناته.
بينما يركز علم النفس الحيوي عادة على الأسباب المباشرة للسلوك القائم على فسيولوجيا الإنسان أو حيوان آخر، يسعى علم النفس التطوري إلى دراسة الأسباب البيولوجية النهائية للسلوك، تماماً كما تطورت السمات الجينية وتكيفت بمرور الوقت، يمكن أيضاً أن تتطور السمات النفسية وتتحدد من خلال الانتقاء الطبيعي، يدرس علماء النفس التطوريون مدى تأثر السلوك بالوراثة، تعود أصول دراسة السلوك في سياق التطور إلى تشارلز داروين، المكتشف المشارك لنظرية التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي، كان داروين يدرك أن السلوكيات يجب أن تكون قابلة للتكيف.
يعتمد علم النفس التطوري على الفرضية القائلة بأن الإدراك مثل القلب والرئتين والكبد والكلى والجهاز المناعي، له بنية وظيفية وأساس وراثي، بالتالي فقد تطور عن طريق الانتقاء الطبيعي، إنهم يسعون إلى فهم الآليات النفسية من خلال فهم وظائف البقاء والتكاثر التي ربما خدموها على مدار التاريخ التطوري، قد يشمل ذلك القدرة على استنتاج مشاعر الآخرين وتمييز الأقارب من غير الأقارب وتحديد وتفضيل رفقاء أكثر صحة والتعاون مع الآخرين ومتابعة القادة، يرى علم النفس التطوري أن البشر في كثير من الأحيان في صراع مع الآخرين، بما في ذلك الرفقاء والأقارب.
جذور علم النفس البيولوجي:
تعود جذور علم النفس البيولوجي إلى الدراسات النفسية البنيوية والوظيفية المبكرة، كما هو الحال مع جميع وجهات النظر الرئيسية، تم توسيع هذه المناقشة لتشمل الجوانب النظرية والمنهجية لهذين النهجين في المنظور البيولوجي وتقديم أمثلة للدراسات ذات الصلة، اعتقد علماء النفس الهيكلي والوظيفي الأوائل أن دراسة الأفكار الواعية ستكون المفتاح لفهم العقل، استندت مناهجهم في دراسة العقل إلى الملاحظة المنهجية والدقيقة، مما وضع الأساس للتجارب النفسية الحديثة، فيما يتعلق بالتركيز البحثي استكشف Wundt وTitchener موضوعات مثل مدى الانتباه ووقت رد الفعل والرؤية وإدراك الوقت، كلها لا تزال قيد الدراسة حتى اليوم.
كانت طريقة Wundt الأساسية للبحث هي الاستبطان والذي يتضمن تدريب الناس على التركيز والإبلاغ عن تجاربهم الواعية أثناء تفاعلهم مع المنبهات، فلا يزال هذا النهج يستخدم اليوم في أبحاث علم الأعصاب الحديث؛ مع ذلك ينتقد العديد من العلماء استخدام الاستبطان بسبب افتقاره إلى النهج التجريبي والموضوعية، تم انتقاد البنيوية أيضاً لأن موضوع اهتمامها لم يكن من السهل دراسته من خلال التجربة المضبوطة، تم انتقاد اعتماد البنيوية على الاستبطان، على الرغم من المبادئ التوجيهية الصارمة لـ Titchener، بسبب افتقارها إلى الموثوقية.
جادل النُّقاد بأن التحليل الذاتي غير ممكن وأن الاستبطان يمكن أن يؤدي إلى نتائج مختلفة اعتماداً على الموضوع، كان النقاد قلقين كذلك بشأن إمكانية الرجوع إلى الماضي أو ذكرى الإحساس بدلاً من الإحساس نفسه، اليوم يجادل الباحثون بأن الأساليب الاستبطانية ضرورية لفهم خبرات وسياقات معينة واستخدم باحثان من مينيسوتا فن التصوير الذاتي وهو نهج سردي للتحليل الاستبطاني، لدراسة التجربة الظاهراتية لعالم السجون وما يترتب على ذلك من عمليات تكييف وتحولات.
من البنيوية إلى الوظيفية:
بينما كانت البنيوية تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في تدقيق المنهج العلمي تم البحث عن طرق جديدة لدراسة العقل، كان أحد البدائل المهمة هو الوظيفية التي أسسها ويليام جيمس في أواخر القرن التاسع عشر، التي تم وصفها ومناقشتها في منشوره مبادئ علم النفس، بناءً على اهتمام البنيوية بتشريح العقل أدت الوظيفية إلى اهتمام أكبر بوظائف العقل ثم السلوكية لاحقاً، التقط جيمس أنجيل أحد طلاب جيمس، المنظور الوظيفي فيما يتعلق بمناقشة الإرادة الحرة في نصه عام 1906 علم النفس في دراسة تمهيدية لبنية ووظيفة الوعي البشري.
بقدر ما يكون الوعي نشط ومنظم وموحد، فإننا نجد أنه مع زيادة النضج يتم تنسيق نبضاتنا بشكل عام مع بعضها البعض بشكل مثالي أكثر وأكثر، هكذا نصل إلى اكتساب عادات عمل محددة وموثوقة، تتشكل إرادتنا مثل هذا التثبيت لأنماط الإرادة يشكل شخصية، مثلاً الرجل الصالح ليس مضطراً إلى التردد في السرقة، جميع عاداته الأخلاقية تدفعه على الفور وبصعوبة إلى الابتعاد عن مثل هذه الأفعال.
من وجهة نظر واحدة لا يكتمل تطوير الشخصية أبداً؛ لأن التجربة تقدم لنا باستمرار جوانب جديدة من الحياة، نتيجة لهذه الحقيقة نشارك دائماً في إعادة بناء طفيفة لأنماط سلوكنا وموقفنا تجاه الحياة، لكن بطريقة منطقية عملية تصبح معظم عاداتنا المهمة في رد الفعل ثابتة في وقت مبكر ومحدّد إلى حد ما في الحياة.
يعتبر علم النفس البيولوجي أيضاً اختزالياً بالنسبة للمختزل، فإن البسيط هو مصدر المركب، بمعنى آخر لشرح ظاهرة معقدة (مثل السلوك البشري) يحتاج الشخص إلى اختزالها إلى عناصرها، في المقابل بالنسبة إلى الكلي، فإن الكل أكثر من مجموع الأجزاء، يمكن اعتبار تفسيرات السلوك في أبسط مستوياته اختزالية، يعكس النهج التجريبي والمختبري في مختلف مجالات علم النفس على سبيل المثال (السلوكي والبيولوجي والمعرفي) موقف اختزالي.
يجب أن يقلل هذا النهج حتماً السلوك المعقد إلى مجموعة بسيطة من المتغيرات التي توفر إمكانية تحديد السبب والنتيجة؛ أي يشير النهج البيولوجي إلى أن المشكلات النفسية يمكن علاجها كمرض وبالتالي يمكن علاجها غالباً بالعقاقير، حظي الدماغ ووظائفه باهتمام كبير من علماء النفس البيولوجي واستمروا في التركيز عليه علماء نفس اليوم، يدرس علماء النفس البيولوجي الدماغ البشري من حيث الأجزاء أو الأنظمة المتخصصة وعلاقاتهم المعقدة بشكل رائع، أظهرت الدراسات تكوين الخلايا العصبية في الحصين؛ في هذا الصدد فإن الدماغ البشري ليس كتلة ثابتة من الأنسجة العصبية.
فقد وجد أن العوامل البيئية المؤثرة تعمل طوال فترة الحياة، من بين أكثر العوامل سلبية يمكن أن تؤدي الإصابة والأدوية إلى تدمير خطير، في المقابل يمكن أن يوفر النظام الغذائي الصحي وبرامج التمارين المنتظمة والأنشطة العقلية الصعبة تأثيرات إيجابية طويلة المدى على الدماغ والنمو النفسي، أكد علم النفس البيولوجي على أنّ الدماغ يتكون من أربعة فصوص؛ الفص الجبهي والفص القذالي والفص الجداري والفص الصدغي؛ جزء مهم آخر من الجهاز العصبي هو الجهاز العصبي المحيطي والذي ينقسم إلى قسمين؛ الجهاز العصبي الجسدي والجهاز العصبي اللاإرادي.
لماذا علم النفس البيولوجي مهم؟
لأنّ علم النفس البيولوجي يعتبر أحد مجالات علم النفس الوحيدة التي تنظر في الأفكار والسلوكيات نتيجة لعلم الوراثة وعلم وظائف الأعضاء البشرية، من خلال النظر إلى السلوكيات بهذه الطريقة، هناك إمكانية للكشف عن الأسباب الجسدية الكامنة وراء الأفكار أو السلوكيات المشكلة، في النهاية توفير مجالات محتملة للعلاج الجسدي والطبي لدعم العلاج النفسي.
تُظهر دراسات علم النفس البيولوجي كيف يختلف البشر عن الأنواع الأخرى بالإضافة إلى النظر في السمات الموروثة؛ كلاهما يوفر نظرة ثاقبة فريدة للأسباب المحتملة لأفعال المريض، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن توفر فسيولوجيا الإنسان بما في ذلك دراسة الجهاز العصبي والهرمونات مناطق فيزيائية للعلاج، إن النظر إلى الأنظمة الفسيولوجية من منظور نفسي بدلاً من منظور طبي، يقدم رؤية فريدة ومثيرة للاهتمام، كما يقدم الباحثون في هذا المجال أيضاً نظرة ثاقبة مثيرة للاهتمام حول كيفية تأثير السلوكيات على الدماغ.