غلب على نظرية التحليل النفسي عند فرويد الطابع البيولوجي، حيث تمحورت هذه النظرية حول الطاقات الغريزيّة الكامنة في جسم الطفل منذ الولادة، التي تكون في تصادم مستمر مع المجتمع. يُعتبر مصطلح علم النّفس التحليلي هو الأقدم، كان يعني في البداية كل ما يتعلّق بتحليل النفس البشرية، لكن مع ظهور التحليل النفسي بصفته الممارسة السريرية المُستقلَّة، أصبح كل من هذين المصطلحين طريقة لوصف ذلك. على الرَّغم من أنّ التحليل النفسي وعلم النفس التحليلي ما زالا قيد الاستخدام حتى يومنا هذا، لكن المصطلح الطبيعي المستخدم أكثر حالياً هو التحليل النفسي.
نظرية التحليل النفسي
هي نظرية تتحدَّث حول تنظيم الشخصيَّة وآليات تطوُّرها التي تُوجّه علم النفس التحليلي، تعتبر طريقة سريرية تُستخدم في علاج الأمراض النفسيّة. وضع العالم سيغموند فرويد أول نظرية للتحليل النفسي في أواخر القرن التاسع عشر، خضعت فيما بعد للكثير من التعديلات. ظهرت نظرية التحليل النفسي بشكل كامل في الثلث الأخير من القرن العشرين؛ باعتبارها جزء من الحوار الحَرج المُتفاقم حول العلاجات النفسية في فترة ما بعد الستينيات، بعد فترة طويلة من وفاة فرويد في عام 1939، أصبحت نظريّته هذه موضع في الخلاف والرفض على نطاق واسع.
أوقف فرويد عمله حول تحليل الدِّماغ وأبحاثه الفيزيولوجية، حوّل مُجمل تركيزه على دراسة العقل الباطن والسِّمات النفسية التي تُشّكله، على العلاج عبر استخدام آليات التداعي الحُرّ وظواهر الانتقال. أكّدت دراسة فرويد على أهمية إدراك أحداث الطُّفولة التي من الممكن أن تؤثر على الأداء العقلي عند البالغين، حُدِّدت أبحاثه حول الجينات الوراثية وجوانب تطورها.
التحليل النفسي
هو طريقة علاجية أنشأها سيغموند فرويد؛ لعلاج الاضطرابات العقلية من خلال دراسة التفاعلات بين الوعي واللاوعي في العقل الباطن للمريض، أيضاً استحضار المخاوف والصِّراعات المكبوتة في مركز اللاوعي إلى الوعي، يتم ذلك عن طريق استخدام آليات مختلفة، مثل تفسير الأحلام، التداعي الحُرِّ، أيضاً نظام النظرية النفسية المرتبط بهذه الطريقة.
بدايات نظرية التحليل النفسي
بدايةً عَمل فرويد على دراساته في التحليل النفسي كانت بالتعاون مع الدكتور جوزيف بروير، خاصَّةً في الدراسات المتعلقة بالمريضة أنّا، اتّسمت العلاقة بين فرويد وبروير بالكثير من الإعجاب والمُنافسة، بناءً على حقيقة أنّهما عَمِلا معاً على حالة المريضة أنّا، تَعيّن عليهما الموازنة بين فكرتين مُختلفتين فيما يتعلق بتشخيص حالتها وعلاجها.
اليوم يمكن اعتبار بروير جدّ التحليل النفسي. عانت المريضة أنّا من مزيج من الاضطرابات الجسدية والنفسية، مثل عدم قدرتها على الشُّرب نتيجة الخوف الذي بداخلها. وجدَ كل من بروير وفرويد أنّ التنويم المغناطيسي كان طريقة مساعِدة جداً في اكتشاف الكثير حول شخصية أنّا وعلاجها. ذُكِرت الأبحاث والأفكار المُتعلقة حول حالة المريضة أنّا بشكل كبير ضمن محاضرات فرويد حول أصل التحليل النفسي وتطوره، أدّت هذه الملاحظات إلى طرح فرويد لنظرية يقترح فيها بأنّ المشكلات التي يواجهها مرضى الهِستيريا يمكن أن ترتبط بتجارب مُؤلمة من خلال فترة الطفولة، التي لا يمكن للمريض تذكّرها، تُشكِّل تأثير هذه الذكريات المفقودة مشاعر المرضى وأفكارهم وسلوكياتهم. ساهمت هذه الدراسات في تطوير النظريَّة التحليليَّة بشكل هائل.
مكونات الشخصية للنظرية التحليلية
أكّد سيغموند فرويد على أن الشخصية تتكون من ثلاثة أقسام مختلفة هي الهُو والأنا والأنا العليا:
- الهُو: هو الجانب من الشخصية الذي يسيطر عليه الدّوافع والرَّغبات الداخلية والأساسية. عادةً ما تكون غريزيّة، مثل الجُوع، العطش، الدافع الجنسي، الرغبة الجنسية. يعمل الهُو وفقاً لمبدأ اللّذة، ذلك بشكل يحاول فيه تجنُّب الآلام والسعي وراء الحصول على المُتعة. نظراً لمضمون الغريزيّة لعمل الهُو، تتّصف هذه الشخصيّة بالتّهوُّر وفي الغالب تكون غير مُدركة لعواقب أفعالها غير الصحيحة.
- الأنا: هي مدفوعة بمبدأ الواقعية. تعمل الأنا على تحقيق التوازن بين الهُو والأنا العُليا، من خلال مُحاولة تلبية الدوافع للهُو بطرق أكثر واقعية، تسعى لتسويغ غريزة الهُو وإرضاء دوافعها، التي تفيد الفرد على المدى الطويل، تساعد أيضاً على الفصل بين ما هو حقيقي وواقعي وبين الدوافع الخاصَّة بنا، إضافةً إلى كونها أكثر واقعيّة بشأن المعايير التي تُحدِّدها الأنا العُليا للفرد.
- الأنا العليا: هي مدفوعة بمبدأ الأخلاق. تعمل الأنا العليا بما يتناسب مع مبادئ الأخلاق السَّامية للأفكار والأفعال، بعيداً عن الانجراف وراء الغريزة كما تفعل الهُو، فالأنا العليا تعمل على الالتزام بطرق مقبولة اجتماعياً، تعمل أيضاً على مبدأ الأخلاق وتُساهم بشكل كبير في الحكم على شعورنا بالخطأ والصّواب أي الضمير، تستخدم شعور الذّنب لتشجيع السُّلوك المقبول اجتماعياً.