تعددت وجهات النظر حول بدايات الحرب الباردة الثانية، على سبيل المثال من رأي المحلل السياسي روبرت ليفجولد: “أن هذه الحرب بدأت أثناء أزمة أوكرانيا في سنة 2013”. من ناحية أخرى يرى عالم سياسي أمريكي آخر أندرو كوشينز، “أن هذه الحرب بدأ بالفعل منذ سنة 2016″، حيث يرى آخرون أن هذا المصطلح غير مناسب لوصف الصراع الحالي، على الرغم من أنه قد يكون أكثر خطورة من الحرب الباردة الأصلية.
مفهوم الحرب الباردة الثانية:
الحرب الباردة الثانية أو الحرب الباردة الجديدة، مصطلح يستخدم لوصف حقبة ما بعد الحرب الباردة، التوترات العسكرية والسياسية بين تكتلات القوى الجيوسياسية المعارضة. عادة يقال أن إحدى الكتل تقودها إما روسيا أو الصين والأخرى، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. إنه أقرب إلى الحرب الباردة الأصلية، التي شهدت مواجهة وحروب بالوكالة بين الكتلة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة والكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفييتي سلف روسيا.
قد يشير المصطلح أيضاً إلى التوترات المتزايدة، بين الولايات المتحدة والصين ونادراً ما يتم ترقيم الحروب الباردة، التي لا تشارك فيها الولايات المتحدة والصين وروسيا.
يظن فيليب هوارد أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة أكسفورد، أن هذه الحرب بدأت في سنة 2012 خلال حرب المعلومات، التي بدأت أساساً ببث ونشر معلومات معينة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى استهداف البنية التحتية للمعلومات.
في أبريل سنة 2018، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع في مجلس الأمن: “الحرب الباردة عادت بسبب الرغبة في الانتقام، حيث يجب إيجاد آليات جديدة لتجنب تصعيد المواجهة، بين روسيا والولايات المتحدة خاصة في سوريا”.
التوترات الروسية الغربية:
تختلف المصادر حول ما إذا كانت فترة التوتر العالمي المماثلة للحرب الباردة ممكنة في المستقبل، بينما استخدم آخرون المصطلح لوصف التوترات المستمرة والأعمال العدائية والمنافسات السياسية، التي اشتدت بشكل كبير في سنة 2014 بين روسيا وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها.
مايكل كلار كاتب وأكاديمي في RealClearPolitics قارن التوترات بين روسيا والغرب في يونيو 2013، بالصراع المستمر بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران.
لقد جادل البروفيسور في أكسفورد فيليب هوارد بأن هناك حرباً باردة جديدة، كانت تدور رحاها عبر وسائل الإعلام وحرب المعلومات والحرب الإلكترونية. في سنة 2014 حذرت شخصيات بارزة مثل: ميخائيل جورباتشوف على خلفية المواجهة بين روسيا والغرب بسبب الأزمة الأوكرانية من أن العالم كان على شفا حرب باردة جديدة أو أنه كان بالفعل.
يعتقد العالم السياسي الأمريكي روبرت ليجفولد أيضاً أن الأمر بدأ في سنة 2013 أثناء أزمة أوكرانيا. لقد جادل آخرون بأن المصطلح لا يصف بدقة طبيعة العلاقات بين روسيا والغرب. بالإضافة إلى كوهين روبرت د. كرين وأليكس فاتانكا، لقد أشاروا جميعاً إلى “الحرب الباردة الأمريكية الروسية”. يعتقد أندرو كوتشينز العالم السياسي الأمريكي وعالم الكرملين، الذي تحدث في سنة 2016 أن المصطلح “غير مناسب للصراع الحالي”؛ لأنه قد يكون أكثر خطورة من الحرب الباردة.
في حين أن التوترات الجديدة بين روسيا والغرب لها أوجه تشابه، مع تلك التي حدثت أثناء الحرب الباردة، إلا أن هناك أيضاً اختلافات كبيرة مثل: العلاقات الاقتصادية المتزايدة لروسيا الحديثة مع العالم الخارجي، التي قد تقيد تصرفات روسيا وتزودها بآليات جديدة وطرق لممارسة النفوذ، كما هو الحال في بيلاروسيا وآسيا الوسطى، التي لم تشهد نوع العمل العسكري المباشر، الذي انخرطت فيه روسيا في دول الاتحاد السوفييتي السابق، الأقل تعاوناً مثل: أوكرانيا ومنطقة القوقاز. لذلك تم وصف مصطلح “الحرب الباردة الثانية” بأنه تسمية خاطئة.
حصل مفهوم “الحرب الباردة الثانية” رواجاً وأهمية، مع تصاعد التوترات بين روسيا والغرب خلال الاضطرابات الموالية لروسيا في أوكرانيا سنة 2014، تلاها التدخل العسكري الروسي وخاصة إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم 17 في يوليو 2014.
بحلول أغسطس 2014 نفذ كلا الجانبين عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية على بعضهما البعض: فرضت جميع الدول الغربية تقريباً بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إجراءات عقابية على روسيا، التي أدخلت إجراءات انتقامية.
التوترات الصينية الأمريكية:
استعمل المسؤول الدفاعي الكبير في الولايات المتحدة جيد بابين أستاذ جامعة ييل ديفيد جيليرنتر، محرر Firstpost R. Jagannathan، سوبهاش كابيلا من مجموعة تحليل جنوب آسيا، أيضاً رئيس الوزراء الأسترالي السابق كيفين رود، بالإضافة إلى بعض المصادر الأخرى المصطلح، أحياناً باستخدام مصطلح الحرب الباردة في المحيط الهادئ، للإشارة إلى التوترات بين الولايات المتحدة والصين في 2000 وسنة 2010.
اشتد الحديث عن “حرب باردة جديدة”، بين كتلة بقيادة الولايات المتحدة من جهة ومحور بكين – موسكو المفترض، بما في ذلك الإشارات الصريحة إليها، في وسائل الإعلام الرسمية لجمهورية الصين الشعبية، في صيف سنة 2016 نتيجة النزاع الإقليمي في بحر الصين الجنوبي، عندما تحدت الصين حكم محكمة التحكيم الدائمة، ضد الصين بشأن نزاع بحر الصين الجنوبي، حيث أعلنت الولايات المتحدة في يوليو 2016 أنها ستنشر دفاع منطقة الارتفاعات العالية الطرفية (ثاد) في كوريا الجنوبية، وهي خطوة استاءت من الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
دونالد ترامب الذي تم تنصيبه كرئيس للولايات المتحدة، في 20 يناير سنة 2017، قال مرارا وتكراراً خلال حملته الرئاسية أنه يعتبر الصين تهديداً، وهو الموقف الذي زاد من التكهنات باحتمال اندلاع حرب باردة جديدة مع الصين. قال مينكسين باي الأستاذ بكلية كليرمونت ماكينا: إن فوز ترامب في الانتخابات وصعوده إلى الرئاسة، قد يزيد من فرص الاحتمال. في مارس سنة 2017، قالت مجلة شهرية اشتراكية معلنة ذاتياً: “مع صعود إدارة ترامب تم تعليق الحرب الباردة الجديدة مع روسيا”، أيضاً قالت أن إدارة ترامب تخطط للانتقال من روسيا إلى الصين كمنافس رئيسي لها.
في يوليو سنة 2018 قال مايكل كولينز، وهو نائب مساعد مدير مركز مهام شرق آسيا، التابع لوكالة المخابرات المركزية، لمنتدى آسبن الأمني في كولورادو: أنه يعتقد أن الصين تحت قيادة الزعيم الأعلى والأمين العام شي جين بينغ، رغم عدم استعدادها لخوض الحرب، حيث كانت تشن “نوعاً هادئاً من الحرب الباردة ضد الولايات المتحدة، التي تسعى لتحل محل الولايات المتحدة كقوة عالمية رائدة.
وأوضح أيضاً: “ما يشنونه ضدنا هو في الأساس حرب باردة ليست كما رأينا خلال الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، لكنها حرب باردة بحكم التعريف”. في أكتوبر سنة 2018، لقد قال الأستاذ في جامعة لينجنان، في هونغ كونغ تشانغ باوهوي لصحيفة نيويورك تايمز: “إن خطاب نائب رئيس الولايات المتحدة مايك بنس، في معهد هدسون سيبدو بمثابة إعلان حرب باردة جديدة”.