اقرأ في هذا المقال
- معاهدة كوجوك كاينارجا
- أسباب الحرب بين تركيا وروسيا
- السّيادة على البحر الأسود والمضيق
- آثار معاهدة كوجوك كاينارجا
هي عبارة عن مُعاهدة قد تمّت بين كلّ من روسيا وتركيا. وكان تاريخ هذه المُعاهدة في عام 1774. وتمّت في معسكر يقع بالقرب من منطقةِ كوجوك كاينارجا، فهي منطقة تقع في بلغاريا المُعاصرة. أيضاً من مسميات هذه المُعاهدة اسم كيتشوك كاينارجي واسم كوجك قينارجه.
معاهدة كوجوك كاينارجا:
لقد جاءت تلك المعاهدة في 28 مادة ومادتين منفصلتيّن، قد أورد نصّها محمد فريد في كتابه تاريخ الدّولة العليّة، بمقتضى هذه المعاهدة لقد انفصلت خانيّة القرم (هي إحدى الخانيّات الناتجة عن تفكّك مَملكة القبيلة الذهبيّة، التي قام بتأسيسها المغول والتّتار بعد غزو أجزاء واسعة من أوروبا الشرقيّة، والقوقاز من قبل القبائل التتاريّة والمغوليّة تحت سيطرة جنكيزخان وأتباعه) عن الدّولة العثمانيّة، حيث أصبحت دولة مستقلة، لا ترتبط بالدولة إلا قيام شيخ الإسلام في اسطنبول بتنظيم الشؤون الدينيّة للقرم.
ونصّت المعاهدة على منحِ الأفلاق والبغدان (رومانيا) الاستقلال الذاتيّ تحت السيادة العثمانيّة، مع إعطاء روسيا حقّ التدخل في اختيار حكامها. وأعطت المعاهدة لروسيا حقّ رعاية السكان الأرثوذوكس الذين يعيشون في البلاد العثمانيّة، فقد كان هذا الاعتراف ذريعة لروسيا في أن تتدخل في شؤون الدولة العثمانيّة. ولقد ألزمت المعاهدة أن تدفع الدولة العثمانيّة غرامات حرب لأول مرة في التّاريخ، فقد دفعت 15,000 كيس من الذهب للروس.
أسباب الحرب بين تركيا وروسيا:
لقد ثارت الحرب من جديد بسبب اقتحام روسيا لبولندا سنة 1769، أيضاً قيام الرهبان الروس بإثارة الفتنة في الصّرب وبلغاريا والجبل الأسود. وكانت تلك البلاد تخضع للدولة العثمانيّة، فقامت الدولة العثمانيّة بإرسال إنذار إلى روسيا بأن تقوم بإخلاء بولندا، فلم تستجب لها واشتعلت الحرب بين الدولتين. ولم يَكُن قادة العثمانيين على قدر كافي من الكفاءة، حتى جنودهم لم يكونوا مؤهلين تماماً للقتال. ومن بعدها لحقت بهم الهزائم المتتاليّة، حيث قاموا الروس بالسيطرة على بعضِ الأراضي التابعة للدولة العثمانيّة.
وكان الأسطول الروسي في بحر البلطيق؛ نظراً لأن البحر الأسود بحيرة عثمانيّة مغلقة وتفرض الدولة العثمانيّة سيطرتها عليه، فقام الأسطول الروسي بالإبحار إلى المحيط الأطلسي، حيث قام باجتيازه إلى البحر المتوسط، حين أخبر السفير الفرنسيّ “الباب العالي” بتحرّك الأسطول الروسيّ، لم يتحرّك أيّ أحد من القادة والوزراء، فلم يصدقوا أن يقوم أسطول العدو باجتياز تلك البحار إلى المياه العثمانيّة، حيث تقابل الأسطولان في شمال جزيرة ساقيز الموجودة ببحر إيجة. واستمر القتال 4 ساعات وانتصر بعدها العثمانيون.
السّيادة على البحر الأسود والمضيق:
جاءت المُعاهدة ضربة قاصمة للسياسة العُليا للدولة العثمانيّة، فيما يخص بسيادتها على البحر الأسود والمضايق، فقد قررت المعاهدة أن تكون الملاحة حرّة ومفتوحة للسفن الروسيّة التجاريّة. وغير مشروطة أن يكون لها الحقّ في حريّة المرور في المضايق بين البحر الأسود والبحر المتّوسط.
وأيضاً حرية دخول الموانئ والثغور التي تقع على ساحلِ البحر الأسود وممارسة التّجارة فيها. وكانت الدولة العثمانيّة في عزّ قوتها وتفرض سيطرتها الكاملة على البحر الأسود والمضايق، احترمت الدّول هذه السياسة، إلى درجة أنه إذا أراد الرعايا الروس ممارسة التجارة بين موانئ البحرالأسود، كان عليهم أن ينقلوا البضائع على سفنٍ عثمانيّة تكون حاملة العلم العثمانيّ.
وقررت المعاهدة أن تكون تحت سيطرة روسيا، بعدَّة مواقع وقواعد عسكريّة عثمانيّة بصورة كاملة ودائمة، مثل: قلعة كينبرن التي تقع عند مصب نهر دنيبر، قلعة جنيكال وقلعة كيرتش الواقعتين في شبه جزيرة القرم، مدينة آزوف (بلدة روسيّة تقع في روستوف أوبلاست على نهرِ الدون) بمناطقها وحدودها، فهو ما أفقد الدّولة سيطرتها على منطقةِ القرم وأضعف قبضتها على البحرِ المتوسط.
آثار معاهدة كوجوك كاينارجا:
على الرغم من أن معاهدة كوجوك كاينارجا لم تفقد الدولة العثمانيّة سوى أراضٍ قليلة منها، فإنها تُعدّ من أسوأ المعاهدات التي قامت الدولة بتوقيعها على امتداد تاريخها، حيث رفعت روسيا دفعة واحدة إلى صفوف الدول القوية بعد كلّ من دولة انجلترا وفرنسا. وقامت بإنزال الدولة العثمانيّة من القمة إلى الأرض، حيث قامت بإنهاء سيطرة الدولة العثمانيّة على البحر الأسود باعتباره بحيرة عثمانيّة، فقد كانت بداية طريق الضّعف والاختفاء، أيضاً ظهور ما تُسمَّى بالمسألة الشرقيّة. وبناءً على ذلك بدأت الدولة تفتح صفحة وبداية جديدة في تاريخها، عن طريق البحث عن وسائلِ الإصلاح، أيضاً نظراً لوجود جيش مغلوب، فقد كان من الطبيعي أن يؤمن العثمانيون بأن الإصلاح يجب أن يبدأ من الجيش.