الدويلات في عهد الخليفة الطائع لله

اقرأ في هذا المقال


الخليفة الطائع لله:

هو عبد الكريم بن الفضل المُطيع، أبو بكر، ولِدَ عام (320 هجري)، ووالدته أم ولد تُسمى (هزار).

دولة البويهيين:

وقع مشاكل وخلافات بين عز الدولة (بختيار)، وبين نصر الدولة (سبكتكين)، فدعم الأتراك نصر الدولة ووقعت حروب بين الطرفين، واضطر عز الدولة أن يستنجد بعمه ركن الدولة وبابن عمه عضد الدولة، وكان من قبل لا يستشير عمه إذ ترك الاستشارة، ويناوئ ابن عمه عضد الدولة، ولكن عندما اشتدت الأمور عليه لم يجد بُدّاً، من الاستشارة وطلب النجدة، كما طلب دعم أبي تغلب بن حمدان.

وجاء عضد الدولة لدعم ابن عمه عز الدولة عام (364 هجري)، ودخل بغداد وطاب له المقام فيها فملكها واستمال الجند إليه فشغبوا على عز الدولة الذي لم يجد بُدّاً، من أن يلزم بيته ويغلق بابه. وكتب عضد الدولة إلى الأمصار على لسان الخليفة باستقرار الوضع لعضد الدولة. وقعت جفوة بين الخليفة الطائع لله وعضد الدولة الأمر الذي استدعى أن يقطع عضد الدولة الخطبة عن الطائع مُدةً تزيد على الشهر والنصف.

ولمّا قام عز الدولة باعتزال بختيار الملك كتب ابنه المرزبان من البصرة وكان هو بالولاية عليها من قبل أبيه كتب إلى عم أبيه ركن الدولة يشكو له ما حل بأبيه وأعمامه من عضد الدولة ووزيره أبي الفتح بن العميد، فأجابه بدعم والده وحتى السير إلى العراق إذا اقتضى الأمر وإخراج عضد الدولة منها.

واضطربت أحوال العراق على عضد الدولة إذ خلع طاعته المرزيان بن عز الدولة في البصرة، كما خلع الطاعة كل من محمد بن بقية في واسط، وسهل بن بشر في الأهواز، وكل يظهر الأسف لما حل بعز الدولة، ولما سار عضد الدولة لتأديب محمد بن بقية في واسط هزمت جيوشه أمام جند ابن بقية.

وحاول عضد الدولة كسب والده ركن الدولة إلى جانبه وعدم دعمه لعز الدولة بإظهار ضعفه والخوف من ذهاب الملك من الأسرة نهائياً نتيجة هذا الضعف غير أن الأب قد بقى يُجانب ابن أخيه وأصرَّ على ولده بترك بغداد لابن عمه، فاضطر عضد الدولة إلى مُغادرة بغداد والانتقال إلى فارس وترك الأمر لابن عمه عز الدولة على أن يكون نائباً له كما ترك معه أخاه أبا إسحاق يعاونه.

وأرسل عضد الدولة إلى عُمان المطهر بن عبد الله فاستولى عليها، وخلت كرمان من جُند البويهيين فخلع أهلها الطاعة فأمر عضد الدولة أن يسير إليهم المُطهر بن عبد الله فسار إليهم وأخضعهم. وتنازل ركن الدولة عما تحت يده لأولاده فأخل عضد الدولة فارس وكرمان، وأخذ مؤيد الدولة الري وأصبهان، وأخذ فخر الدولة همذان والدينور وبعدها بقليل توفي ركن الدولة عام (366 هجري).

ولمّا مات رُكن الدولة تجهز ابنه عضد الدولة للسير إلى العراق لما كان يبلغه عن ابن عمه عز الدولة من التحريض عليه ثم سار عام (367 هجري)، وأرسل إلى عز الدولة يدعوه إلى طاعته، وأن يسير إلى أي جهة يُريدها مُبتعداً عن العراق فوافق وعزم السير إلى الشام ومعه حمدان بن ناصر الدولة الحمداني، فلما قطعا شوطاً في السير ووصلا إلى (عكبرا) اقترح حمدان على عزّ الدولة المسير إلى الموصل وأخذها فهي أفضل من الشام فوافقه.

وتبعهما عضد الدولة يريد الموصل وتخليصها من أبي تغلب الحمداني، فراسل أبو تغلب عزّ الدولة بأن يُسلمه أخاه حمدان فإن فعل يُساعدة لمُاتله مع عضد الدولة وإعادته إلى بغداد ليملُكها ففعل عز الدولة ذلك، فسجن أبو تغلب أخاه حمدان في قلعة وسار إلى عزّ الدولة فالتقيا في (الحديثة) وعلم بذلك عضد الدولة فسار إليهما فالتقى الجمعان بالقرب من (تكريت) فانتصر عضد الدولة وأخذ ابن عمه عزّ الدولة أسيراً وقتله، واستقر له ملك العراق، وسار إلى الموصل فملكها وهرب أبو تغلب إلى (نصيبين).

واستمر عضد الدولة يُلاحق أبا تغلب الذي ينتقل من مكان إلى آخر حتى وصل إلى دمشق ولم
يتمكن من دخولها فاتجه نحو طبريا فقتل هناك. وبقي عضد الدولة في ملكه حتى توفي عام (372 هجري)، بعد أن ملك بلاد أخيه فخر الدولة الذي كان مناوئاً له، كما استولى على جرجان، وقام بعده ابنه المرزبان أبو كاليجار وتلقب صمصام الدولة.

وتوفي مؤيد الدولة بن ركن الدولة عام (373 هجري)، فبعث أبو القاسم بن عباد الوزير إلى فخر الدولة فولاه الملك وقد تصالح بعدها فخر الدولة مع صمصام الدولة. واختلف شرف الدولة بن ركن الدولة مع أخيه صمصام الدولة ووقع القتال بين الطرفين وانتصر شرف الدولة ودخل بغداد وملكها عام (376 هجري)، وسجن أخاه صمصام الدولة في بعض قلاع فارس، واختلف شرف الدولة مع عمه فخر الدولة.

وتوفي شرف الدولة عام (379 هجري)، وتولى الملك بعده أخوه أبو نصر الذي تلقب باسم بهاء الدولة وضياء الملة. ولم يلبث صمصام الدولة أن فرَّ من سجنه وانتصر على جيش أخيه بهاء الدولة ثم تصالحا على أن يكون لصمصام الدولة بلاد فارس ولبهاء الدولة العراق والأهواز، ثم عاد الخلاف فدبَّ بينهما من جديد.

دولة الحمدانيين:

رجع أبو المعالي إلى حلب بعد أن كان قد ملكها مولى أبيه تغلب القرعوية، وكان أبو المعالي بن سيف الدولة بحمص فكاتبه أهل حلب فجاء إليهم وحاصر المدينة أربعة أشهر ثم دخلها عام (366 هجري)، ولكن تحصّن بقلعتها الأمان ونيابة حمص فأُعطي ذلك وانتقل بعدها إلى نيابة دمشق للعبيديين ثم اختلف معهم فعاد إلى حمص والياً لأبي المعالي.

ولمّا تغلب عضد الدولة على ابن عمه عزّ الدولة سار فأخذ الموصل من أبي تغلب الحمداني وديار بكر وربيعة وتسلّط على أبي المعالي بن سيف الدولة في حلب. ثم قُتل أبو تغلب الحمداني في طبريا بعد أن حاصر دمشق وعجز عن دخولها، وقد أنهكته كثرة الحروب وكانت معه أخته جميلة بنت ناصر الدولة الحمداني وزوجته ابنة سيف الدولة أخت أبي المعالي فحمل بنو عقيل ركبه إلى حلب فأخذ أبو المعالي أخته وسيّر جميلة الحمدانية إلى أبي الوفا في الموصل نائب عضد الدولة فسيّرها أبو الوفا بدوره إلى عضد الدولة فسجنها عنده.

وعاد سعد الدولة أبو المعالي فاختلف مع واليه نكجور نائب حمص الذي طلب مُساعدة العبيديين فطلب أبو المعالي دعم الروم ووقعت الحرب وانتصر أبو المعالي، وتوفي سعد الدولة عام (381 هجري). واستعاد أبو طاهر إبراهيم بن ناصر الدولة وأخوه أبو عبد الله الحسين عام (379 هجري)، نفوذهما في الموصل لمدة سنة واحدة.‎

دولة السامانيين:

توفي منصور بن نوح عام (366 هجري)، وقام بعده ولده أبو القاسم نوح بن منصور وتلقب بالمنصور، وكان صغيراً إذ لم يتجاوز عمره الثالثة عشرة، فاستغل هذه السن قائد الجيش الساماني في خراسان واستقل بما تحت يده، وقامت الحرب بين نوح بن منصور الساماني وعضد الدولة البويهي الذي استولى على جرجان، وإن هزيمة السامانيين هذه قد جعلت بعض أفراد البيت الساماني يقومون بالثورة.

وبالجملة فإن أيام هذا الأمير قد طالت حتى عام (387 هجري)، إلا أنها كانت مليئةً بالثورات والحروبالأهلية بسبب صغر سن الأمير، كما كثر تدخل أُمه في شؤون الحكم، وكذلك الوزراء الذين لم يقل تدخلهم عن تدخل أمه، وقد طمع بنو بويه في بلاده وكذلك طمع الأتراك، وقامت فوق كل ذلك المنافسة بين أُمراء البيت الساماني نفسه.


شارك المقالة: