هناك الكثير من المجتمعات التي تعتمد بشكل كلي على الحكومة في بلدها لتوفير الوظائف، وبالتالي هذا يثبت سيطرة القطاع العام وتحكمه بالقطاع الخاص، وأيضًا صناعة المشاريع الصغيرة في مراحلها الأولى في العديد من الدول وبالأخص دول العالم الثالث.
المعوقات التي تتعرض لها المشاريع الصغيرة والمتوسطة:
هناك تطور ضعيف لديها بالمقارنة مع المشاريع الكبرى، وهذه قد تكون متنوعة من بلد إلى آخر ومن مجال إلى آخر، لازال هناك العديد من المعوقات التي يتم اعتبارها معوقات موحدة أو متعارف عليها، تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في أنحاء العالم بشكل عام، خصوصًا في الدول النامية وتعتبر طبيعة المعوقات التي تتعرض لها مترابطة مع بعضها البعض، والتي منعت قيام هذه المشايع بالدور المطلوب منها، حيث تعاني العديد من تصنيفات المشاريع الصغيرة والمتوسطة من عدة معوقات تتعرض لها بدءًا من فترة التفكير في المشروع وانتهاءً بالنواحي الإنتاجية والنواحي التسويقية، علاوة على ذلك مسائل ترتبط بالنواحي القانونية والنواحي البنيوية وغير ذلك. وهذه المعوقات هي كالتالي:
أولاً: المعوقات الاقتصادية:
تعتبر المعوقات الإدارية والمعوقات القانونية من أهم المعوقات الاقتصادية وتعتبر مشكلة عظيمة في الدول النامية، خصوصًا من ناحية الأنظمة والتعليمات التي تقدم اهتمام كبير بتنظيم عمل المنظمات الصغيرة والمتوسطة، أي تدني مستوى الأداء الذي يقوم الأفراد بممارسته والمسؤولون عن إدارة هذه المشاريع، بالإضافة إلى الشكل التنظيمي الذي يقوم بتحديد العلاقات بين هذه المشاريع كل منها بالآخر، وبين هذه المشاريع وحكومته إن المشاكل الإدارية قد تكون أصعب من غيرها من المشاكل بناءً لمستويات الأداء الإداري المتنوعة القائمة على إدارة المشاريع.
في الوقت الذي يتم ملاحظة أن مفاهيم الإدارة وطرق التسويق وطرق الإنتاج الحديثة، والمعايير اللازمة في الأسواق تتطلب إلى تطور وتحسن سريع، ومن ثم القيام باستثمار أساليب الإدارة وأساليب التنظيم الحديثة والمرونة اللازمة في عالم يتغير بسرعة يجب ان يتم الرهان فيه على النجاح المؤسساتي طويل المدی.
ومن المعوقات الاقتصادية أيضًا التضخم من حيث أثره في ارتفاع أسعار المواد الأولية وتكلفة العمل، مما سوف يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التشغيل، وهنا تعترض هذه المنظمات إلى مشكلة أساسية وهي تعرضها للمنافسة من المشاريع الكبيرة مما يمنعها ويحد من إمكانيتها على الأسعار لتجنب أثر ارتفاع أجور العمالة وسعر المواد الأولية.
ثانيًا: المعوقات القانونية أو المعوقات التشريعية:
فهي تتمثل في غياب القوانين وغياب التشريعات والمنظمات التي تقوم على الدعم وحماية للمنظمات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، وهي تشكل القوانين الناظمة لعمل هذه المشاريع مثل التشريع الضريبي والقوانين التي لها علاقة بالاستيراد والتصدير، وعدم وجود ضمان اجتماعي في هذه المشاريع والبيروقراطية الحكومية.
ثالثًا: المعوقات التسويقية:
إن توفر رأس المال من أهم مكونات إنشاء وتشغيل أي صناعي سواء كان صغير أو متوسط أو كبير الذي يجب أن يمر بثلاثة مراحل تمويل المشاريع بدءًا بمرحلة التأسيس ويأتي بعدها مرحلة التشغيل وانتهاءً بمرحلة التجديد والنمو أو الإحلال والتوسع، وفي هذه المراحل الثلاثة قد يكون هناك اختلاف لمصادر التمويل ومتطلبات المشروع، فإذا كانت مدخرات الأفراد كمصادر تمويل للمنظمات الصغيرة والمتوسطة غير كافية، فلا شك أنه يوجد مصادر بديلة لتمويل هذه المنظمات وخاصة التمويل البنكي.
ومن المشاكل التي تتعرض لها المنظمات الصغيرة والمتوسطة في حصولها على التمويل من المصارف نجد هناك ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، وقصر فترة السداد إلى جانب محدودية التمويل التي تتعلق بالحجم والشروط والأولويات. ومن أبرز هذه الصعوبات:
- عدم توفير الاحتياجات التمويلية الضرورية.
- قلة الترابط مع المنظمات الصناعية الكبيرة.
- تدني الإمكانية التنافسية، وغياب الدراسات الاقتصادية والدراسات الفنية.
- نقص المعلومات حول حجم السلعة وطبيعتها وأسعار السلع المماثلة لها.
- غياب أجهزة الإشراف وأجهزة الرقابة واتباع مركزية اتخاذ القرار.
- ضعف الثقة بين المستهلكين والمنتجات الوطنية.
وبسبب أن هذه المخاطر تتجنب المصارف التجارية توفير التمويل الضروري لهذه المشروعات بسبب الحرص على أموال المودعين، الأمر الذي أجبر العديد من البلدان على إنشاء منظمات مصرفية خاصة تقوم بـ:
- توفير التمويل اللازم لها بشروط ملائمة التمويل لحجم وإمكانية هذه المشاريع خاصة أن هذه المشاريع من غير الممكن لها أن تقوم باستقطاب الاستثمارات المالية الأجنبية.
- حل مشكلة الضمان لهذه المشاريع التي تتعرض لضعف في المقدرة على تقديم الضمان بشكل فردي.
- عرض الاستشارات للاستثمار السليم لرؤوس الأموال في هذه المشروعات.
- الاستعانة بالقروض والتي تعتبر المصدر الرئيسي لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في كل أرجاء العالم ومصدر هذه القروض عادة هي المصارف التجارية، ولذلك فإن لها دور مهم جدًا في مجال تمويل هذا النوع من المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويتمثل هدف هذه المصارف في زيادة أرباحها، مما يجبرها إلى البحث عن أعلى عائد ممكن للقروض التي تقوم بمنحها، والاحتفاظ بالاحتياطات وسيولة ملائمة. والجمع بين هذه الأهداف يتم ي العادة عن طريق إيجاد المقترض القادر على دفع سعر فائدة أعلى، وغير قابل للتعثر مما يعني أن المصارف تتطلع إلى استثمار في جودة عالية وبمعدل عائد عالي أما بالنسبة للمعوقات التسويقية، فإن مما لا شك فيه أن التطور الكبير الذي شهدته الأسواق التي يقوم المستهلك بفرضها على السوق وتبدل رغباته وسلوكه وتحديد طبيعة المنتجات التي يتم طرحها في السوق من قبل تلك المشاريع.
هذا الأمر جعل طرق التسويق التقليدية عاجزة عن الاستمرار في الحصول على حصة محددة من السوق. وتتعرض هذه المشاريع لمنافسة كبيرة من قبل المشاريع الكبيرة، وفي الغالب ما تكون غير قانونية ما يجعل التسويق أحد المشاكل التي يجب على إدارة المشاريع الصغيرة وضع حلول لها لتتجاوز هذه المعوقات، كما أن هذه الإدارة فقيرة بالنسبة إلى بحوث في مجال السوق والحصول على المقومات المناسبة في هذه الشأن حول المنافسين، والموردين، والتكنولوجيا وأموال التصدير وغيرها الكثير.
وتعاني بذلك المنظمات الصغيرة والمتوسطة في الدول النامية من مشكلة (التسويق) سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، أي في مجال التسويق على المستوي المحلي والتصدير ويعود ذلك في الأساس إلى المنافسة التي تواجهها هذه المنظمات سواء من جانب المنظمات الكبيرة في القطاع العام والقطاع الخاص، أو من جانب دخول المنتجات الأجنبية لأسواقها والذي ينجم عنه صغر حجم سوق المنظمات الصغيرة والمتوسطة المحلية.
ويكون هذا بسبب ضيق المعابر التسويقية التي يتم عن طريقها تصريف المنتجات، وقد يؤدي ذلك إلى تعرض تلك المنظمات إلى احتمالات التوقف المؤقت أو النهائي، وهذا يرجع إلى عدم وجود دراسات للأسواق الخارجية، واعتماد البلد لسياسة الإغراق السلعي وعدم تفعيل القانون وعدم تفعيل حماية المنتج المحلي وكذلك المعوقات التكنولوجية.
فإن من أبرز خصائص المنظمات الصغيرة والمتوسطة في أكثر البلدان النامية هو اتباعها أسلوب تكنولوجي تقليدي واقف عثرة أمام تلك المنظمات ويحول بينها وبين الدخول إلى أسواق واسعة، هذا الأمر الذي يقوم بتعريضها للمنافسة الشديدة وحرمانها من الدخول إلى أسواق جديدة.
رابعًا: المعوقات الاجتماعية والثقافية:
تعتبر مشاكل العمالة الفنية المدرّبة من المشاكل الرئيسية التي من غير الممكن للمنظمات الصغيرة أن تتفاداها بشكل سهل، فقلة العمالة المدربة يعتبر من أهم الحواجز التي تواجه هذه المنظمات، وذلك بسبب عدم تناسب نظم التعليم والتدريب لمتطلبات التنمية الصناعية، إلى جانب ذلك ضعف الكفاءات والمهارات الإدارية والمهارات الفنية لدى إدارات المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعدم اهتمامها بالنواحي التي لها علاقة بالتدريب والتأهيل البشري الملائم من خلال إجراء الدورات التأهيلية المكثفة سواء داخليًا أو خارجيًا لأهداف تطوير مستوى كفاءة الناشطين الإداري والإنتاجي.