علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعريف علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي في علم النفس:

علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي في علم النفس هو دراسة العمليات في الدماغ البشري التي تسمح للناس بفهم الآخرين وفهم أنفسهم والتنقل في العالم الاجتماعي بشكل فعال، حيث يعتمد علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي على النظريات والظواهر النفسية من مختلف العلوم الاجتماعية، بما في ذلك الإدراك الاجتماعي والإدراك السياسي والاقتصاد السلوكي والأنثروبولوجيا.

خلفية وتاريخ علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي في علم النفس:

تمتد فكرة أن السلوك الإنساني الاجتماعي والإدراك الاجتماعي لهما جذور بيولوجية إلى آلاف السنين على الأقل إلى جالينوس في اليونان القديمة الذي اقترح أن طبيعتنا الاجتماعية قد تأثرت بخلط أربع مواد في أجسامنا تسمى الفكاهة، وارتبطت هذه المواد الأربعة في الدم والصفراء السوداء والصفراء الصفراء والبلغم بالشخصية والأساليب الشخصية مثل التفاؤل والكآبة وغيرها.

على الرغم من أن الفكاهة قد سقطت منذ فترة طويلة في المحاولات العلمية لفهم العقل الإنساني، فإن فكرة أن الجسم المادي بما في ذلك الدماغ يساهم بشكل مباشر في العمليات المعرفية والنفسية قد أصبحت ذات أهمية متزايدة في البحث النفسي التجريبي خلال القرنين الماضيين.

تحظى حالة فينياس غيج في ستينيات القرن التاسع عشر بأهمية خاصة لعلم النفس الاجتماعي، حيث كان فينياس غيج يعتبر شخصًا مقبولًا اجتماعيًا وذكيًا حتى أدى الانفجار إلى اندلاع حديد في أحد جانبي دماغه وخرجه من الجانب الآخر، وبأعجوبة احتفظ فينياس غيج بمهاراته الحركية وقدراته المعرفية.

مع ذلك ومن الناحية الاجتماعية والعاطفية كان رجلاً متغيرًا، وخلال السنوات التي أعقبت الحادث، اتخذ فينياس غيج سلسلة من القرارات الاجتماعية غير الحكيمة التي تركته عاطلاً عن العمل ومفلسًا ومطلقًا، وبكل المقاييس كان تركيبه الاجتماعي والعاطفي مختلفًا تمامًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تلف القشرة الأمامية الجبهية البطنية، وهي منطقة من الدماغ تقع خلف تجويف العين.

أظهرت حالات أخرى من الضرر العصبي أيضًا مساهمات عصبية في الوظيفة الاجتماعية، حيث لا يمكن للمرضى الذين يعانون من عمى التشخيص التعرف على الوجوه على أنها وجوه على الرغم من قدرتهم على التعرف على الأشياء الأخرى، ويمكن أن يؤدي تلف منطقة من القشرة الجدارية إلى شعور الأفراد كما لو أن أشخاصًا آخرين يتحكمون في حركاتهم الجسدية.

كانت دراسات الحالة هذه استفزازية للغاية، ومع ذلك فإن مثل هذه الحالات نادرة، وبالتالي فهي ليست كافية للحفاظ على مجال جديد من البحث النفسي، وحدث تطوران في التسعينيات أرسيا الأساس لانفجار الأبحاث التي تجري الآن في علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي، حيث بدأ علماء النفس الاجتماعي مثل جون كاسيوبو وستانلي كلاين وجون كيلستروم في تطبيق أساليب تجريبية أكثر تعقيدًا على المرضى المصابين بأضرار دماغية والأفراد الأصحاء باستخدام الإمكانات المتعلقة بالحدث، لاختبار الفرضيات النفسية الاجتماعية.

استخدم هؤلاء الباحثين في علم النفس الاجتماعي الدماغ لاختبار الأسئلة حول أنواع العمليات التي تشارك في الإدراك الاجتماعي الطبيعي، بدلاً من التركيز على وصف ما هو ضعيف في المرضى الذين يعانون من تلف في الدماغ.

بعدها جاء التطور الرئيسي الثاني الذي كان يتمثل في استخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي لدراسة الإدراك الاجتماعي، حيث أنه على الرغم من أن علماء الأعصاب استخدموا التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي طوال التسعينيات، إلا أن علماء النفس الاجتماعي بدأوا فقط في استخدام هذه التقنية في الألفية الجديدة على الرغم من أن العديد من العلماء البريطانيين، بما في ذلك كريس فريث، وأوتا فريث، وريموند دولان، استخدموا التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني في التسعينيات لإجراء علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي دراسات.

أهمية علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي في علم النفس:

في أفضل أبحاث علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي في علم النفس يكون سؤال أين في الدماغ مجرد مقدمة لأسئلة متى ولماذا وكيف، حيث أن علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي له نفس أهداف علم النفس الاجتماعي بشكل عام، ولكنه يجلب مجموعة مختلفة من الأدوات للتأثير على تلك الأهداف العلمية، هذه الأدوات الجديدة لها العديد من المزايا والعيوب، وعلى الرغم من أن الجدل حول ما إذا كان قياس وقت رد الفعل أو التصوير العصبي الوظيفي هو أداة أفضل لاختبار الفرضيات قد يكون تمرينًا تربويًا مفيدًا، إلا أنه في النهاية يكون منطقيًا تمامًا مثل السؤال عما إذا كانت المطارق أو مفكات البراغي أفضل، وكلاهما أدوات مفيدة لبعض الوظائف وأقل فائدة للآخرين.

قبل الانتقال إلى ما هو التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي مفيد، تجدر الإشارة إلى بعض قيود هذه التقنية التي تتمثل فيما يلي:

1- لا يمكن أن يكون هناك تفاعلات وجهًا لوجه أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، عندما يتم فحص أدمغتهم فإنهم يرقدون على سرير ضيق، ينزلق في أنبوب ضيق طويل، ولا يوجد مكان لفحص العديد من الأشخاص في نفس الماسح الضوئي أثناء التفاعل.

2- نظرًا لطبيعة إجراء التصوير فمن الأهمية بمكان أن يحافظ الأشخاص على ثبات رؤوسهم تمامًا، نتيجة لذلك لا يستطيع الأشخاص التحدث أثناء التقاط الصور.

3- نظرًا لأن الإشارات المكتشفة في الدماغ هي إشارات صاخبة، يجب التقاط العديد من الصور ثم حساب متوسطها معًا، هذا يعني أنه يجب على الأشخاص أداء نفس المهمة بشكل متكرر قبل أن يتم استخلاص المعلومات المفيدة من عمليات الفحص.

المشكلة في ذلك هي أن معظم الأبحاث النفسية الاجتماعية تعتمد على وجود عدد كبير من الأشخاص يؤدي كل منهم مهمة واحدة، وستفقد العديد من هذه المهام معناها النفسي بسرعة إذا تكررت مرارًا وتكرارًا، ولكل هذه الأسباب وأكثر لا يمكن معالجة العديد من الأسئلة النفسية الاجتماعية بسهولة باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي.

مساهمات الرنين المغناطيسي في علم النفس الاجتماعي:

يمكن للرنين المغناطيسي الوظيفي أن يقدم مساهمات مهمة في علم النفس الاجتماعي بطرق متنوعة تتمثل بما يلي:

1- التشابه في العمليات المعرفية:

في بعض الأحيان تبدو عمليتان نفسيتان متشابهتان من الناحية التجريبية وتنتجان نتائج سلوكية متشابهة ولكنها تعتمد في الواقع على آليات أساسية مختلفة، على سبيل المثال لا تشعر القدرة على تذكر المعلومات الاجتماعية والمعلومات غير الاجتماعية بكل هذا الاختلاف، وعلى مدى عقود ناقش علماء النفس الاجتماعي ما إذا كانت المعلومات الاجتماعية وغير الاجتماعية يتم ترميزها واسترجاعها باستخدام نفس الآليات.

على الرغم من عدم التوصل إلى استنتاجات قوية وإذا كانت الأدوات المعيارية للإدراك الاجتماعي تشير إلى عدم وجود آليات خاصة لمعالجة المعلومات الاجتماعية، إلا أن أبحاث الرنين المغناطيسي الوظيفي الحديثة قد غيرت النقاش بشكل نهائي، ومنها أظهر جيسون ميتشل وزملاؤه في سلسلة من دراسات الرنين المغناطيسي الوظيفي أن مناطق الدماغ المشاركة في ترميز المعلومات الاجتماعية وغير الاجتماعية مختلفة تمامًا.

يرتبط ترميز المعلومات غير الاجتماعية بطريقة يمكن تذكرها لاحقًا بالنشاط في الحُصين، في حين يرتبط ترميز المعلومات الاجتماعية بطريقة يمكن تذكرها لاحقًا بالنشاط في قشرة الفص الجبهي الظهري، وهكذا تم التمييز بوضوح بين عمليتين تبدو ظاهريًا متشابهتين تمامًا ويصعب فصلهما عن الأساليب السلوكية عند فحصهما باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي، في حين أن ترميز المعلومات الاجتماعية بطريقة يمكن تذكرها لاحقًا يرتبط بالنشاط في قشرة الفص الجبهي الظهري.

2- اعتماد العمليات على نفس الآليات:

على العكس من ذلك في بعض الأحيان لا يعتقد المرء أن العمليات تعتمد على نفس الآليات، في حين أنها تفعل ذلك في الواقع، على سبيل المثال أثبتت نعومي أيزنبرغر وزملاؤها أن الألم الاجتماعي الناتج عن الإقصاء الاجتماعي ينتج نشاطًا في شبكة مماثلة من مناطق الدماغ مثل تجربة الألم الجسدي.

على الرغم من أن كلمات الألم الجسدي تُستخدم عادةً لوصف مشاعر الألم الاجتماعي المتمثلة في العواطف، كان يُعتقد في المقام الأول أن العلاقة بين الألم الجسدي والاجتماعي كانت مجازية، ويبدو الألم الجسدي حقيقيًا لأنه يمكن للمرء أن يرى الإصابات الجسدية، في حين أن الألم الاجتماعي يبدو وكأنه كله في رأس المرء، ومع ذلك يبدو أن كلاهما يعتمد على آليات مماثلة في الدماغ.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: