فلسفة الخدمات المقدمة في التربية الخاصة

اقرأ في هذا المقال


سوف نتحدث في هذا المقال عن فلسفة الخدمات في التربية الخاصة، وفلسفة لتوفير الخدمات للطلبة ذوي الإعاقة، وتطور الفلسفات والممارسات لتدريس الطلبة ذوي الإعاقة، وأفضل الممارسات المعاصرة للطلبة ذوي الإعاقات.

فلسفة الخدمات المقدمة في التربية الخاصة:

نبدأ في النظر في طبيعة الخدمات التعليمية الأكثر ملاءمة للطلبة ذوي الإعاقات، فنحن يجب أن نفعل ذلك في ضوء نوعية الحياة التي نعتقد أنهم يجب أن يعيشوها، وعند النظر في هذه المسألة من منظور تاريخي يجب علينا أن نلخص إلى أن نوعية حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وكثيراً من البرامج التعليمية كانت سئية وكانت الخدمات المقابلة وغيرها قد قدمت أقل من المرغوب فيه.
وإذا كنا نحن كمحترفين مؤيدين وأفراد الأسرة أو أصدقاء لذوي الإعاقات يعتقدون أنه ينبغي أن يكون هناك ارتقاء بنوعية حياتهم يجب علينا ضمان توفير الخدمات التعليمية الأفضل في المقابل وخدمات ذات الصلة، ونظراً للتحديات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة يجب توفير الفلسفة التي سوف تتخلل استراتيجيات وأساليب التعليم ومن ثم تقديم الخطوط العريضة لأفضل الممارسات الفعالة حالياً في تدريس الطلبة ذوي الإعاقات.

فلسفة توفير الخدمات للطلبة ذوي الإعاقة:

يجب تقديم نوعية التعليم التي لا تقل عن تقدم للطلبة الآخرين للطلبة ذوي الإعاقات، فالتعليم يجب أن يكون مصمماً لكل فرد لتلبية احتياجاته، ولكن لا ينبغي أن تعمل على العزل أو الفصل بينها وبين الأشخاص الآخرين، ومن المتوقع أن تبدأ في أقرب وقت ممكن في الحياة بعد تشخيص الإعاقة وباعتبارها جزءاً لا يتجزأ من خدمة التدخل المبكر.
ويجب أن تحدث مشاركة الأسرة والدعم كما ينبغي أن يستمر التعليم خلال سنوات الدراسة وحتى يتم إعداد الشخص بشكل كاف لدخول عالم الكبار باعتباره فرداً مشاركاً مؤكداً لذاته، والذي يجب أن يكون الهدف الأساسي للبرنامج التعليمي أن التربية الخاصة والخدمات المساندة يجب أن تحسن التعلم والنمو للفرد وعلى المعلمين والاختصاصيين أن يدركوا أن كل فرد له قيمة ولديه القدرة على التعلم.
فلا يمكن تعليم أي طالب ذي إعاقة أو دون إعاقة شديدة إذا كان الأشخاص المسؤولون عن تطوير التعليم لا يؤمنون بذلك، ولذلك فمن الأهمية بمكان أن يكون لدى المعلمين لهؤلاء الطلبة ثقة في قدرتهم على الاستفادة من التعليم بغض النظر عن شدة إعاقتهم، وكما أن علينا أن ندرك أن تطور الطالب من ذوي الإعاقة له علاقة مباشرة بنوعية التعليم المقدمة له.

تطور فلسفات والممارسات لتدريس الطلبة ذوي الإعاقة:

ومنذ أن بدأت الخدمات التعليمية والخدمات المتعلقة تقدم للأشخاص ذوي الإعاقات منذ قرنين من الزمان، اختلفت الفلسفات التي وجهت الممارسات المنهية، ففي أوائل القرن (19) وذلك لأن الممارسين اعتقدوا أن الإعاقة العقلية يمكن علاجها عن طريق تمارين الجهاز العصبي، فقد احتوت تعليماتهم في المقام الأول على التمارين الحسية والحركية، وفي وقت لاحق في نهاية القرن بدأ المهنيون بتغيير آرائهم حيثما تقرر أن الشفاء غير ممكن وشعر المتخصصون أنه سيكون من الأفضل حماية ورعاية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات وتحول التركيز من التعليم إلى الرعاية والإدارة.
مع اقتراب القرن (20) اجتاحت المجتمع الغربي من خلال ما يشار إليها باسم الذعر الجيني كان هنالك قلق كبير من أن الأشخاص الذين عندهم جينات رديئة سيكون لهم تأثير كبير على نوعية الجنس البشري، ونتيجة لهذا النوع من التفكير فإن الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية وغيرها كاننوا يسكونون في مؤسسات سكنية كبيرة بعيدة، حيث إنها لن تشكل خطراً على الجينات في المجتمع وابتداء من مطلع القرن العشرين لم تكن الفلسفة التوجيهية لتعليم أو حتى رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية، ولكن لحماية المجتمع منهم وأدى هذا المنطق المحزن وغير الإنساني إلى ظروف معيشية مؤسفة وغير إنسانية لمعظم الأشخاص من ذوي الإعاقات العقلية والإعاقات الأخرى.
قبل الخمسينات من القرن الماضي كان هناك القليل من الخدمات لمعظم الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية باستثناء من يتم إيواؤهم في المؤسسات والخدمات الأخرى التي كانت متوفرة، وكانت تقدم عن طريق منظمات الآباء والجماعات الخاصة ولم يكن حتى الخمسينات والستينات من القرن عندما بدأت المدارس العامة بتوفير التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية المتوسطة، ولم يكن حتى بعد عدة سنوات وخلال أواسط إلى أواخر السبعينات بدأ الأطفال والشباب ذوي الإعاقات العقلية بتلقي خدمات المدارس العامة، وكانت الأسباب التي قدمها موظفوا المدارس العامة لهذه الممارسات الإقصائية أن المدارس تهدف إلى تعليم المهارات الأكاديمية، وأنه ينبغي أن يخدم الأشخاص غير القادرين على تعلم المهارات الأكاديمية.
وأخيراً عندما تم قبول الطلبة ذوي الإعاقات في المدارس العامة كثيراً ما كانت تسترشد الممارسات التعليمية بفلسفة مستوى القدرة، وتم تحديد مستويات الطلبة النمائية أي الأعمار العقلية والذكاء والمهارات الاجتماعية كما كانت تدرس المهارات التي اعتبرت قابلة للتحقيق ضمن هذه المستويات، وتألفت أنشطة تعليمية للطلبة ذوي الإعاقة العقلية المتوسطة من الفنون والحرف والمهارات ما قبل الاكاديمية والمهارات الأكاديمية للمرحلة الابتدائية وتطوير اللغة ومهارات الرعاية الذاتية والمهارات الحركية الجسمية والبسيطة ومهارات ما قبل المهنية.
تميزت مرحلة المؤسسية بانخفاض في عدد الأشخاص الذين يعيشون في مؤسسات سكنية كبيرة وزيادة في عدد من يعيشون مع أسرهم وفي مساكن أصغر في المجتمع المحلي، وكان يقصد بمرفق المجتمع أن تكون عائلية وتشمل دور الحضانة ومجموعة المنازل ومرافق الرعاية المتوسطة والشقق المحمية، وكما بذل جهد كبير لنقل الأفراد خارج المؤسسات السكنية الكبيرة إلى مرافق أصغر وموجودة في المجتمعات، حيث كانت الخدمات المقدمة تقليدياً تقدم فقط في هذه المؤسسات.
كما كانت التسوية والبرامج المدرسية العامة آخذة في الظهور وبدأ التركيز تدريجياً في التحول من مجرد تقديم خدمات إلى تحسين نوعية التعليم والخدمات المتعلقة بها والعديد من البرامج التعليمية غير مطابقة لما هو مقترح بحركات التسوية والوصف المؤسسي، فكان الطلبة لا يتابعون تعليمهم ليكونوا طبيعيين قدر الإمكان ولا يتابعون تعليمهم ليعيشوا مع أسرهم وفي المجتمعات المحلية ويكونوا جزءاً من هذه النظم الاجتماعية، وكثيراً ما كان يجري تدريس الأنشطة التي لا تعود بالفائدة لهم على الرغم من أنهم، قد يكونون قادرون على التعرف عليها وقد يتمتعون بالقيام بها وفي أسوأ الحالات كان المدرسون ببساطة يوفرون الرعاية المحتفظة ولا يدرسون أي شيء على الإطلاق.

أفضل الممارسات المعاصرة للطلبة ذوي الإعاقات:

خلال الأعوام ال35 الماضية تغيرت نهج تثقيف الأفراد ذوي الإعاقة العقلية المتوسطة تغيراً هائلاً وهي لا تزال تتغير اليوم، وقد ظهرت ثلاثة مواضيع ملحوظة كل منها مع مجموعة من الممارسات الموصى بها، وفي الترتيب الزمني كان أول موضوع الدعوة لتشمل الأشخاص ذوي الإعاقات في المجالات الرئيسية للحياة وتعليم المهارات الفنية والعملية والعمر المناسب زمنياً.
الموضوع الثاني جاء إلى مكان الصدارة في أوائل التسعينات وكان في جوهره يهدف إلى تحسين قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية، حيث إنه سيكون لديهم قدر أكبر من التحكم بحياتهم الشخصية واتخاذ القرارات الخاصة بها قدر الإمكان وحركة رعاية الذات هذه طورت الموقف السابق، واصبحت أيضاً موضوعاً مهماً في تعليم الطلبة ذوي الإعاقة العقلية، وغالباً ما ترتبط القدرة بتحسين تأكيد الذات على الاختيارات الشخصية وتنظيم حياة الفرد الخاصة والمبادرة الذاتية وكل ذلك ينبغي أن يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة.
الموضوع الثالث والأحدث مدفوعين بحركات الإصلاح المدرسي والتعديلات التي أدخلت عام (1997 و2004)، تم تزويد الطلبة ذوي الإعاقة بفرصة المشاركة في المناهج العامة بطريقة هادفة ويتجأوز هذا حركة الاندماج الاجتماعي للطلبة ذوي الإعاقات في الصفوف الدراسية العادية، وتدريس المهارات وتدعوهم للمشاركة في المناهج العامة والاستفادة منها، وإنه يحمل المدارس أيضاً مسؤولية التقدم لهؤلاء الطلبة تماماً كما يفعل للطلبة دون إعاقة، وقد لاحظ البعض أنه على الرغم من أن هذا الجانب مهم فلا يمكن إهمال قيمة تقديم فرصة لتعليم المهارات الوظيفية لذوي الإعاقات.
إن مسؤولية الاختصاصين والآباء والمواطنين والإداريين حالياً هي العمل على وضع التطوير الحالي والمضي في تطبيق التعليمات والتوصيات والممارسات الأكثر ملاءمة، والأفضل ليس فقط لذوي الاحتياجات الخاصة بل لكل الطلبة في مجتمع المدارس، وإذا وصلنا إلى هذا الهددف فسوف تعم الفائدة عللى المجتمع ككل.
وتوضح الفلسفة الخدمات ما يخص الإعاقات والتربية الخاصة للأفراد ذوي الإعاقات، وتضمن العملية التي من شأنها جعل الأفراد ذوي الإعاقات الحسية أو العقلية أو الاجتماعية قادرين على تجأوز هذع العقبات وتحسين حياتهم بشكل يضاهي الأفراد الطبيعيين، التربية الخاصة لا تعني وضع مواد تعليمية خاصة ولا وضع ظروف خاصة للتعليم إنما هي ابتكار طرائق ومهارات تعليمية تساهم في تنمية قدراتهم، ويجب أن تتضمن برامج داعمة تتضمن عيش هؤلاء الأفراد حياة طبيعية ويضمن تعليم السلوكيات الطبيعية في حدود قدرة الفرد.

المصدر: 1_إبراهيم الزريقات ومحمود القرعان.قضايا معاصرة وتوجهات حديثة في التربية الخاصة.عمان: درا الفكر.2_إسماعيل بدر. مقدمة في التربية الخاصة. الرياض: دار الزهراء.3_فاروق الروسان. سيكولوجية الأطفال غير العاديين. عمان:دار الفكر للطباعة والنشر.4_عادل محمد. مدخل إلى التربية الخاصة. الرياض:دار الزهراء.


شارك المقالة: