الوظيفة المعرفية للضمير في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


أكدت مختلف المناهج النفسية السليمة للضمير على جوانب مختلفة من التوصيف الواسع لها، حيث تعبر الوظيفة المعرفية للضمير في علم النفس عن مفهوم الضمير وهو دائمًا معرفة أنفسنا، أو الوعي بالمبادئ الأخلاقية التي التزمنا بها، أو تقييم أنفسنا، أو الدافع للتصرف الذي يأتي من داخلنا.

الوظيفة المعرفية للضمير في علم النفس

جنبًا إلى جنب مع المفهوم غير المعرفي للضمير يمكننا أيضًا أن نفهم أن الضمير له وظيفة معرفية، بهذا المعنى يجلب لنا الضمير شكلاً من أشكال المعرفة الأخلاقية أو المعتقدات الأخلاقية إما بالمعنى المطلق، على سبيل المثال معرفة القوانين المعرفية، أو بالمعنى النسبي على سبيل المثال معرفة الأعراف الاجتماعية في ثقافة المرء.

لا يتطابق الدور المعرفي للضمير بالضرورة مع دور الملكات أو الوظائف المعرفية مثل العقل أو الحدس أو الحواس، على وجه الخصوص فإن هذا الضمير يجلب لنا المعرفة أو المعتقدات الأخلاقية لا يعني بالضرورة أنه يمنحنا وصولاً مباشرًا إلى مصدر هذه المعرفة أو هذه المعتقدات كما هو الحال مع العقل أو الحدس أو الحواس، غالبًا ما يُنظر إلى المعرفة التي نحصل عليها من الضمير والتي تُفهم على أنها تمتلك وظيفة معرفية، على أنها معرفة وسيطة.

هذا ليس مفاجئًا لأنه يُفهم الضمير في الغالب على أنه النظر إلى الداخل والذي يفترض مسبقًا أن المعرفة التي يمنحنا الوصول إليها موجودة بالفعل في داخلنا وأننا اكتسبناها من خلال عملية أخرى لا تنطوي على الضمير، في الواقع وفقًا للعديد من الروايات الفلسفية لا يولد الضمير مبادئه الأخلاقية الخاصة، على سبيل المثال يمكن الحصول على المحتويات الأخلاقية التي نكتشفها في داخلنا من خلال التدخل الخارجي، كما هو الحال مع قوانين الطبيعة التي تنتشر بشكل واسع.

دور الوظيفة المعرفية للضمير في علم النفس

يتمثل دور الوظيفة المعرفية للضمير في علم النفس من خلال ما يلي:

الضمير ككلمة للمعرفة الأخلاقية غير المباشرة

من المهم أن نلاحظ أنه في الفهم المعرفي للضمير باعتباره وعيًا بالذات وتقييمًا للذات، يمكن تصور الضمير على أنه يؤدي وظيفة استبطان، أي أنه موجه نحو الذات ونحو عقلية الفرد، حيث يسمح الاستبطان للفرد باكتساب معرفة الذات ولكن بما أن الذات التي يتم ملاحظتها تحتوي على القانون الأخلاقي، فمن الممكن أن نقول أن القانون نفسه كجزء من أنفسنا يصبح موضوعًا للتأمل.

يعتبر الضمير ككلمة للمعرفة الأخلاقية غير المباشرة هو إذا جاز التعبير عن الحس الداخلي، والقدرة على التذكر، حتى أن الشخص الذي تخاطبه، إذا لم ينقلب على نفسه يسمع صدى صوته من الداخل، وفقًا لهذا الحساب المعرفي نظرًا لأن الضمير ليس سوى شاهد وليس لديه وصول معرفي مباشر إلى مصدر المعرفة، يعتبر الضمير غير معصوم من الخطأ وفي الواقع غالبًا ما يكون خاطئًا.

على وجه الخصوص قد يفشل الضمير في تفسير القوانين المعرفية بشكل صحيح عند تطبيقها على قضايا حقيقية، وفقًا لبعض الوظائف المعرفية للضمير، فإن الضمير هو فعل تطبيق المبادئ العامة على مواقف حقيقية أي الاستنتاج، من القياس العملي الذي تكون فرضيته الأولى مبدأ عالميًا توفره كلية منفصلة تسمى التوليف، على هذا النحو يمكن أن يكون الضمير مخطئًا في استخلاص استنتاجات أخلاقية من المبادئ الأولى.

تُفهم المعرفة الأخلاقية المعنية عادةً بالمعنى النسبي إن ضميرنا هو القوة التي يتم من خلالها استحضار المعايير الاجتماعية لثقافتنا أو معايير تربيتنا وممارسة تأثيرها على علم النفس الأخلاقي لدينا، حيث تشرح هذه المعايير مشاعرنا الأخلاقية وخياراتنا الأخلاقية، لكن ما يخبرنا به الضمير في هذه الحالة هو نتاج ديناميكيات اجتماعية وثقافية لا نملك إلا القليل من السيطرة عليها.

كما توضح الحالة المعرفية للضمير بالكاد يمكن للضمير أن يُنسب لأي سلطة أخلاقية؛ نظرًا لأن معلمينا أو ثقافتنا قد يكونون غير أخلاقيين للغاية على سبيل المثال قد ينتهي الأمر بضميرنا إلى الاعتماد على مبادئ عنصرية أو تمييزية، وفي الواقع ليس من المستغرب أن يتشكك الكثيرين أو يرفضون السلطة الأخلاقية للضمير؛ لأنهم يرونها مجرد رأي حول المبادئ الأخلاقية التي تتأثر أو حتى تحددها ثقافة المرء.

الضمير ككلمة للمعرفة الأخلاقية المباشرة

على عكس ما ادعى بعض علماء النفس الفلسفيين أن التعليم الجيد يمكن أن يحرر الضمير من التأثيرات المفسدة للمجتمعات، في الواقع يتمثل أحد أهداف التعليم في جعل المفكرين والوكلاء الأخلاقيين الشباب المستقلين من خلال تعليمهم كيفية الفحص النقدي للمعايير المتلقية واستبدالها إذا لزم الأمر، والفكرة هنا هي أن الضمير هو ما يتبقى من حسنا الأخلاقي الفطري بمجرد أن نحرره من الأخطاء الطفولية والتحيز في تربيتنا.

لذلك يوجد في أعماق قلوبنا مبدأ فطري للعدالة والفضيلة، والذي بموجبه على الرغم من أقوالنا نحكم على أفعالنا أو أعمال الآخرين بأنها جيدة أو شريرة وهذا هو المبدأ الذي يعرف بالضمير، وفقًا للوظيفة المعرفية للضمير في علم النفس فإن لدى الضمير نزعة طبيعية لإدراك واتباع الترتيب الصحيح للطبيعة، ويجب على المعلم الجيد أن يساعد ضمير الشاب على فعل ما هو مهيأ بشكل طبيعي لفعله.

كثيرًا ما يخدعنا العقل وليس لدينا سوى حق جيد جدًا في الشك فيها، لكن الضمير لا يخدعنا ابدا وهو الموجه الحقيقي للإنسان، هذا الفهم للضمير باعتباره شكلًا أعمق من المعرفة الأخلاقية يقودنا إلى المعنى الثاني الذي يمكن أن يقال فيه أن للضمير دور معرفي، بالإضافة إلى مجرد مشاهدة الآراء الملقاة أو القوانين المتنوعة يمكن أيضًا تصور الضمير على أنه حس أخلاقي يمنحنا وصولاً مباشرًا إلى المبادئ الأخلاقية.

بهذه الطريقة يُنظر إلى الضمير عادةً على أنه حدسي ويتأثر بالعواطف، وليس هيئة تدريس قائمة على العقل، على وجه الخصوص غالبًا ما حدد فلاسفة القرن الوجداني الضمير بالمشاعر الأخلاقية أو الحس الأخلاقي، وفقًا لنظرية المعرفة النفسية على سبيل المثال فإن العقل غير نشط تمامًا ولا يمكن أبدًا أن يكون مصدرًا لمبدأ نشط مثل الضمير أو الشعور الأخلاقي ويمكن فهم إملاءات الضمير على أنها تعبيرات عن حدسنا الأخلاقي فالضمير هو نوع من الحدس الأخلاقي وهو معرفي وعاطفي.

هناك أسباب للشك في السلطة المعرفية والأخلاقية للضمير المفهومة على هذا النحو، حيث اقترح الكثير من العمل في علم النفس الأخلاقي الأخير الذي يهدف إلى فهم الخلاف الأخلاقي أن هناك اختلافات لا يمكن التوفيق بينها على ما يبدو في البديهيات والعواطف الأخلاقية الأساسية بين الأشخاص ذوي وجهات النظر العالمية المختلفة، حيث يبدو أن هذه الاختلافات في الحدس الأخلاقي الأساسي تقوض الوضع المعرفي للضمير ومعها السلطة الأخلاقية للضمير؛ لأسباب ليس أقلها أن معظم حدسنا الأخلاقي يبدو وفقًا لهذه التطورات الأخيرة في علم النفس الأخلاقي وغير قابل للمراجعة في الضوء.


شارك المقالة: