مفهوم القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي:

تعتبر القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي هي سمات المجموعات التي تولد توقعات لسلوك أعضاء المجموعة الواحدة، حيث يوجد هناك نوعان من المعايير والقواعد يختلفان في مصدر التوقعات وتتمثل في المعايير أو القواعد الوصفية والمعايير أو القواعد الإلزامية.

تشير المعايير أو القواعد الوصفية إلى ما يعتقده أو يشعر به أو يفعله معظم الناس في المجموعة بينما تشير المعايير أو القواعد الإلزامية إلى ما يوافق عليه معظم الأشخاص في المجموعة، والتمييز هنا بين ما هو صحيح بالنسبة لأعضاء المجموعة وما يجب أن يكون صحيحًا بالنسبة لأعضاء المجموعة، ففي كثير من الحالات يتداخل هذان النوعان من المعايير.

على سبيل المثال يعد ارتداء بدلات العمل معيارًا وصفيًا وتعليميًا للمديرين التنفيذيين، تمامًا كما أن ارتداء الجينز هو معيار وصفي وتعليمي للمراهقين.

مع ذلك تتباين القواعد الوصفية والتعليمية في بعض الأحيان، على سبيل المثال يعتبر الأكل الصحي وممارسة الرياضة من القواعد الإرشادية لمعظم الأفراد البالغين، ولكنها قواعد وصفية أقل، على العكس من ذلك فإن القيادة إلى العمل على عكس استخدام وسائل النقل العام هي قاعدة وصفية في العديد من المجتمعات ولكنها بالتأكيد ليست معيارًا إلزاميًا.

تعتبر القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي محددات مهمة للسلوكيات المتعلقة بالصحة النفسية والجسدية وتتميز في عدد من النماذج النظرية النفسية البارزة للسلوك الصحي، حيث تعرف القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي عادةً بأنها  القواعد والمعايير التي يفهمها الفريق الواحد، والتي توجه أو تقيد السلوكيات والمواقف الاجتماعية بدون قوة محددة، وغالبًا ما تتعلق بالضغط الاجتماعي للانخراط أو عدم الانخراط في سلوكيات معينة.

تميل القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي إلى العمل بطريقة ضمنية، حيث تُستخدم تصورات الأفراد للسلوكيات المعيارية لتوجيه الأنماط والنوايا السلوكية، ولكن يمكن أن تستند إلى التواصل المباشر والصريح بين أعضاء الفريق الواحد، وعلى الرغم من أنه يمكن تصور القواعد الاجتماعية بطرق مختلفة، فقد ظهر دور سلوكيات النظراء المعيارية والمواقف كمؤشرات رئيسية للسلوكيات الصحية.

هناك أيضًا دليل على أن الأفراد يمكن أن يكونوا فقراء في تقدير المعايير السلوكية والمواقف الفعلية لأقرانهم والفئات الاجتماعية الثانية، وإحدى النتائج المهمة لمثل هذه المفاهيم الخاطئة للقاعدة الاجتماعية، أو المفاهيم المعيارية الخاطئة، هي الانخراط المحتمل في السلوكيات غير الصحية بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن مثل هذه السلوكيات شائعة بين مجموعة الأقران، أدى الدليل على أن الأفراد غالبًا ما يسيئون فهم مشاركة أقرانهم في مختلف السلوكيات الإيجابية والسلبية المتعلقة بالصحة إلى تطوير نهج القواعد الاجتماعية كاستراتيجية لتغيير السلوك الإنساني.

تحليل القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي:

على الرغم من أن المعايير والقواعد الاجتماعية الوصفية والتعليمية توجه السلوك الإنساني في علم النفس الاجتماعي، إلا أنها تفعل ذلك من خلال عمليات نفسية مختلفة، حيث توجه المعايير أو القواعد الوصفية السلوك الإنساني لأن الناس يأخذونها لتمثيل مسار العمل الأكثر منطقية، وهي عملية تعرف بالتأثير المعلوماتي الاجتماعي، وتوجه القواعد المعيارية السلوك الإنساني لأن الناس يأخذونها لتمثيل مسار العمل المعتمد عليه للفرد، وهي عملية تُعرف بالتأثير المعياري الاجتماعي، يختلف هذان النوعان من المعايير أيضًا في كيفية تجربة الناس لعواقب انتهاكها.

إن انتهاك معيار وصفي على وجه التحديد ليس له نفس النتائج السلبية التي ينتهكها انتهاك معيار إلزامي، على سبيل المثال إذا كانت معرفة اللغة اللاتينية معيارًا وصفيًا في جامعة معينة فقد يشعر الطالب الذي لا يعرف اللغة اللاتينية بالتحدي اللاتيني نسبيًا، ومع ذلك إذا كانت معرفة اللغة اللاتينية معيارًا إلزاميًا في الجامعة، فقد يشعر هذا الطالب بالجهل وغير المتعلم.

أحد الاختلافات الأخيرة بين المعايير أو القواعد الاجتماعية الوصفية والتعليمية يتعلق بنطاق تأثيرها على السلوك الإنساني، حيث تؤثر المعايير والقواعد الاجتماعية الوصفية على السلوك البشري فقط داخل الموقف والمجموعة المعينة التي تعمل القاعدة من أجلها، والقواعد المقيدة لها تأثير بعيد المدى أي أنها تؤثر على السلوك عبر المواقف والسكان.

نهج القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي:

تعود أصول نهج القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي والتي لاحظت أن طلاب الجامعات يميلون إلى المبالغة في بعض السلوكيات الخاطئة، أثبتت الأبحاث اللاحقة منذ ذلك الحين نتائج للمبالغة في في هذه السلوكيات وتكرارها وأثبتت أهم المواقف تجاه هذه السلوكيات، حيث يركز نهج القواعد الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي على القواعد الاجتماعية المتصورة في التأثير على السلوك الفردي، والتي تتعلق بالمواقف تجاه الفرد نفسه والطلاب الآخرين.

يمكن أن يكون للتصورات الخاطئة لهذه القواعد الاجتماعية آثار مهمة على الاستخدام الشخصي، على سبيل المثال قد يؤدي المبالغة في تقدير تدخين مثلاً الأقران إلى زيادة الاستهلاك الذي يُنظر إليه على أنه سلوك مرغوب فيه اجتماعيًا، وكما تنبأت نظرية المقارنة الاجتماعية، فإن الأفراد مدفوعين لمطابقة ما يعتبرونه معيارًا اجتماعيًا.

حيث ارتبطت هذه المفاهيم الخاطئة بمجموعة من السلوكيات، بما في ذلك السلوك السلبي المتمثل في زيادة التدخين، والأمور الأخرى مثل السلوكيات الغذائية، حيث يبدو أن تأثير هذه المعايير الوصفية للأقران المتصورة على السلوك أكبر من تأثير السلوكيات على المعايير المتصورة، مما يشير إلى مسار سببي من القواعد المدروسة بشكل خاطئ إلى التغييرات في السلوك.

ركزت غالبية الدراسات على دور المفاهيم الخاطئة للقواعد الاجتماعية حول السلوكيات السلبية، حيث أنه يمكن أن تؤثر القواعد الاجتماعية الخاطئة على تصورات ما يعتبر صورة صحية أو جذابة للفرد، مثل المفاهيم الخاطئة عن رغبة الأقران في النحافة والعضلات، هناك أيضًا دليل على المبالغة في تقدير القواعد الاجتماعية تجاه الشكل البدني للأفراد، وعلى الإفراط في التقدير والتقليل من معايير وزن الأقران بين طلاب المدارس الثانوية التي تنبئ بزيادة المخاطر الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو نقصانه على التوالي.

على العكس من ذلك هناك دليل على أن الأفراد يدركون أن أقرانهم أقل عرضة للانخراط في السلوكيات الصحية الإيجابية، ولديهم مواقف أقل تفضيلًا مقارنة بمعتقداتهم والمعايير الفعلية المبلغ عنها بين مجموعتهم الاجتماعية، وشمل ذلك غسل اليدين وسلوكيات مكافحة العدوى، واستهلاك الفاكهة والخضروات وحضور اختبارات وقائية، واستخدام الحماية من أشعة الشمس حيث توجد دراسات أقل حول وجود سوء فهم أو التقليل من القواعد الاجتماعية للسلوكيات الصحية الإيجابية مقارنة بالدراسات التي تبحث في السلوكيات الصحية السلبية.

إلى جانب الدراسات حول دور المفاهيم الخاطئة للمعايير الاجتماعية في السلوك البشري، تطور نظام الحسابات في القواعد الاجتماعية إلى أسلوب واسع النطاق لتغيير السلوك، حيث تهدف التدخلات المستندة إلى نظام الحسابات الاجتماعية إلى تقليل السلوكيات الصحية الإيجابية والسلبية من خلال تحدي هذه المفاهيم الخاطئة للقواعد الاجتماعية.


شارك المقالة: