نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يهتم علماء النفس بمفهوم الذاكرة ليس فقط لذاتها ولكن أيضًا بسبب ارتباطها المفاهيمي بمفهوم الهوية الشخصية، حيث ينتقد علماء النفس نظرية النموذج المخزن للذاكرة لاستنتاجها فرضية وجودية تسمى الآن نظرية الذاكرة من العلاقة المفاهيمية بين الذاكرة والهوية الشخصية، ففي هذه النظرية تتكون الهوية الشخصية موجودة في الذاكرة.

نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس

يتتبع بعض علماء النفس المعرفيين هدفهم في أهم انتقاداتهم إلى علماء النفس والفلاسفة القدماء الذين يصورهم على أنهم يؤمنون بأن العقل هو حسي أو مستودع للأفكار والانطباعات السابقة، ففي هذه النظرية يعتبر الإدراك والذاكرة والخيال عمليات سببية تبدأ بأحداث فسيولوجية بحتة في انطباعات على الدماغ.

في نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس تؤخذ هذه الحالات الفسيولوجية على أنها ارتباطات عقلية أو مجموعة من الأحاسيس أو الأفكار عن الحس أو انطباعات الحدس، وهي أشياء خاصة للإدراك والذاكرة والخيال، حيث أن هذه الأفكار أو الانطباعات هي تمثيلات بمعنى أنها تحافظ أو تعيد تقديم المعلومات من ارتباطاتها الفسيولوجية.

وفقًا لعلماء النفس لا يعترف هذا الرأي بأي تمييز بين الخيال والذاكرة بحيث يتكون كل منها من انطباع يشبه الصورة يبقى بعد زوال الشيء الذي أثار إعجاب الحواس مع الفرق الوحيد بين الاثنين هو في إخلاص الانطباع التخيلي لقضيته.

يقدم نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس نقدين للنظرية القديمة للذاكرة أولاً، تتعارض النظرية مع أحد القيود المنهجية الخاصة بعلماء النفس المعاصرين أي أن النظرية يجب أن تلتزم بقواعد للوائح خاصة بالفلسفة النفسية، أو قواعد خاصة بالتحقيق.

حيث أن القاعدة الأولى هي عدم طرح أسباب نظرية فحسب، وتمنع القاعدة الثانية طرح أسباب غير كافية لتفسير الظاهرة قيد البحث، حيث لا يوجد دليل رصدي على وجود انطباعات على الدماغ بل إنها مجرد كيانات نظرية، علاوة على ذلك حتى لو منحنا الوجود النظري للانطباعات، فلن تكون هذه الكيانات كافية لشرح الذاكرة.

قد نؤسس علاقة متبادلة بين الانطباعات والذكريات، لكنها ستظل في أحسن الأحوال مجرد علاقة متبادلة، وليس تفسيرًا سببيًا بعد أن تعلم بعض علماء النفس دروس خاصة وتابعة للعالم ديفيد هيوم حول السببية، أنكر معظمهم أي روابط ضرورية بين الانطباعات والذكريات كافية لاعتبار الأولى سببًا للأخيرة.

ومنها يدرس علماء النفس أيضًا ما إذا كان التشابه يمكن أن يؤسس لمثل هذا التفسير السببي، ولكن بعد أن يتم تعلم دروس خاصة بالذاكرة حول التشابه، ينكر بعض علماء النفس أن أي حالات عقلية يمكن أن تشبه الحالات المادية مثل الانطباعات على الدماغ.

النقد الثاني في نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس هو أنه حتى لو سلمنا أن الانطباعات تبقى بعد زوال الأشياء التي أثرت في الحواس، حيث أنه على الرغم من أن بعض علماء النفس يحددون هدفهم على أنه ذو أصول قديمة، إلا أن اهتمامهم الأساسي هو ما يعتبرونه مكافئًا حديثًا، ومنها تم تقديم هذه النظرية الحديثة من قبل العالم جون لوك.

نقد النموذج المخزن للذاكرة في استعادة الأفكار في علم النفس

يدور نقد النموذج المخزن للذاكرة في استعادة الأفكار في علم النفس حول الفهم الإنساني لتوضيح الاستعارات المضللة التي جاءت من النظرية القديمة للذاكرة في استعارات للعقل كمخزن والأفكار والانطباعات كصور، حيث أن الطريقة المهمة للاحتفاظ هي القدرة على إحياء تلك الأفكار مرة أخرى في أذهاننا، والتي اختفت بعد طبعها أو أصبحت كما هي بعيدًا عن الأنظار.

حيث أن هذه هي الذاكرة التي كانت كما كانت مخزنًا لنا الأفكار، لكن أفكارنا ليست سوى تصورات فعلية في العقل، والتي تتوقف عن أن تكون أي شيء عندما لا يكون هناك تصور لها، فإن وضع أفكارنا في مستودع الذاكرة لا يعني أكثر من ذلك أن يتمتع العقل في كثير من الحالات، بالقدرة على إحياء التصورات التي كانت لديه ذات مرة.

مع هذا التصور الإضافي المرفق بها، والتي كانت لديه من قبل، وبهذا المعنى هذه هي أفكارنا التي يقال أنها موجودة في ذكرياتنا، في حين أنها في الواقع ليست في أي مكان، ولكن فقط هناك قدرة في العقل، عندما يحدث ذلك لإحيائها مرة أخرى؛ ولأنها كانت ترسمها على نفسها من جديد، على الرغم من أن البعض لديه أكثر، والبعض الآخر بصعوبة أقل، وبعضها أكثر حيوية والبعض الآخر أكثر غموضًا.

كما يوضح نقد النموذج المخزن للذاكرة في استعادة الأفكار في علم النفس فإن علماء النفس أنفسهم يعترفون بأن فكرة أن العقل هو نوع من المستودعات هي فكرة مجازية، وفقًا لنظرية العالم جون لوك الخاصة، لا يمكن تخزين الأفكار والانطباعات فهو ملتزم بفرضية أن الأفكار لحظية وغير مستمرة وبفرضية أن الهوية بمرور الوقت تتطلب وجودًا مستمرًا، تستلزم الفرضيات معًا أن الأفكار المتطابقة عدديًا لا يمكن تخزينها بمرور الوقت.

ومع ذلك ينتقد علماء النفس هذا لعدم قدرته على تخليص نفسه من الاستعارة عندما يدعي العالم جون لوك مثلًا أنه يعتبر جميع الأشياء موجودة في الذاكرة، حيث أن العقل كما كان يرسم الأفكار على نفسه من جديد على أي نموذج يرسم العقل الفكرة من جديد؛ من أجل استخدام فكرة سابقة كنموذج لها يجب على العقل أن يتذكرها، لكن القدرة على رسم الأفكار من جديد على نفسها تفترض الذاكرة بدلاً من تفسيرها.

يقدم بعض علماء النفس وصفًا غير مجازي للذاكرة عندما يدعون أن الذاكرة تتكون من تصورين وهما إدراك حاضر واعتقاد حول هذا الإدراك الحالي، أي أن المرء قد استمتع بالإدراك من قبل؛ نظرًا لأن هذا ملتزم بالأطروحة القائلة بأن الأفكار المتطابقة عدديًا لا يمكن تخزينها بمرور الوقت.

ويجب أن يكون الاعتقاد هو الاعتقاد بأن المرء قد تمتع سابقًا بإدراك مماثل نوعيًا للإدراك الحالي، بدلاً من التطابق عدديًا معه، ومنها ينتقد هذا الحساب باعتباره دائريًا ويتطلب الاعتقاد الشخصي بأن الإدراك الحالي للفرد مشابه نوعياً لتصور كان لدى المرء في الماضي أن يتذكر أنه كان لديه هذا الإدراك السابق وتذكر جودته وشخصيته.

نقد النموذج المخزن للذاكرة من حيث تكرار الأخطاء في علم النفس

يضع علماء النفس نقد النموذج المخزن للذاكرة من حيث تكرار الأخطاء في علم النفس من حيث نقد حساب العالم ديفيد هيوم للذاكرة لتكرار أخطاء غيره وخاصة لنظرية الذاكرة التي تدور حول الطبيعة البشرية، حيث أنه من خلال التجربة أنه عندما يكون أي انطباع حاضرًا في العقل، فإنه يظهر مرة أخرى كفكرة.

ويمكن أن يحدث هذا بطريقتين مختلفتين إما عندما يحتفظ في مظهره الجديد بدرجة كبيرة من حيويته الأولى، ويكون متوسطًا إلى حد ما بين انطباع وفكرة، أو عندما تفقد هذه الحيوية تمامًا وهي فكرة مثالية، حيث أن القوة التي نكرر بها انطباعاتنا بالطريقة الأولى هي الذاكرة والأخرى هي التخيل.

يعتقد ديفيد هيوم أن الأفكار ليس لها وجود مستمر، وهكذا لا يستطيع هيوم الادعاء بأن فكرة متطابقة عدديًا يمكن أن تظهر مرة أخرى، بالإضافة إلى ذلك يواجه حساب ديفيد هيوم نفس الاعتراض الدائري؛ لأنه يفسر الذاكرة من خلال مناشدة فكرة مشابهة.

في النهاية نجد أن:

1- نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس يتمثل في فرضيات وأفكار علماء النفس المعرفيين المعاصرين لنماذج الذاكرة الجديدة ونقد جميع الأخطاء التي وقع بها القدماء من المعرفيين نحو الذاكرة.

2- يقدم نقد النموذج المخزن للذاكرة في علم النفس نقدين للنظرية القديمة للذاكرة أولاً، تتعارض النظرية مع أحد القيود المنهجية الخاصة بعلماء النفس المعاصرين.

3- أي أن النظرية يجب أن تلتزم بقواعد للوائح خاصة بالفلسفة النفسية، أو قواعد خاصة بالتحقيق من النماذج الخاصة بالذاكرة.


شارك المقالة: