اقرأ في هذا المقال
يعد اضطراب التواصل من الاضطرابات التي تؤثر على قدرة الفرد في التعبير عن نفسه وفهم الآخرين، وهو يعبر عن مجموعة من المشاكل التي تؤثر على مهارات التواصل، سواء كانت مهارات اللغة المنطوقة أو غير المنطوقة. يتضمن اضطراب التواصل العديد من الأنواع مثل اضطراب اللغة، واضطراب الصوت، واضطراب الطلاقة (التلعثم)، واضطراب السمع. يتطلب تشخيص هذا الاضطراب تقييماً دقيقاً يشمل مجموعة من المعايير والأساليب المعتمدة لتحديد نوع الاضطراب وسببه.
تقييم وتشخيص اضطراب التواصل
عملية تقييم وتشخيص اضطرابات التواصل ليست سهلة؛ بسبب تداخل الأعراض والأسباب، حيث قد يأتي طفلان إلى عيادة النطق فيبدو من الانطباع الأولي أنهما يعانيان من اضطراب متشابه في النطق، إلا أن عملية التقييم الدقيق قد تدل على أن السبب في الاضطراب لدى أحدهما هو سبب بيولوجي عصبي، في حين أن السبب الآخر لا يتعدى عن كونه سبباً وظيفياً، بالتالي فإن الخطة العلاجية لكل طفل منهما ستختلف بالضرورة عن الآخر.
وأول أساليب التقييم والتشخيص وأبسطها عملية الكشف، حيث يقوم الاختصاصي في هذه العملية بفرز الأطفال الطبيعيين عن الأطفال الذين يشتبه بمعاناتهم من اضطرابات في التواصل، بالتالي فهم بحاجة إلى خطوات لاحقة من التقييم، تحديد ما إذا كانوا بالفعل يعانون من اضطراب، ما نوعه، ما هي درجة شدته وصولاً إلى التوصيات أو الخطة العلاجية المناسبة للقضاء على هذا الاضطراب.
وتشتمل عملية التقييم الشاملة على خطوات كثيرة، تِبعاً لنوعية الاضطراب وشدته والانطباع الأولي لاختصاصي معالجة النطق، فعلى الرغم من فقر بأدوات التشخيص المعيارية المقننة في مجال اضطرابات التواصل، إلا أن اختصاصي معالجة النطق التخصص ذو الخبرة يستطيع من خلال أدواته الخاصة ومعرفته بهذا المجال، إضافة خبراته العملية ويستطيع عمل خطط علاجية مناسبة لكل حالة على حِدة.
المعايير والأساليب المعتمدة لتحديد نوع اضطراب التواصل وسببه
1. التقييم الأولي لاضطراب التواصل
يبدأ التقييم بتحديد الأعراض والعلامات التي قد تشير إلى وجود اضطراب في التواصل. غالباً ما يُلاحظ هذه الأعراض من قبل الأهل أو المعلمين الذين يرصدون صعوبة في التعبير عن النفس أو فهم الآخرين. قد تشمل الأعراض تأخراً في النطق، صعوبة في بناء الجمل، أو مشاكل في فهم اللغة والمفردات.
2. التاريخ الطبي والعائلي
يعد جمع التاريخ الطبي والعائلي جزءاً مهماً من التقييم. يمكن أن يساعد هذا في التعرف على عوامل وراثية قد تكون مساهمة في الاضطراب، وكذلك تحديد أي حالات صحية سابقة قد تؤثر على القدرة التواصلية، مثل مشاكل السمع أو تأخر النمو العصبي.
3. الفحص السمعي
نظرًا لأن العديد من اضطرابات التواصل قد تكون مرتبطة بمشاكل في السمع، يتم إجراء فحص سمعي شامل للتأكد من أن مشكلة التواصل ليست ناتجة عن فقدان السمع. يمكن أن يساهم اختبار السمع في تحديد ما إذا كانت المشكلة في اللغة أو الصوت ناتجة عن صعوبة في سماع الأصوات بشكل صحيح.
4. اختبارات اللغة والنطق
يعد اختبار اللغة والنطق جزءاً مهماً من التقييم، حيث يتم تقييم القدرة على استخدام اللغة والتحدث بشكل صحيح. يشمل ذلك اختبار المفردات، بناء الجمل، التراكيب اللغوية، والقدرة على فهم اللغة المنطوقة. يمكن استخدام اختبارات قياسية مثل مقياس “إيفرنت” أو “توفل” لتحديد مستوى قدرة الطفل أو البالغ في هذا المجال.
5. التقييم النفسي العصبي
في بعض الحالات، يتم استخدام التقييم النفسي العصبي لفحص تأثير اضطرابات التواصل على وظائف الدماغ. قد يساعد هذا في تحديد أي مشاكل عصبية أو تطورية قد تكون وراء صعوبة التواصل.
6. التقييم السلوكي
يمكن أن يكون التقييم السلوكي مفيداً لفهم كيفية تأثير اضطراب التواصل على سلوك الفرد وتفاعلاته الاجتماعية. في هذا التقييم، يتم مراقبة كيفية تفاعل الشخص مع الآخرين، ومدى تأثره بالأوضاع الاجتماعية والبيئية.
7. المقابلات الأسرية والبيئية
أحد الجوانب المهمة في تقييم اضطراب التواصل هو أخذ ملاحظات من الأسرة والمدرسة حول سلوك الطفل وتفاعلاته. يساعد ذلك في فهم كيفية تأثير البيئة المحيطة على مهارات التواصل، وهل هناك عوامل خارجية تؤثر على قدرة الشخص على التعبير عن نفسه.
8. تشخيص اضطراب التواصل
بعد جمع كل المعلومات من التقييمات المختلفة، يقوم الأطباء أو المختصون بتحديد ما إذا كان الشخص يعاني من اضطراب في التواصل وما هو نوعه. إذا تبين أن الأعراض تتوافق مع اضطراب معين مثل تأخر اللغة أو التلعثم، يتم تقديم التشخيص المناسب. يعتمد التشخيص على المعايير الخاصة بالاضطراب كما وردت في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).
9. التدخل والعلاج لاضطراب التواصل
بمجرد تشخيص اضطراب التواصل، تبدأ مرحلة التدخل والعلاج التي تعتمد على نوع الاضطراب. قد يشمل العلاج جلسات مع أخصائيي النطق واللغة لتحسين مهارات التواصل. في بعض الحالات، يمكن أن تشمل العلاج برامج تعليمية خاصة أو تدخلات سلوكية لمساعدة الشخص على تحسين تفاعلاته الاجتماعية.
يعد تقييم وتشخيص اضطراب التواصل عملية شاملة تتطلب مزيجاً من الأدوات المختلفة لتحديد السبب وتوجيه العلاج بشكل مناسب. من خلال التشخيص المبكر والتدخل المناسب، يمكن تحسين القدرة على التواصل بشكل كبير، مما يعزز من نوعية حياة الفرد ويزيد من فرص نجاحه في التفاعلات الاجتماعية والتعليمية.