ما هي العلاقة بين الرياضة والهواية والاحتراف في علم الاجتماع الرياضي؟

اقرأ في هذا المقال


العلاقة بين الرياضة والهواية والاحتراف في علم الاجتماع الرياضي:

إن التزايد المطرد في المشاركة الرياضية في عدد كبير من الدول، والأفراد المروّجين، والدعاية اللذين اكتسبهما الرياضيون  كانت من أهم عوامل تغيّر مفهوم الهواية وتحوّله تدريجياً إلى الاحتراف، مع أنه تقليدياً لم يكن من المعتاد أن يتلقَ الأفراد الرياضيين أي مقابل مادي من أجل إبراز قدراتهم ومواهبهم، حيث أظهرت الرياضة المعاصرة ميلاً متزايداً نحو الاحتراف من خلال سعيها المتواصل والمستمر نحو الامتياز وتوطيد الأركان كمهنة شأنها شأن بقية المهن الاجتماعية.

حيث يُعدّ الاحتراف شكلاً مستحدثاً في الأنشطة الرياضية خاصةً نشاط كرة القدم، كما عُرف مفهوم الاحتراف في رياضة الإغريق بالانتكاس الثقافي والاجتماعي، كما زاد الاحتراف بشكل لافت في الحضارة الرومانية، حيث سعت الحضارة في بدايتها في الحفاظ على ميراث رياضة الإغريق، ولكن سرعان ما تفشَّت عوامل التفسخ الاجتماعي بما في ذلك سيطرة النظرة الاحترافية على الممارسات الرياضية؛ ممّا أدى ذلك في نهاية الأمر إلى إقبال الشعب على المشاهدة الرياضية وإمتناعه عن المشاركة في ممارسة الأنشطة الرياضية.

كما أن التنظيمات الرياضية بيَّنت أن العقيدة الرياضية المتصلة بالهواية قد ظهرت في القرن التاسع عشر في بريطانيا، حيث كانت الرياضة لها ممثلون من الطبقة العليا والطبقة الدنيا، حيث تم الملاحظة أن أبناء الطبقة العليا قد امتنعوا عن المشاركة بشكل تدريجي في الرياضات التي يشترك فيها أبناء الطبقات الأقل، حيث كانوا أبناء الطبقة العليا ينضمّون إلى أنواع أخرى من الرياضة يشاركهم فيها أفراد من أبناء طبقتهم.

كما يعقب هذا التمييز القائم على التصنيف الطبقي والذي يتجسم فيه مفهوم الهواية قد تنحى بشكل تدريجي خلال القرن التاسع عشر إلى تمييز آخر قائم على قبول الجوائز المالية، كما أن المغالاة في رسوم الاشتراك في النوادي واللجوء إلى اختيار الإدارة بالانتخاب جعل الاحتراف الأندية الرياضية تحافظ على بعض مميزاتها الطبقية، كما كانت الهواية وقوانينها هي أداة طبقية لمنع أفراد رياضيين الطبقات الدنيا من الاختلاط مع أبناء الطبقات العليا، وبعد ذلك انقلبت الهواية الرياضية إلى مذهب ذو نزعة اجتماعية محافظة.

كما أنه تم طرح مشكلة الاحتراف على الهيئات الرياضية الدولية والاتحادات الرياضية الدولية، حيث أنها توصلت إلى تعريف دقيق للاحتراف في أنظمة الرياضة بمختلف أنواعها، فمن المعروف أن بروتوكل الألعاب الأ[ولمبية لا يسمح إلا للأفراد الرياضيين الهواة فقط بالاشتراك في المسابقات الأولمبية، حيث يوجد عدة أسباب وراء ظهور مشكلة الاحتراف بهذا الحجم، وعلاوة على بروتوكول الألعاب الأولمبية، فإن الفهم القاصر لقيم الرياضة لدى عامة الناس والإدراك المحدود للرياضة كمركب ثقافي، حيث جعلت مشكلة الاحتراف في مقابل الهواية تنال شهرة كبيرة واهتماماً قوياً من وسائل الإعلام المختلفة.

كما نرى الكثير من المبالغ المالية أو الهدايا يتم تقديمها تحت مسميات عدة، منها: (التشجيع أو مصروفات أو انتقالات أو بدل تغذية)، كما أنه في بعض الدول خاصةً دول النظم الاقتصادية الموجهة أو دول العالم الثالث يتلقى الأفراد الرياضيين دعماً حكومياً مالياً، كما يوجد اعتباراً مهماً يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وهو أن الزمن قد يتغيَّر، حيث عندما ظهرت الألعاب الأولمبية القديمة في بلاد الإغريق لم تكن فكرة التمثيل الدولي قد ظهرت.

كما تزايد هذا التأثير الضاغط في دفع عجلة الاحتراف والتفرغ للرياضة ما دامت هيبة الدولة مرهونة بأداء أفرادها الرياضيين في المحافل الدولية الأولمبية، حيث أنّ هذا الأمر أضاف مفهوماً واسعاً وكبيراً للهواية الرياضية، حتى أن بعض القيادات الرياضية العالمية دعت إلى ضرورة إعادة النظر في موضوع الرياضة الدولية وتنظيماتها، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المفهوم الجديد للهواية الرياضية والتي تبنته عدة دول على مستوى العالم.

كما أدى تنوع وكثرة المسابقات الرياضية المحلية والمسابقات الإقليمية والمسابقات الدولية إلى استقطاب عدد كبير من الأفراد الرياضيين من مختلف الأعمار والجنسيات وأجناس والقدرات، حيث أن هذا الأمر عمل على توسيع قاعدة الممارسة الرياضية وتوسيع عصر الاحتراف، كما يرجع نجاح رياضة المحترفين إلى عدة عوامل، أهمها: (أن الكثير من أفراد المجتمعات الرياضية لديهم الوقت، المال، الحرية، الحركة أكثر من أفراد المجتمعات الثانية، يميل أفراد المجتمعات الرياضية لمشاهدة الرياضة أكثر من غيرهم، تعرض وسائل الإعلام رياضة المحترفين عرضاً قوياً وجذاباً خاصة على التلفزيون والصحافة).

حيث أن الرغبة في مشاهدة المنافسات الرياضية والمسابقات الرياضية بين عامة شعوب الدول ترجع إلى عوامل ثقافية وعوامل إيجابية، حيث أن الاهتمام بالرياضة يرتبط إرتباطاً إيجابياً بالاشتراك في الأنشطة الرياضية تتعلق بأنشطة مواجهة الأهداف في حياة الفرد الرياضي، ففي المجتمع الرياضي يتعامل الأفراد الرياضيين مع المحكات المادية للقيام بقياس الإنجاز والنجاح وتقدير المكانة الاجتماعية، كما كان أغلب الناس ينظرون إلى الرياضيين المحترفين في ضوء دخلهم المادي حيث كانوا يقدرونها على أساس ذلك.

كما صرّح بعض المدربين الرياضيين بأن المرتبات المعلنة للأفراد الرياضيين تقل كثيراً عمّا يتلقها الأفراد الرياضيين في الواقع، حيث كانت المرتبات المعلنة للاعبين المحترفين هي نوع من الوهم والكذب؛ وذلك بسبب أن العقود المتفق عليها تتضمن شروطاً كثيرة تقلل المبلغ الفعلي الذي يتقاضاه اللاعب، بالإضافة إلى العمولات للأفراد الآخرين مثل (المحامي، السمسار، الوكيل)، وعمولات الضرائب وغيرها من المصروفات التي تقلل من قيمة العقد المتفق عليه.

كما تختلف رياضة الاحتراف الموجودة في الدول المتقدمة عن رياضة الاحتراف الموجودة في الدول الصناعية والدول النامية؛ وذلك لأن العوامل الاقتصادية والعوامل الثقافية والعوامل الاجتماعية التابعة للدول الصناعية وللدول المتقدمة لا تدعم الأنشطة الرياضية مثلما يحدث في أمريكا، كما أن الرياضة في مختلف دول أوروبا الغربية تتعدها مسارات قوية من العادات والتقاليد، كما أن الأحداث الرياضية يراها الأفراد المشاهدون في دول أوروبا الغربية، أما بالنسبة إلى نتائج المباريات الرياضية ففي دول أوروبا الغربية فهي أكثر أهمية وأكثر اهتمام من الولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى أن احتراف اللاعبين الرياضيين بتنظيمات الأندية المحلية الأوروبية التي تكفل الفرق الرياضيية والتي ترعى اللاعبين، ممّا أضاف قوة تقليدية لهذه التنظيمات الرياضية، لدرجة أن أي تنظيم رياضي يدعو لبيع أو شراء للاعبين سوف يؤدي ذلك إلى تخلخل كبير في معنى المشاركة الرياضية بمفهومه الأوروبي التقليدي.

كما يتوقف الإنجاز الاحترافي والإنجاز القومي في الأولمبيات على عدة عوامل مهمة ومؤثرة، وأهمها: (يتوقف الإنجاز الرياضي الدولي على المصادر المتاحة في الأمم والكفاية الموجودة في تعبئة هذه المصادر، الاختلافات الموجودة بين الأمم التي تساعد في نجاحها في الرياضة الدولية يمكن أن تسهم في جمع وتوفيق البيانات السياسية والبيانات الاجتماعية والبيانات الاجتماعية والبيانات الاقتصادية بين الأمم الرياضي المختلفة).

كما أن وجود المتغيرات السياسية والمتغيرات الأيدولوجية والمتغيرات التحكم النظامية تؤثر في دور الرياضة في المجتمع الرياضي والمجتمع بأكمله، وحصص ومخططات المصادر الاجتماعية والرياضية، ونظام توزيع المصادر الرياضية، حيث أن المتغيرات الاجتماعية من شأنها أن تؤثر في المحاور الرياضية وفي الاتجاهات النشاط البدني وفي تنمية القدرات البشرية لأجل النجاح الرياضي الدولي.

حيث أن المجتمع الرياضي الذي يفتقر إلى وجود فرص المساواة وفرص التكافؤ ويتصف بالتباين الاجتماعي يصعب عليه أن يستفيد بطريقة فعالة من المصادر الرياضة المتاحة، كما أن الاتجاهات الإيجابية نحو النشاط البدني والنشاط الرياضي في حالة لم تنتشر بين سكان المجتمع الرياضي، فإن قطاعاً كبيراً منهم خاصة قطاع الشباب الرياضيين من المحتمل أن يعمد إلى تنمية وتطوير مهاراته الضرورية واللازمة؛ للاشتراك في الأومبياد والنجاح في مسابقاته.


شارك المقالة: