تأثير الشخصية والعوامل الذاتية في الاختيار المهني

اقرأ في هذا المقال


تعتبر عملية الاختيار المهني من أهم وأكثر العمليات التي تكون حساسة وتحتاج إلى التركيز من الفرد، بحيث يتمثل تركيز الفرد في الاختيار المهني أي عدم تأثر الفرد بالعوامل التي من شأنها أن يقوم الشخص بالاختيار السيء للعمل الذي سيمثله في المستقبل، وهذه العوامل تختلف حسب نوعها فمنها ما يكون بسبب الأسرة ومنها ما يكون بسبب الأصدقاء ومنها ما يكون بسبب القدوة التي يتخذها الفرد، ومنها ما يكون متعلق بالفرد نفسه، وتسمى بالعوامل الداخلية أو العوامل الذاتية أو العوامل الشخصيّة.

ما هي العوامل الذاتية والشخصية المؤثرة في الاختيار المهني

يعتبر الفرد نفسه هو العنصر الأساسي في عملية الاختيار المهني واتخاذ القرار المهني المناسب؛ وذلك لأنَّ العديد من الأفراد لا يتدخل بهم أحد ويبقى فقط رأيه هو وقراره هو، فعندما يكون اختيار الفرد سليم ومبني على أسس سليمة فهذا يؤدي إلى الحصول على عمل جيد والنجاح به، ويمكننا التعرُّف على العوامل الذاتية والشخصية المؤثرة في الاختيار المهني من خلال ما يلي:

  • الكثير من الناس يختارون العمل بالنسبة لميولهم ورغباتهم المهنية ويتناسون أمر هل قدراتهم تتناسب مع هذا العمل ومع هذه الميول، ممَّا يؤدي في المستقبل إلى عدم الاستمرار بهذا العمل.
  • يتأثر الكثير من الناس بعامل الحيرة والتردد في اختيار المجال المهني المناسب، وخاصة عندما تكون الخيارات المهنية كثيرة وتحتاج إلى وقت طويل للتفكير بالمناسب منها.
  • الكثير من الناس يريدون الحصول على العمل بشكل سريع، فيقومون باختيار أي عمل يكون متاح ولا يبحثون أكثر عن العمل المناسب لهم.

تأثير الشخصية على الاختيار المهني

الشخصية هي مجموعة من السمات والخصائص التي تميز الفرد وتؤثر على طريقة تفكيره وسلوكه وتفاعله مع العالم المحيط به. توجد العديد من النماذج التي تربط سمات الشخصية بالاختيار المهني، ومن أهمها:

1- نموذج العوامل الخمسة الكبرى للشخصية (Big Five Personality Traits):

  • الانفتاح على التجربة (Openness to Experience): الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانفتاح على التجارب يميلون إلى اختيار المهن التي تتطلب الإبداع والابتكار، مثل الفنون والتصميم والبحث العلمي.
  • الاجتماعية (Extraversion): الأفراد الاجتماعيون يفضلون المهن التي تتطلب التواصل والتفاعل مع الآخرين، مثل المبيعات، والتدريس، والعلاقات العامة.
  • الاجتهاد (Conscientiousness): الأشخاص الذين يتسمون بالاجتهاد والتنظيم يميلون إلى اختيار المهن التي تتطلب الدقة والانضباط مثل المحاسبة، والهندسة، والطب.
  • القبول (Agreeableness): الأفراد المتسمون بالمرونة والتعاون ينجذبون نحو المهن التي تتطلب مساعدة الآخرين مثل التمريض، والعمل الاجتماعي.
  • التقلب العاطفي (Neuroticism): الأشخاص الذين يميلون إلى التقلب العاطفي قد يفضلون مهنًا مستقرة توفر لهم بيئة عمل هادئة.

2- نظرية هولاند للأنماط المهنية (Holland’s Career Typology): صنف جون هولاند الأفراد وفقًا لستة أنماط مهنية، حيث يرى أن توافق النمط المهني مع الشخصية يؤدي إلى تحقيق الرضا المهني. وتشمل هذه الأنماط:

  • النمط الواقعي: يفضل الأشخاص الذين يميلون إلى العمل اليدوي والمهني المهن مثل الهندسة الميكانيكية والبناء.
  • النمط الاجتماعي: يتجه الأفراد الذين يحبون مساعدة الآخرين نحو المهن التي تعتمد على التفاعل الاجتماعي مثل التعليم، والطب.
  • النمط الفني: يناسب الأفراد المبدعين والمتذوقين للفن الأعمال التي تتطلب إبداعًا مثل التصميم الجرافيكي والفنون التشكيلية.
  • النمط الاستقصائي: يتميز الأفراد الذين لديهم حب للاستكشاف والتحليل بالاتجاه نحو المهن العلمية والبحثية مثل الكيمياء والفيزياء.
  • النمط المغامر: يناسب الأشخاص الذين يحبون القيادة والمغامرة مهن مثل الأعمال الحرة، والإدارة، والسياسة.

النمط التقليدي: يفضل الأفراد الملتزمون بالنظام والانضباط المهن المكتبية والإدارية مثل المحاسبة والأرشفة.

تأثير العوامل الذاتية في الاختيار المهني

إلى جانب السمات الشخصية، تلعب العوامل الذاتية الأخرى دورًا حاسمًا في توجيه الأفراد نحو مهن معينة. هذه العوامل تتعلق بالميول والقدرات والتطلعات الذاتية، ومن أبرزها:

  • الاهتمامات والميول الشخصية: يميل الأفراد إلى اختيار المهن التي تتناسب مع اهتماماتهم الشخصية، فالاهتمام بمجال معين يزيد من الرغبة في التعمق فيه واكتساب المهارات اللازمة. على سبيل المثال، الشخص الذي يهتم بالتكنولوجيا قد يتجه نحو مهن مثل البرمجة أو هندسة الحاسوب.

  • القدرات والمهارات: تؤثر القدرات الذاتية والمهارات الفردية بشكل مباشر على الاختيار المهني. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يتمتع بقدرات تحليلية قوية، فقد يميل إلى مجالات مثل الرياضيات أو العلوم. كذلك، من يتمتع بمهارات تواصل جيدة قد يناسبه العمل في مجالات مثل الإعلام أو العلاقات العامة.

  • التطلعات والأهداف المهنية: الطموحات الشخصية تلعب دورًا كبيرًا في الاختيار المهني. بعض الأفراد يسعون إلى مهن تمنحهم السلطة والمسؤولية، في حين أن آخرين قد يفضلون الاستقرار أو التوازن بين العمل والحياة الشخصية. هذا التباين في التطلعات يؤثر على نوعية المهن التي يختارها الأفراد.

  • التأثيرات الاجتماعية والثقافية: العوامل الاجتماعية، مثل تأثير الأسرة أو الثقافة السائدة في المجتمع، قد تلعب دورًا في توجيه الأفراد نحو مهن معينة. في بعض الثقافات، قد يكون العمل في مجالات مثل الطب أو الهندسة مقدرًا أكثر من المهن الفنية أو الإبداعية، مما يؤثر على اختيارات الأفراد.

التوافق المهني والرضا الوظيفي

تعد عملية التوافق بين الشخصية والعوامل الذاتية والمهنة المختارة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الرضا الوظيفي والنجاح المهني. عندما يجد الأفراد أنفسهم في مهن تتناسب مع شخصياتهم وقدراتهم، فإنهم يشعرون بارتياح أكبر في العمل، مما يزيد من إنتاجيتهم ويقلل من احتمالية التوتر أو الإرهاق المهني.

الاختيار المهني ليس عملية عشوائية، بل هو نتاج تفاعل معقد بين السمات الشخصية والعوامل الذاتية. التعرف على هذه السمات وفهم تأثيرها يمكن أن يساعد الأفراد في اتخاذ قرارات مهنية تتناسب مع قدراتهم واهتماماتهم، وتساعدهم على بناء مسار مهني ناجح ومستدام.


شارك المقالة: