اقرأ في هذا المقال
النموذج الطبي الحيوي لذوي الإعاقة:
نموذج الإعاقة الطبي الحيوي لديه تاريخ طويل فهو الأكثر شهرة للعامة، ويحمل في طياته قوة وهيبة مهنة الطب الراسخة، وإن هذا النموذج القائم على نماذج عملية، والمستفيد من التقاليد قد هيمن على تشكيل فهم الإعاقة، وتمكن قوة النموذج الطبي في قوته التفسيرية القوية والتي تتجاوز بشكل كبير القوة التفسيرية للنماذج الأخرى، وإضافة إلى ذلك فإن تعريف هذا النموذج للإعاقة بلغة الطب يعطي مصداقية عملية لفكرة أن الإعاقة هي تجربة فردية بشكل كلي ونتيجة لهذه التعريفات الفردية والخصوصية والطبية للإعاقة، فقد التزم النموذج الطبي الصمت بشأن قضايا العدالة الاجتماعية، وفي الواقع لا يعتبر هذا النموذج نموذجاً تفاعلياً؛ لأنه يعتبر التعريف والمشكلة وعلاج الإعاقة أموراً تقع داخل الفرد صاحب الإعاقة.
وبالإضافة إلى ذلك نادراً ما ينفذ التعاون بين الاختصاصيين عندما تكون الإعاقة طبية، يفترض النموذج الطبي بشكل ضمني افتراض وجود علم الأمراض والتشخيص الطبي للإعاقة، وهذا التشخيص غالباً ما يتم الاعتماد عليه في تلقي الخدمات والحصول على الحقوق القانونية لذوي الإعاقة، وقد وصف (Bickenbach) تعريف الإعاقة هذا بالانحراف، وإن الاعتقاد الأكثر شيوعاً حول هذا النموذج من الإعاقة هو أنه يتضمن عيباً أو نقصاً أو عجزاً أو شذوذاً أو فشلاً أو مشكلة طبية موجودة عند الفرد، ونحن نعتقد أنه من الواضح وبشكل غير قابل للجدل أن الإعاقة هي سمة لشخص لديه خلل شخص محدود وظيفياً أو غير طبيعي من الناحية التشريحية أو مريض تشريحياً شخص ليس كاملاً ولا معافى وليس سليماً أو متألقاً، شخص أقل شأناً أو متخلفاً عقياً.
إن جوهر الإعاقة في وجهة النظر هذه هو أن هنالك أشياء غير طبيعية عند الأشخاص ذوي الإعاقة ومن المثير للاهتمام أن (Bickenbach) يعتبر أن النموذج الطبي له علاقة بالنموذج الديني للإعاقة الذي ينظر إلى الكمال البيولوجي كفضيلة وصلاح، وكان للجمع بين الدين والعلم في النموذج الطبي الحيوي تأثير هائل إضافة إلى ذلك هناك جانب معياري واضح المعالم للنموذج الطبي الحيوي، وفي أن الإعاقة تعتبر النقص البيولوجي والعطل والمرض والانحراف مقارنة مع قياسها على الأفراد الأسوياء، وهكذا فإن الفرد الذي لديع إعاقة بغض النظر عن صفاته الشخصية ومميزاته يدرك أنه ينتمي إلى مجموعة قليلة الشأن، وفي كثير من الأحيان عندما يسعى الأفراد ذوي الإعاقة للحصول على الخدمات الوظيفية مثل الإرشاد فهم يفهمون أن من وجهة نظر الآخرين الحياة مع الإعاقة تستحق الاستثمار الأقل المفوض لإدارة خدمات إعادة التأهيل.
وقد لخصت امرأة كفيفة الانتقاص والجانب المعياري لوجود الإعاقة عندما قالت: “إنه ليس أمراً محترماً جداً أن يكون لديك إعاقة”، إضافة إلى ذلك فإن العديد من الأفراد ذوي الإعاقة قد لا يرون جدوى في محاولة الاندماج في المجتمع الذي ينقص منهم تلقائياً، ويصل الجانب المعياري لهذا النموذج إلى قمة التطرف بأن يرى العالم المثالي هو العالم الخالي من الإعاقة وضرورة وجود مهنة الطب التي يتوجب عليها القضاء على الإعاقة والأشخاص الذين يعانون منها ويضع النموذج الطبي الأشخاص ذوي الإعاقة في فئات، وبذلك يسمح لرأي العام بالنظر إليهم بوصفهم تصنيفاً كالمكفوفين والأفراد الذين يعانون من الشلل الرباعي أو المضطرب عقلياً.
فبغض النظر عن الفئة ينظر إلى الناس المصنفين على أنهم فئات وليسوا أفراداً لقد وصف (Schur) آثار التصنيف، يتعامل الآخرين مع الأشخاص قليلي الشأن بالنظر إلى مكانتهم في الفئة المثقلة بالوصم، وتصبح الصفات والأعمال الفردية شيئاً ثانوياً ويتم التعامل مع الأفراد من الفئات قليلة الشأن على أنهم بدائل أو نسخ من أمثالهم فقيمة الشخص الموصوم كفرد منخفضة جداً، فالوضع التصنيفي يميل إلى اقتلاع المعايير البديلة للقيمة الشخصية وقد يتعامل آخرون ضمنياً إن لم يكن صراحة مع الأفراد الموصومين بطرائق مهنية، وكان لهذا التصنيف وفقاً لنوع الإعاقة عواقب منهجية واسعة وأدى بعضها إلى تدني الخدمات أو انعدام الخدمات من الاستثاريين الاختصاصيين بالإضافة إلى هذا التصنيف قد عزل الأشخاص ذوي الإعاقة عن مجتمعهم وسلبهم التاريخ المشترك.
وقد علم هذا التصنيف المجتمع التركيز على فئة الإعاقة بدلاً من المشكلات والتحديات الشاملة التي يواجهها الناس من ذوي أنواع الإعاقات المختلفة، ونظراً لقوة وهيبة النموذج الطبي الحيوي بدأ عامة الناس والأفراد ذوي الإعاقة أيضاً برؤية ذوي الإعاقات كفئات في النموذج الطبي الحيوي، وتوجد أسباب الإعاقة كاملة عند الشخص نفسه وبناء على ذلك ينبغي على الفرد المسؤول عن المشكلة أن يكون مسؤولاً تماماً عن الحل، ولهذا فإن وجهة النظر هذه لديها السلطة أن تزيح عن كاهل المجتمع أية مسؤولية لمنح الحقوق المدنية للأفراد ذوي الإعاقة، فبعد كل شيء الإعاقة هي خلل الفرد ومأساته، ويعتمد أن الإعاقة هي سوء الحظ ولكنها سوء حظ ذلك الفرد، فطريقة تواصل المجتمع غالباً مع الأشخاص ذوي الإعاقة هي طريقة العالم في تقبله أو تركه.
إن النموذج الطبي الحيوي لا يكتفي بإضفاء الصبغة الشرعية للتحيز والتمميز، ولكنه يبدو لعامة الناس في معاملته للأشخاص ذوي الإعاقة في كثير من الأحيان بعيداً عن التحيز والوصم على سبيل المثال، وعندما لا يتم دمج الأفراد ذوي الإعاقة في أماكن العمل والمدارس والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، فعادة لا يلاحظ غيابهم فبُعد كل شيء وفقاً لنظرية الإسناد هذه الأفراد ذوي الإعاقة هم المسؤولون عن وصمهم وقد حاول الأطباء تضمين القضايا البيئية في نظم التصنيف والتشخيص، ومع ذلك فإن درجة التحيز والتمميز أو نقص الوسائل المساعدة لا تؤخذ بعين الاعتبار عندما يحدد الأطباء مستوى شدة الإعاقة أو يعطوا نسبة مئوية للاختلال.
وجهة النظر التقليدية للنموذج الطبي الحيوي لذوي الإعاقة:
إن وجهة النظر التقليدية للنموذج الطبي الحيوي تقول أن سبب الإعاقة والحل والعلاج كلها موجودة داخل الفرد، وقد وصف (Liachowitz) مسؤولية إضافة وضعت على عاتق الأفراد ذوي الإعاقة الكتب الطبية الحديثة تذهب أبعد من ذلك، وتعتبر الإعاقة متغيراً يعتمد على خصائص التحيز والقدرة على التكيف كما يعتمد على البقايا المحددة من الأمراض والإصابات، ويشير الأفراد المعنيون بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بسخرية إلى وجهة النظر هذه هي متلازمة، إن هذه المظاهر للنموذج الطبي الحيوي من الصفة المرضية والموضوعية والتصنيف وتفريد الإعاقة كلها تعتمد على أنظمة التشخيص والتصنيف المستخدمة من قبل الأطباء، وبالتأكيد إن أنظمة تشخيص الأطباء هي أكثر التقييمات موضوعية ومعيارية واعتماداً ومحايدة من الناحية الأخلاقية مقارنة مع تلك النماذج الأخرى ومع ذلك يكون التشخيص الطبي صحيحاً بقدر صحة نظم التصنيف المستخدمة وأبعد من ذلك يمكن أن يكون التشخيص الطبي شخصياً وانطباعياً واجتهادياً ومثقلاً بقيم الأفراد.