كيفية تقييم الانفعالات النفسية

اقرأ في هذا المقال


تحفّز العواطف السلوك ولها تأثير كبير على الصحة النفسية والعافية النفسية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يتفاعل الألم أو الفرح لتحفيز الشخص على فعل موجه نحو الهدف، مع ذلك عندما تسود بعض المشاعر وتستمر إلى ما بعد فائدتها في تحفيز الناس على سلوكهم الموجه نحو الهدف فإنّها تصبح مرضية، لذلك من الضروري تقييم ومراقبة الحالات العاطفية في التشخيص والعلاج تماماً، كما يقوم الأطباء في الفحوصات الطبية بقياس معدل النبض وضغط الدم ودرجة الحرارة بشكل روتيني.

كيفية تقييم الانفعالات النفسية:

عندما يكتشف الطبيب وجود نبض غير طبيعي أو ارتفاع في ضغط الدم أثناء الفحص الطبي، فقد تشير هذه الأعراض إلى وجود مشكلة كبيرة محتملة في أداء نظام القلب والأوعية الدموية، يمكن اعتبار القلق الشديد والغضب مشابهين لارتفاع معدل النبض وضغط الدم، يمكن اعتبار وجود الحمى كما يتضح من ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل غير طبيعي، مماثلاً تقريباً للاكتئاب، في حين أنّ الإصابة بحمى شديدة قد تشير إلى أنّ الجهاز المناعي لا يحمي الشخص من الفيروسات الضارة.

فإنّ أعراض الاكتئاب غالباً ما تعكس وجود صراعات منتشرة غير محسومة تساهم في الحمى العاطفية، تُعد مظاهر القلق والغضب والاكتئاب علامات حيوية نفسية حرجة ترتبط ارتباطاً وثيق برفاهية الفرد، توفر الاختلافات في شدة ومدّة هذه المشاعر معلومات أساسية حول الصحة العقلية للشخص والتي تساعد في تحديد الأحداث الأخيرة والصراعات طويلة الأمد التي لها تأثير كبير على حياة الفرد.

إنّ تقييم العلامات الحيوية العاطفية وتقديم ملاحظات هادفة في الوقت المناسب سيعزز أيضاً الوعي وفهم مشاعر الشخص، يساعد الأفراد على التعرُّف على عواطفهم والتعامل معها بشكل أكثر فعالية، توجد أعراض القلق الشديد عادة في جميع الاضطرابات العاطفية تقريباً، من منظور التحليل النفسي اعتبر سيغموند فرويد أنّ القلق هو الظاهرة الأساسية والمشكلة المركزية للعصاب.

تشير ملاحظات الحياة اليومية ونتائج الأبحاث الحديثة إلى أنّ مشاكل الغضب موجودة في كل مكان، بالتالي فإنّ التقييم النفسي الدقيق للتجربة والتعبير والسيطرة على الغضب أمر ضروري في التشخيص النفسي وتخطيط العلاج، وُصِف الاكتئاب على أنّه نزلات البرد الشائعة لمشاكل الصحة العقلية التي تصيب الأغنياء والفقراء وكذلك الصغار والكبار، تقدر منظمة الصحة العالمية أنّ 340 مليون شخص يعانون حالياً من الاكتئاب السريري وأنّ الاكتئاب سيصبح السبب الرئيسي للإعاقة.

اعتبر داروين الخوف والغضب من الخصائص العالمية لكل من البشر والحيوانات التي تطورت بمرور الوقت؛ لأنّ هذه المشاعر سهلت التكيف والبقاء الناجح، وفقاً لداروين إذا كنا نتوقع أن نعاني، فإنّنا قلقون إذا لم يكن لدينا أمل في الراحة، فإنّنا نشعر باليأس، بالإضافة إلى ربط القلق بالاكتئاب، اعتبر داروين أنّ الخوف الأكثر كآبة من كل المشاعر وسرعان ما يؤدي إلى السجود المطلق والبائس.

كما لاحظ أنّ الغضب ينعكس في تعبيرات الوجه، مثل احمرار الوجه والأسنان المشدودة وتسارع معدل ضربات القلب والتوتر العضلي، غالباً ما يؤدي إلى سلوك عنيف، بالنسبة لداروين كان الغضب حالة ذهنية مختلفة وليس هناك تمييز ملحوظ في علاماتهم المميزة، عرّف داروين الغضب ضمنياً على أنّه حالة عاطفية تختلف في حدتها من تهيج خفيف أو انزعاج إلى غضب شديد وغضب.

تمّ تعريف القلق من قبل فرويد على أنّه شيء محسوس، حالة أو حالة عاطفية غير سارة تتضمن القلق والتوتر والقلق والاستيقاظ الفسيولوجي، فرويد ساوى القلق الموضوعي بالخوف والذي اعتبره رد فعل عاطفي يتناسب في حدته مع خطر حقيقي في العالم الخارجي، تمشياً مع منظور داروين التطوري أكدت نظرية إشارة الخطر لفرويد على المنفعة التكيفية للقلق لتحفيز السلوك الذي يساعد الشخص على التعامل بشكل أكثر فعالية مع المواقف التي قد تكون ضارة.

اعتبر فرويد العدوان دافع غريزي يحفز الغضب والسلوك العدواني، عندما لا يمكن التعبير عن العدوان بشكل مباشر ضد الأشياء الخارجية، فإنّه يعود إلى الذات مما يؤدي إلى الاكتئاب ومظاهر نفسية جسدية أخرى، يمكن إرجاع أصل مفهوم الاكتئاب إلى كتابات القرن الخامس قبل الميلاد لأبقراط أبو الطب الحديث، المصطلح اليوناني (melancholia)، الذي له دلالة كل من القلق والاكتئاب.

استخدمه أبقراط لوصف المزاج الأسود الذي يتضمن الخوف والحزن لفترات طويلة، سادت إعادة صياغة جالان لوصف أبقراط للكآبة على أنها تتكون من مشاعر عاطفية وأعراض جسدية على مدى 1500 سنة التالية، من الناحية النظرية والبحث في علم الأمراض النفسية، تمّ التعرُّف على القلق والغضب كمساهمين رئيسيين في الاكتئاب على مدار المائة عام الماضية، لقد حظي قياس القلق النفسي في التشخيص وتخطيط العلاج والبحث باهتمام كبير لأكثر من نصف قرن، في حين تمّ إهمال تقييم الغضب نسبياً.

اعتبر داروين وفرويد أنّ الخوف والغضب والاكتئاب حالات عاطفية أساسية لها تأثيرات قوية على الأفكار والسلوك، أدرك كل من داروين وفرويد أيضاً أنّ الاكتئاب نتج بشكل عام عن تفاعل القلق والغضب، مثل القلق والغضب، تختلف أعراض الاكتئاب في شدتها من الشعور بالحزن أو الكآبة لفترة قصيرة نسبياً، إلى اليأس العميق طويل الأمد والشعور بالذنب الشديد واليأس وأفكار الموت التي قد تؤدي إلى الانتحار، يمكن أن يؤدّي الاكتئاب المستمر كصفة شخصية إلى ظهور أعراض سلوكية وجسدية مثل الأرق وغيرها.

كما نظر فرويد إلى انعدام الأمن الناجم عن القلق باعتباره محرض رئيسي على السلوك الاستكشافي، بالتالي ربط الفضول بالقلق، على الرغم من أنّ فرويد لم يتطرق بشكل مباشر إلى أصول الفضول، إلّا أنّه اعتبر أنّ السلوك الاستكشافي يتم تحديده من خلال الحوافز البيولوجية الغريزية وآليات الأنا، التي عملت على تقليل التهديد وانعدام الأمن الذي تأثر بشدة بداروين آراء حول التطور، كما اقترح نظرية غريزة ، اعتبر أنّ الانجذاب إلى حافز جديد أمر تكيفي؛ لأنّه سهل البقاء على قيد الحياة.

يمكن تعريف الفضول على نطاق واسع بأنّه الرغبة في اكتساب معرفة وخبرة جديدة تحفز السلوك الاستكشافي، بينما انعكس الاهتمام العلمي بالفضول في تاريخ علم النفس لأكثر من مائة عام، لم يحظ البحث في تقييم الفضول إلا باهتمام عابر، من بين عدد قليل من الباحثين الذين درسوا الفضول والسلوك الاستكشافي، من الواضح أنّ دانيال بيرلين هو المساهم الأكثر شهرة وتأثيراً، حدد بيرلين نوعين من الفضول وصفهما بالإدراك الحسي والمعرفي.

تمّ تعريف الفضول الإدراكي بأنّه الفضول الذي يؤدي إلى زيادة إدراك المنبهات، تمّ تعريف الفضول المعرفي على أنّه الدافع للمعرفة، كما تمّ التمييز أيضاً بين نوعين من السلوك الاستكشافي بواسطة (Berlyne)، الذي وصفه بأنّه متنوع ومحدد، حفزت مشاعر الملل الرغبة في تنويع المحفزات التي حفزت الاستكشاف المتنوع، كان الدافع وراء الاستكشاف المحدد هو الفضول الذي حفز الحصول على معلومات جديدة حول المحفزات الجديدة.

القياس النفسي للقلق:

تمّ تطوير (STAI) لتوفير مقاييس تقرير ذاتي موثوقة وموجزة نسبياً لتقييم قلق الحالة والسمات في البحث والممارسة السريرية، نظرية إشارة الخطر ومفاهيم كاتيل للحالة وقلق السمات كما صقلها وطورها سبيلبيرجر، قدم الإطار المفاهيمي الذي وجه بناء (STAI)، تمّ تعريف قلق الحالة على أنّه الشدة في وقت معين من المشاعر الذاتية للتوتر والتخوف والعصبية والقلق، مع التنشيط المرتبط للجهاز العصبي اللاإرادي.

تمّ تعريف قلق السمات من حيث الفروق الفردية المستقرة نسبياً في القلق، كما ينعكس في تكرار حالات القلق التي ظهرت في الماضي واحتمال أن مشاعر القلق ستختبر في المستقبل، عندما بدأ بناء اختبار (STAI) في عام 1964 كان الهدف الأولي هو تطوير قائمة جرد تتكون من مجموعة واحدة من العناصر، التي يمكن إدارتها بتعليمات مختلفة لتقييم كل من قلق الحالة والسمات، تمّ تكييف مجموعة كبيرة من العناصر من مقاييس القلق الحالية، تمت كتابة عناصر جديدة لتقييم وجود أو عدم وجود القلق.

تمّ الاحتفاظ بالمحتوى النفسي الأساسي لكل عنصر، لكن تمّ تعديل التنسيق بحيث يمكن إعطاء نفس العنصر بتعليمات مختلفة لتقييم إمّا قلق القلق أو القلق، طلبت التعليمات من المستجيبين الإبلاغ عن الشدة من مشاعر القلق لديهم، طلبت تعليمات السمات من الأشخاص الإبلاغ عما يشعرون به عموماً من خلال تصنيف معدل تكرار الشعور بالقلق والإدراك والأعراض التي وصفها كل عنصر.

نظراً للصعوبات التي تمت مواجهتها في قياس قلق الحالة والسمات مع نفس العناصر، تمّ تعديل استراتيجية بناء اختبار (STAI) وتم اختيار مجموعات منفصلة من 20 عنصر لتقييم القلق، عند إعطائها بتعليمات الحالة تمّ اختيار العناصر التي تتمتع بأفضل صلاحية بناء، كما هو مبين في درجات أعلى بكثير في ظل الظروف المجهدة من الظروف غير المجهدة، لمقياس القلق (STAI) المكون من 20 عنصر.

عند إعطائها مع تعليمات السمات فإنّ تلك العناصر التي كانت أكثر استقرار بمرور الوقت مع أفضل صلاحية متزامنة، كما يتضح من أعلى الارتباطات مع مقياس تايلور للقلق الواضح استبيان مقياس القلق، خمسة فقط من عناصر (STAI)كانت هي نفسها في كل من 20 عنصر، العناصر الخمسة عشر المتبقية في كل مقياس كانت مقاييس فريدة نسبياً لقلق الحالة أو السمات.


شارك المقالة: