تُعد قصة أسطورة راينك هي قصة ألمانيّة شعبيّة، قامَ الكاتب تشارلز جون تيبيتس بتأليفها في عام 1892م. حيث نُشرت هذه القصة في كافة مطابع مدينة برلين في جمهورية ألمانيا الاتحادية وفي بعض المطابع في مدينة لندن في المملكة المتحدة وفي مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
الشخصيات:
- الشاب راينك.
- الرجل العجوز الشرير.
- جثة الطفل.
- الجثة الكبيرة.
قصة أسطورة راينك:
في قديم الزمان، كان هناك شاب اسمه غراف أولريك فون راينك وهو شاب متهور للغاية. كان هذا الشاب غني للغاية، ولكن جشعه جعله يفقد كل ممتلكاته ولم يتبقى لديه أي قطع زراعية لعيل نفسه باستثناء البقعة الصغيرة وغير المنتجة التي كان راينك قد بنى قلعته فيها. وفي أحد الأيام بسبب الأمطار العاصفة انهارت قلعته المتينة لتقع أشلاء على الأرض وفي إحدى الليالي عند الشفق بينما كان جالسًا عند البوابة الخارجية لقلعته المنهارة ينظر بحزن إلى النهر الواسع اللامع الذي يتدفق بهدوء تحته، أدرك وجود شخص غريب بدا وكأنه يصرخ بضجر.
خرج الرجل الغريب وألقى التحية على راينك وقال له: أنا رجل غريب أود الذهاب إلى المملكة المجاورة، ولكنني لا أملك الطعام والشراب فهل يمكنك إعطائي القليل؟ بالرغم من فقر راينك وعدم توافر الكثير معه إلّا أنَّه أعطاه القليل من طعامه وشرابه. وبعدما تناولوا طعامهم قال العجوز له: لا بد من وجود شراب في هذه القلعة أيها الكونت، أليس كذلك؟ ذهب إلى القبو ووجد بالفعل زجاجة شراب كإرث عائلي وهو شراب يُسمى بشراب الراينك. وعندما كانوا يسيرون ليخرجوا من القلعة تفاجأ بالأماكن التي يراها للمرة الأولى في قلعته.
جلس الكونت ورفيقه على برميلين فارغين وبدأ كلاهما بالحديث عن أمورهما الخاصة وقال الغريب: أستطيع تخليصك من هذا الفقر الذي أنت فيه. قفز راينك وقال: كيف؟ قل لي أرجوك! قال له العجوز: هل تعلم بأنَّ جدك في الوقت الذي حاصر الإمبراطور كونراد في هذه القلعة قد دفن كنزًا كبيرًا فيها. وأنا أستطيع من تجربتي في المملكة المجاورة باستخراج الكنز والذهب من الأرض.
قال العجوز: لقد كنت حاضرًا في الوقت الذي دفن فيه جدك الكنز، هناك الماس والذهب والفضةوالأحجار الكريمةوالزمردوالمرجان واللؤلؤ والكثير غيرها. وهذا كله سيجعل الحياة تعود لقلعتك المنهارة. قال له الكونت راينك: سأفعل أي شيء تريده مني، فأنا بحاجة شديدة للأموال فلا أملك النقود لشراء الطعام والشراب ولا أملك أرض أستطيع منها الحصول على شيء لأكله. قال له العجوز: حسنًا، عندما يكون القمر بدرًا ساطعًا ستخرج إلى الكنيسة التي دُفن فيها كل نسلك وستفتح التوابيت بالترتيب من جيلك الأكبر حتى الأصغر.
ارتعب راينك كثيرًا لسماعه مثل هذا الأمر، فالعجوز يطلب منه فتح قبور العائلة وأكمل العجوز قائلًا: ستخرج من التوابيت العظام البيضاء وستضعها في أرض خضراء تحت أشعة القمر الساطعة وستذهب مرة أخرى إلى التوابيت وتنظف ما فيها من عفن. ومرة أخرى صُعق راينك لطلب العجوز منه تدنيس قبور عائلته ولم يوافق في بداية الأمر. قال له العجوز: أنت حر القرار، فالنقود ستكون في التوابيت وسيكون كل تابوت يحتوي على كمية وفيرة للغاية من الكنوز.
رضخ راينك لكلام العجوز وذهب للكنيسة عندما كان القمر بدرًا وفتح أول تابوت وأخرج منه العظام ووضعها تحت أشعة القمر على أرض خضراء في الجنوب. ظل راينك يفعل ذلك لكل قبور العائلة حتى وصل للتابوت الأخير وعندما فتحه كانت هناك جثة ممتدة كما لو كانت تغط في نوم عميق، جثة طفل جميل ولطيف وكأنَّه توفي منذ ساعات. شعر راينك بخوف شديد وبدأ يرتجف ويبتعد عن التابوت. قال الطفل: ارجعوا لنا عظام اليون، استرجعوا عظام اليون، دعوهم يرقدون بسلام في منزل آبائهم. لعنة الموتى ستكون عليك.
دخلت الجثة إلى التابوت مرة أخرى وهي تنطق بهذه الكلمات ورأى أولريك هيكلًا عظميًا مُلقى على الأرض. ارتجف وتجنب النظر إليها وأدارها نحو باب الكنيسة حيث تركه رفيقه، وفجأة رأى ثوب أبيض طويل للغاية ينسدل من أعلى الكنيسة ويتساقط على الجثة وعلى الهيكل العظمي وعندما غطت الهيكل العظمي، بدأ يتحرك وكأنه جثة حية، بدأت عيني راينك بالاتساع وبقي مكانه غير قادر على الحركة. اقترب الهيكل منه وهو يقول: نريد الخلاص! أعيدوا عظامنا إلى مكانها، أنت رجل ملعون. لتلعنك السماء.
ظل الهيكل يقترب من راينك حتى أمسك حلقه وقال: ستندم على فعلتك يا صبي! أنت أقذر نسل لعائلتنا وجميعنا سنلعنك حتى ترقد في قعر جهنم. وقهقه بصوت مرتعد كسر جميع نوافذ الكنيسة قائلًا: هذا مصير المجرمين والعاقين! هذا هو مصيرك أيها القذر الملعون، دست قبور عائلتك لكي تحصل على المال والآن سنرى فائدة المال والكنوز وفي هذه اللحظة، خرج الصبي الجميل الذي تحدث من القبر وظهر فجأة مرة أخرى ووضع بنفسه بين الكونت البائس والباب حيث كانت الجثة تتحدث وأعاق تقدم الجثة.
قال الطفل: لا أنا أشعر بأنَّه ليس المذنب، فهو يبدو طيبًا للغاية. قالت الجثة: لا يا بني، هذا رجل دنيء. قال راينك: أنا أقسم بالرب بأنني ليس صاحب هذه الفكرة، فكنت أحتاج المال لتناول الطعام ورجل غريب ظهر وقال لي بأنني سأحصل على الكنوز التي دفنها جدي عندما أخرج عظامكم وأضعها تحت أشعة القمر على أرض خضراء وكبيرة. قالت له الجثة: هل تعلم بأنَّ هذه الطريقة يتم فيها تحضير أكثر نوع من السحر الأسود خطورة، وهذا السحر من شأنه تدمير هذا العالم بأسره.
اعتذر الشاب راينك من الجثتان وقال سأذهب لإحضار العظام وأعيدها إلى التوابيت، ذهبت معه الجثة الكبيرة وساعدته على ذلك بعدما اكتشفت نيته الطيبة. وحينها رأى الرجل العجوز راينك والجثة يسيران نحوه، وعندما شاهد الجثة توفي على الفور؛ وذلك خوفًا منه. وبالفعل استطاع إعادة العظام إلى مكانها وبدأ يصلي للخلاص من الذنب الكبير الذي ارتكبه، كان راينك دائمًا يجلس في الكنيسة نفسها يبكي حتى أنَّه قيل بأنَّ دموعه كانت تكفي لغسل القبور جميعها من عفنها.
ظل راينك يصلي في الكنيسة ذاتها وبعد شهر واحد، ذهب إلى روما وهناك كان ينوي أنْ يصبح قديسًا ولكن بالطبع فعلته هذه لم تسمح له بذلك. ولذلك تقرب من الرب كثيرًا وظل يدعو للخلاص من الذنب الذي ارتكبه حتى آخر يوم في حياته وفي النهاية وُجد راينك عند أحد الكنائس متوفيًا والدموع تنساب على خديه. وكانت هذه هي نهاية القصة.