الخصائص الكمالية للموهوبين والمتفوقين

اقرأ في هذا المقال


الكمالية للموهوبين والمتفوقين:

الكمالية سمة يتم  التأكيد عليها في المجتمعات التي يكون فيها روح التنافس، وتساهم المؤسسات التعليمية والاجتماعية الدوائر المالية والأعمال والديانات بنصيب في ترسيخ هذه الظاهرة.

تمت دراسة  خاصية الكمالية في العصور القديمة من جهة فلسفية ودينية وأدبية، كما درست مؤخراً من جهة تربوية ونفسية، ومن أبرز السلوكات أو السمات التي لها علاقة بالكمالية التفكير بمنطق كل شيء أو لا شيء أو وضع درجات متطرف غير معقول، والعمل على بلوغ الأهداف وتقييم الذات على أساس معيار درجة الإنجاز والإنتاجية.

لقد ميز عدد من الباحثين بين الكمالية كصفة غير محببة لدى الأطفال الموهوبين والمتفوقين وبين السعي إلى التفوق والتميز، وهناك شبه الشخص المثالي كالذي يقوم بكتابة مسودة لموضوع إنشاء ثم يقوم باتلافها ويكتب مسودة أخرى فلا تعجبه.

وأيضاً يقوم باتلافها ويكتب مرة ثالثة ولا يسلم الموضوع بالموعد المحدد ويكون غير راضي بما كتبه، وحتى عندما يسلم واجبة متأخرة عن زملائه لا يشعر الشخص الكمالي بالرضا أو الراحة، لأن الأطفال الموهوبون والمتفوقون الكمالييون لا يقبلون دائماً قبول ما هو دون درجة الكمال التي تعرف إجرائياً بدرجة كاملة أو بدرجة إتقان 100%.

ومن ناحية أخرى يقوم الأطفال يسعى بشكل مناسب ومرغوب لتحقيق التميز في عمله لا يكون لديه مشكلات الشخص الكمالي، حيث يعمل الأطفال الموهوبين والمتفوقين ببذل الجهد والعمل الدووب لإنجاز واجباته في المدة الزمنية المحددة، ويشعر بالارتياح عندما يقوم  وعلى الرغم من أن العمل في الحالتين، قد يكون بالمستوى أو السوية نفسها إلا أن الاختلاف يظهر في اتجاهات الطالب وإدراكه للموقف.

وهناك العديد من الأمثلة التي تخص الكمالية في مراحل الحياة المختلفة يمكن ملاحظتها ووصفها بسهولة، وحتى يمكن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تطور سمة الكمالية أو معالجتها في حالة وجودها، ويجب معرفة ضرورة أهمية العوامل المؤثرة فيها والخصائص السلوكية المصاحبة لها.

الخصائص الرئيسية للكمالية للموهوبين والمتفوقين:

  • القصور في إدارة الوقت:

    غالباً ما يعاني الشخص الساعي للكمالية إلى حالة من الضعف وعدم الفاعلية في تنظيم الوقت واستثماره، حيث يظهر بوضوح لدى الأطفال الساعين للكمالية في عدة مجالات من النشاط المدرسي، فالطالب الكمالي عادة ما يتأخر في إعداد واجباته المدرسية وتسليمها في الوقت المعين ولا يتمكن من مغادرة قاعة الامتحان قبل انتهاء الوقت. وأيضاً تجد الشخص الساعي للكمالية يخرج غير راضي عما يفعله ويردد دائماً لو كان لدي وقت لأجبت عن الأسئلة بشكل أفضل مما فعلت، ومن الطريف أن هذا الشعور يتكرر دائماً بغض النظر عن المدة الزمنية التي أعطيت لاتمام المهمة.
  • التفكير بصيغ ثنائية متطرفة:
    يغلب على الشخص الساعي للكمالي طابع التفكير بصيغة كل شيء أو لا شيء ومعنى ذلك أنه لا يوجد لديه بديل ثالث أو حل وسط، فإما النجاح وإما الإخفاق وإما أن تكون الإجابة خاطئة أو صحيحة إن حصول الطالب الكمالي على علامة واحدة أقل من (أ) يعني لديه إحباط ذريعاً وبالتالي يحدث معاناة نفسية يرافقها تحركات مضطربة حاد في الدافعية وعدم ثبات في الجهد.
  • الخوف المرضي من الإخفاق:
    يتجنب الأشخاص الساعين للكمال من الخبرات الجديدة ولا سيما إذا كانوا سيعطون علامات عليها، لأنهم لا يحتملون الحصول على ما هو دون أعلى الدرجات حتى لو كانوا في مرحلة التعلم. وقد استخدمت الباحثة بالدوين (1982 Baldwin) تعبير فجوة الإخفاق من أجل وصف الفجوة بين تحصيل الذي إنجزه بالفعل وما كان يمكن تحصيله لو توفر قليل من الوقت الإضافي، وعادة ما يعاني الشخص الساعي للكمالية معاناة كبيرة عند مواجهتهم لمواقف التجربة والخطأ في التعلم، وقد لا يتقنون  العديد من مهارات وقد تضيع عليهم الكثير من المعارف؛ بسبب نفاد صبرهم في منتصف الطريق.
  • القصور الذاتي والتقاعس:
    هناك علاقة بين الخوف المبالغ فيه من الإخفاق وبين القصور الذاتي والتقاعس لدى الأشخاص الساعين للكمالية، ففي الوقت الذي يتجنبون في مواجهة خبرات جديدة، يميلون إلى خداع أنفسهم باختيار المهمات التي يستطيعون إنجازها بدرجة عالية من الكمال.كما أن الخوف الأشخاص الساعين للكماليه الشديد من الإخفاق يؤدي إلى حالة من القصور الذاتي التي تقود بدورها إلى عدم القدرة على إصدار الأحكام في الوقت المناسب، وعلى أمل أن يكون الانتظار عاملاً في اتخاذ القرار الكامل الذي لن يتحقق في واقع الأمر مهما طال الانتظار.وربما يمكن تشبيه الشخص الساعين للكمالية من وهذه الناحية بمن فضل السلامة ورضي من الغنيمة بالإياب، وقد أشار الباحث (بیري 1915 ,Beery) إلى حالات المد والجزر في مفهوم الذات لدى الأطفال الموهوبين والمتفوقين.وأيضاً تم تفسر ذلك على أساس أن الموهوب والتفوق يسعى من أجل حماية ذاته، أما الآخرين الى عدم الوقوع بالمخاطرة التي قد ينجم عنها تغيير صورته ولا سيما في سلوكاته الشخصية و المدرسية.

عوامل تطور صفة الكمالية:

  • الترتيب الولادي: الترتيب الولادي هو أحدى العوامل الرئيسية المؤثرة في تكوين صفة الكمالية عند الشخص الساعي للكمالية بغض النظر عن الجنس، فالطفل الوحيد دون أخوه  أو المولود الأول ينعم بفترة أطول من الوقت بصحبة، الوالدين أو بالقرب منهما ومن ثم يتنامى لديه الميل لمحاكمة سلوكاته وقياسها على ضوء سلوكات الراشدين و معاييرهم، ويتعاظم هذا الميل لدى أولئك الأطفال الذين يحظونا باهتمام  الأجداد بالإضافة لاهتمام الوالدين.وأن المولود الأول يضع الوالدين في مواجهة وضع جديد بفتقران فيه للمعرفة اللازمة بالأسس والأساليب المناسبة لتنشئة الأطفال، وكثيرا ما يتم مكافئة طفلهم عندما يظهر حماس أكثر مما ينبغي لأداء الواجبات والمهمات، وإن هذا السلوك بعزز بدوره الاعتقاد لدى  الوالدين بأنهم يؤدون واجبهم تجاه طفلهم الذي يسعى إلى سمات الكمالية، بينما هم في واقع الأمر لا يحسنون صنعاً،لانهم  مع مرور الوقت يسهمون في تشكل السلوكات المرافقة للكمالية.
  • تأثير الوالدين: الأطفال الساعين للكمالية على متشابهين مع والديهم ، وعادة ما يكون أفراد أسرهم من ذوي التحصيل عالي، وإذا كان هذا الأمر يثير مسألة الوراثة والبيئة بالنسبة للخصائص السلوكية، قد تكون ضرورية التمييز بين الميراث الجيني والميراث النفسي لتفسير  الظاهرة وفهمها. قد أشار لذلك الباحث (روول 1986 ,Rowell) في قوله بأن هناك  عامل وراثي نفسي يتوارثه الأبناء عن الوالدين وينتقل إلى جيل بعد جيل، يتمثل في طرائق التنشئة السلوكية وأنماط  التفاعل والتعامل التي يعمل الآباء على ترسيخها من خلال أنماط الثواب والعقاب والنمذجة.
  • وسائل الإعلام: تلعب وسائل الإعلام بأنواعها دوراً أساسياً في تنمية الشخص الساعي للكمالية من الأطفال والشباب وتعزيزهم، إن رفض ما هو دون مرتبة الكمال رسالة قوية تتبناها وسائل الإعلام في معظم برامجها الاجتماعية والثقافية والدينية على وجه الخصوص. كما أن الحث على التعلق بالمثاليات والتمسك بالأخلاق الحميدة، كما يراها كتاب البرامج الإعلامية ومعدوها شعارات لا تتوقف أجهزة الإعلام عن توجيهها للناشئة، وربما كانت الإذاعات المرئية من أقوى الوسائل الإعلامية تأثيراً على الأطفال والمراهقين.وأيضاً كانوا يقضون ساعات طويلة وهم يشاهدون أحداثاً وشخصيات غير واقعية تعرض على شاشات التلفاز، فإنهم بلا شك سيتطلعون لجعل حياتهم الأسرية والاجتماعية نموذجاً لتلك المثاليات.
  • ضغوط المعلمين والرفاق: يوجد خصائص مشتركة ومتداخلة بين الأطفال الموهوبين والمتفوقين وبين مدرسينهم، وفي بعض الأحيان يؤدي التفاعل بين المعلم والأطفال الموهوبين إلى تعزيز متبادل ومنعكس لهذه الخصائص والسمات. وتعتبر الغرف الصفية والمدارس الخاصة بالأطفال الموهوبين والمتفوقين بيئة تنمي الصفة السائدة للكمالية، كما أن هذه البيئة تزيد من احتمالية أن يكون لدى الفرد ميول إلى الكمال، وفي مثل هذه البيئة تبدو صفة الكمالية وكأنها مسألة طبيعية، وثم لا ينظر إليها على أنها مشكلة أو حالة شاذة.
  • النمو غير المتوازن: النمو غير المتوازن يتباين مستوى النضج العقلي والانفعالي والاجتماعي للأطفال الموهوبين والمتفوقين؛ بسبب تقدم العمر العقلي للطفل الموهوب والتفوق على عمره الزمني بعدة سنوات، بالتالي يصبح التباين ملحوظ بالمستويات.وبالتالي يكون لدى الأطفال الموهوبين والتفوقين توقعات للأشياء أو الأهداف التي يسعى إلى تحقيقه ولا يتمكن من ذلك؛ بسبب عدم القدرة اتمام المهارات الاجتماعية والانفعالية التي يحتاجها إلى اتقان المهارة، وبالتالي يجد نفسه في مواجهة ضغوطات من الممكن تجنبها إذا توافر الدعم والتوجيه المناسب من الراشدين في بيئة الطفل.
  • الاضطراب العائلي:
    الاضطرابات الأسرية وانحراف الوالدين وتتعاطيهم مثلاً الكحول والمخدرات يساعد على ظهور سمة الكمالية وتقدمها لدى الطفل الموهوب والمتفوق. إن هؤلاء الأطفال الموهوبين والمتفوقين قد يجدون الاضطرابات العائلية بيئة مشجعة في قضاء الوقت لإنجاز وتحقيق وتطوير إنجازاته وأعماله في تحصيله المدرسي، وبالتالي يقوم بتعويض العجز والحرمان والتحكم باضطرابات العائلة عن طريق التحكم ببیئتهم المدرسية. وقد أشارت العديد من دراسات إلى أن المدمنين على الكحول يولدون أبناء وعادة ما يعزون تطور صفة الكمالية عندهم إلى معاناتهم العائلية أو اضطرابات الأسرية (1989 ,Robinson).

شارك المقالة: