تطوير استراتيجة التربية للموهوبين والمتفوقين:
إن نظرة فاحصة لواقع المشروعات والبرامج القائمة التربية الموهوبين تكشف عن مشکلات حقيقية ليس أقلها عدم الاتفاق على تعريفات إجرائية لمفاهيم علم نفس الموهبة والتفوق، وكأن لغتنا العربية عاجزة عن استيعاب هذه المفاهيم وتحديدها بعبارات صريحة، وليس هناك مبرر النقل الأعمى لبعض البرامج المبتورة التي راجت في بعض الدول مع أنها في معظم تطبيقاتها لا تنسجم مع واقعنا الثقافي والحضاري.
وبالإضافة إلى حاجاتنا التربوية الضرورية عندما نتحدث ونتطرق عن موضوع تعليم وتطوير مهارات التفكيروالإبداع، وقد وجدت العديد من الدراسات المنشورة ووكذلك العديد من الأدلة المطبوعة التي نجحت في ترجمة وتوضيح مصطلح القبعات الستة التي تتعلق بتطبيق البرنامج، وكذلك أننا في أمس الحاجة إلى تطوير وتقدم استراتيجية موحدة التي تعالج على الأقل المهمات الأساسية في هذا المجال، وهي تعريف المفاهيم بصورة إجرائية، وإعداد الاختبارات المناسبة، إضافة الى ذلك إعداد المناهج الخادمة بتطوير وبتنمية التفكير والإبداع، وإعداد مواصفات المعلم الطلبة الموهوبين، والسماح بالتسريع الأكاديمي في مراحل التعليم العام الجامعي.
وإضافة إلى تنظيم أو ترتيب برامج مسابقات علمية على المستوى الوطني والعربي التي تعتبر وظيفتها كشف مواهب وإبداعات الطلبة في مجالات العلوم والتكنولوجيا بصورة خاصة، وتأهيل المعلمين وتدريبهم استناداً إلى إجماع الخبراء على أن المعلم هو القادر على صناعة النجاح لبرامج رعاية الموهوبين والمتفوقين والذي يعد أهم عوامل نجاح هذه البرامج.
وتتأكد الحاجة إلى المزيد من البرامج لتطوير أو تأهيل المعلمين في كليات التربية بالاضافة لكليات المعلمين في الجامعات، وتدريبهم قبل بدء عمل وخلال الخدمة حتى يتمكن من رفع كفاياتهم في التعامل مع الطلبة المتفوقين والموهوبين، وأيضاً تطوير الاختبارات المناسبة نظرا لأن نظام الكشف عن الطلبة الموهوبين والمتفوقين يشكل المدخل الأساس لأي برنامج لرعاية الموهوبين والمتفوقين، فإن الحاجة ماسة إلى وضع حد الجهد المبعثرة والإنفاق غير المبرر حتى في البلد الواحد على تطوير اختبارات ليست لقياس القدرة العقلية والاستعداد الأكاديمي للطالب المرشح.
وحتى نستفيد من هذه البرامج الخاصة التي تخص هذه الفئة من الطلبة، وكذلك نهوض المؤسسات والتربية والثقافة والعلوم إلى مستوى التحدي تبني مشروعاً طموحاً تتضمن وظيفته في وضع اختبارات مقننة تصلح للتطبيق في الدول حتى لو تطلب الأمر إنشاء مؤسسة متخصصة بتطوير الاختبارات بشرط أن تقوم على أسس علمية ومهنية سليمة.
وقد برزت وبينت هذه الحاجة في الكثير المؤتمرات التي عقدت خلال العقد الماضي التي كانت تحت شعار رعاية الموهوبين ووسائل الاعلام، يشير بعض الباحثين إلى أن أحد أسباب تقدم حركة تربية الموهوبين في المجتمع سببه الأساسي هو برنامج إبداعي درجت إحدى محطات التلفزيونية المعروفة على بثه بانتظام، ولا يمكن لأحد إنكار أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة في التأثير على الرأي العام.
ولا يزال التعليم الجامعي قاصر عن الإسهام الفاعل في تنمية المجتمع، وذلك عن طريق الانفتاح على مشكلاته ودراستها، وكذلك تبني الموهوبين من خريجي المدارس الثانوية ورعايتهم بصورة تعمل على تنمية وتطوير إبداعاتهم وتوجههم لإجراء البحوث العلمية والتطبيقية، إن استكمال حلقات الرعاية يتطلب تطوير التعليم الجامعي وخروجه من القوالب الجامدة التي عرفت في المحاضرات والامتحانات والبحوث غير الفاعلة.
والمشاركة بين القطاعات العامة والخاصة تشير الوقائع المتوافرة إلى أن أنجح البرامج والمشروعات القائمة هي القطاع الخاصة فيها دوراً ريادياً مباشراً، وتدعمها الدولة بما يمكن أن نسميه البنية الأساسية الكوادر البشرية، ولأن المردود النهائي لرعاية الموهوبين والمتفوقين يعود على المجتمع بكاملة.
فلا بد أن يتعاظم الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في إنشاء هذه البرامج وإدارتها وتمويلها بالتعاون مع وزارت التربية والمعارف وغيرها، ومن المؤسسات الحكومية ذات العلاقة.