قبول تحمل المسؤولية
الوسيلة المثلى للقضاء على الغضب بكافة أنواعه هي قبول المسؤولية، التي من شأنها أن تقطع الطريق على مشاعر الغضب والشك والإحباط في الحال.
الوسيلة المثلى للقضاء على الغضب بكافة أنواعه هي قبول المسؤولية، التي من شأنها أن تقطع الطريق على مشاعر الغضب والشك والإحباط في الحال.
تتمثل أفضل الحلول حين تنشأ مشكلة ما بين صديقين أو زوجين، أو أياً كان طبيعة تلك المشكلة بين طرفين، في تقبّل الحقيقة كأمر واقع مؤسف، واتخاذ اشتراطات معقولة على كلا الطرفين، بحيث يكون للتسامح والعدالة نظرة لا حياد عنها، بحيث يتابع كل طرف من الأطراف حياته بالمعروف بعيداً عن حياة الطرف الآخر.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى اكتساب العواطف السلبية، ويعتبر اللوم هو الباعث على الغضب، والنقمة، والحسد، والغيرة، والإحباط، وخصوصاً النوع الذي يولّد الغضب.
لا بأس في انشغالنا واهتمامنا بمشاعر الآخرين، وردود أفعالهم حيالنا وحيال خياراتنا، فعندما ننتقي أشخاصاً جديرين بالإعجاب لنتطلع إليهم، فنحن هنا نكتسب مرشداً داخلياً سيقودنا إلى أن نعامل أنفسنا بالطريقة الجديرة بنا.
في إحدى الدراسات التي أجريت حول الرجال والنساء الناجحين، ومعظمهم ممن انطلقوا من بدايات متواضعة، حيث توصّل الباحثون إلى أنَّ جميع هؤلاء الأشخاص تقريباً كانوا أثناء وصولهم لمرحلة النضج، من القرّاء المهتمين لكتب التراجم والسّير الذاتية وحياة العظماء والمشاهير.
"إنني أكتب ﻷكتسب احترام الآخرين"، هذا كان جواب الكاتب الانجليزي الشهير "سومرست موم"، عندما سأله أحد الصحفيين عن حافزه الأساسي للكتابة.
من خلال تجارب الحياة المتنوعة تعلّمنا أنَّه لا يمكننا الإقبال على فعل شيء، أو الإعراض عن فعل شيء، نتيجة انشغالنا بما سيظنه الناس بشأننا، فالحقيقة أنَّه ما من أحد يفكّر في شأننا على الإطلاق.
من أبرز الأسباب التي تؤثر على عواطفنا، وتجعل منها عواطف سلبية، التفكير الداخلي، ويحدث هذا عندما نكون منشغلين أكثر من اللازم، بالطريقة التي يعاملنا بها الأشخاص من حولنا، فإذا تصوّرنا أنَّ أحدهم لا يعطينا قدرنا من الاحترام الذي نشعر أنَّنا نستحقّه، وقتها نشعر بالإهانة والغضب، ونرغب في ردّ الإساءة بمثلها، فلو أنَّ الناس كانوا غير مبالين في التعامل معنا ولا يمنحونا الاحترام الذي نستحقه، فسوف نختبر سلوكياتهم باعتبارها هجوماً على شخصيتنا وذاتنا، فتأويلنا لموقفهم النفسي أو السلوكي المحتمل يجلب لنا الغضب والاحباط.
يعتبر التوحّد مع واقع المشلكة أو أخذها على محمل شخصي، من أهم أسباب العواطف السلبية، ويحدث هذا الأمر عندما نأخذ أحد الأمور على محمل شخصي، أو عندما نرتبط بشخص أو أمر بشكل مباشر، وقتها تكون النتيجة مزعجة لنا، ويمكن اعتبارها إساءة شخصية موجّهة لنا، يترتّب عليها عواقب سلبية، إذ نصبح متورطين بشكل عاطفي، في موقف لا يستحقّ منّا كل ذلك، ونتوحّد به بقوّة بشكل يؤثر على عواطفنا وعقولنا تأثيراً سلبياً.
نستطيع في أيّ وقت إعادة تأويل الأحداث المؤسفة في حياتنا المبكّرة بطريقة إيجابية، إذ يمكننا ممارسة قانون الاستبدال، بالبحث في جوانب التجارب السلبية عن أمر جيّد، وونأخذه ونفكّر فيه بدلاً من التفكير في التجربة السلبية ذاتها.
من خلال تجارب الأطباء النفسيين الذين يملكون خبرات طويلة في العمل مع الأشخاص المحرومين من السعادة، تمَّ التأكيد من خلال مقابلاتهم، أنَّ أكثر الكلمات شيوعاً بين المرضى هي، "لو فقط حدث هذا، ماذا لو، لو كان الأمر كذلك حينئذاك"، حيث تبين أنَّ أكثر الأشخاص بؤساً يقعون ضحيّة أحد أحداث الماضي التي تُمثّل عقبة لهم، دون أن يتمكّنوا من وضعها جانباً.
عادةً ما نُكثِر الحديث عن فترتين زمنيتين هما الماضي والمستقبل، وأمَّا الحاضر فهو لحظة وجيزة عابرة يصبح مع الوقت ماضياً.
بما أنَّ عقولنا لا يمكنها سوى الاحتفاظ بفكرة واحدة في المرة الواحدة، بمجرد أن نبدأ في التماس الأعذار للآخرين، فإنَّنا نلغي العواطف السلبية كالغضب والحزن والشعور بالانتقام، وما تتطلبه من طاقة أو وقود لكي تزداد وتشتعل في أنفسنا.
التبرير: هو الفعل الذي نقوم به عندما نعمل عملاً غير صحيح فنبحث عن مبرر، أو سبب عقلي لغضبنا أو لخطئنا، أو عدم سعادتنا، فإنّنا نقول لأنفسنا، ولأي شخص أخر يسمعنا، كم تمَّ معاملتنا معاملة سيئة، وكم كان مَسلك الشخص اﻵخر رهيباً، ونبقى نعيد بالموقف الذي حصل في عقلنا باستمرار، وكلّما فكرنا في الشخص أو بالموقف ينتابنا الغضب، ونشعر بأنَّنا غاضبين من كل شيء يحصل معنا، كما لو أنَّنا قد دفعنا ثمناً غالياً، لأنَّنا كنّا أشخاص صالحين، وفاضلين تماماً، من وجهة نظرنا.
تعتبر الانفعالات السلبية من الأمور المُكتسبة منذ مرحلة الطفولة، علماً أنَّ ما يتم اكتسابه يمكن أن يتمّ فقدانه، وأحياناً على نحو أسرع، يمكننا اكتساب أي عادة أو مهارة نعتبرها ضرورية، أو مرغوبة بالنسبة لنا، حيث يمكننا اكتساب طرق إيجابية وبنّاءة للتفكير بشأن الناس، والمال، وسائر العوامل من أجل القضاء على الأفكار السلبية التي تضع حدوداً على إمكانياتنا، وتعوق نجاحنا.
يقول قانون الاستبدال على أنَّه "يمكن للعقل البشري الاحتفاظ بإحدى الأفكار مرة واحدة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وأنَّه يستطيع الإنسان استبدال فكرة إيجابية بفكرة سلبية أو العكس، متى اخترنا هذا"، وباستطاعتنا تطبيق هذا القانون، عن طريق التفكير الذي يعتمد حول أمر إيجابي، وذلك كلّما أردنا القضاء على فكرة أو شعور يَجلبان لنا الإحساس بالغضب أو الحزن.
تُعزّز الأفكار الإيجابية الحياة وتدعمها، كما وتزودنا بالطاقة وتجعلنا نشعر أنَّنا أقوى وأكثر ثقة، فالتفكير الإيجابي ليس مجرد فكرة تحفيزية، بل له آثاراً ملموسة وبنّاءة على شخصيتنا، وكذلك على صحتنا البدنية، وعلى مستويات طاقتنا، وإبداعنا، فكلّما كنّا إيجابيين ومتفائلين، كلّما زادت سعادتنا في كلّ جانب من جوانب حياتنا.
" إذا ما رسمت في عقلك صورة لآمال مشرقة وسعيدة، فإنك بهذا تهيئ نفسك وتساعدها لبلوغ أهدافك" نورمان فينسنت بيل.
نحن أشخاص جيدون من جميع الجوانب، فنحن مهذبون، وصريحون، ومجتهدون، ونتعامل مع الآخرين بلطف واحترام ومودة، وعلاقتنا مع الأسرة والأصدقاء والعمل جيّدة وتمتاز بالقوّة والمسؤولية، كما أننا نمتلك الخبرة الكافية لتجاوز العقبات، ونحن أشخاص مهمين في وسطنا الاجتماعي وفي عملنا أيضاً، أمامنا مستقبل واعد لنبلغه، فنحن مميزون على كافة الأصعدة.
نحن نستحق كلّ ما نجنيه من مال أو منصب بالطرق القانونية، وذلك من خلال اجتهادنا في أعمالنا، أو من خلال قيامنا بخدمات من شأنها أن تحسّن حياة الناس أو عملهم، في مجتمع كمجتمعنا يعتمد على العمل، فالناس لا يشترون إلّا الأشياء التي يشعرون أنها الأفضل، وبالتالي بإمكاننا أن نحقّق النجاح على المدى البعيد، إذا وفرّنا للناس تلك الأشياء، التي يريدونها لتحسين حياتهم الشخصية أو العلمية، فقد تكون السلعة طعام، أو دواء، أو ربّما كتاب، فكلّما زادت وتحسّنت خدمتنا للآخرين، ارتفع مقدار ما نستحقّه وما نجنيه.
نتيجة للانتقاد الهدّام المسبق يتقبّل الناس خرافة أخرى، أو اعتقاداً آخر يضع الحدود على قدرات ذاتنا، ألا وهو اعتقادنا أنَّنا لا نستحقّ أن نكون ناجحين، ويعتبر هذا الشعور الداخلي الدفين، من عدم الاستحقاق شائعاً جداً بين هؤلاء الذين بدأوا حياتهم من أقل القليل، أو ممن نشأوا وعاشوا في أسر بسيطة الحال، كما ويمكن أن ينشأ هذا الشعور عن طريق بعض الأشخاص الذين يزرعون فينا أفكاراً خاطئة في مقتبل عمرنا، كقولهم "إنَّ الثراء لا يكون إلّا ﻷبناء الأثرياء فقط، والعلم فقط ﻷبناء العلماء" وهكذا، يمحون كلّ معنى من معاني العمل والمثابرة، وصولاً إلى الدونية.
إنَّ أكثر كلمات مخزوننا اللغوي قوّة وسُلطاناً على أنفسنا، هي تلك الكلمات التي نقولها لأنفسنا ونُصدّقها، إنَّ حديثنا لذاتنا، بما يُسمى بالحوار الداخلي، يُحدّد بنسبةٍ كبيرة مدى انفعالاتنا.
هناك العديد من الخرافات والاعتقادات الخاطئة التي تلقيناها بينما كنّا ننمو ، وبعض تلك الخرافات حالت بيننا وبين تحقيقنا للنجاح والبهجة والإشباع، في وقت لاحق من حياتنا، كون تلك الخرافات أصبحت عقيدة لا يمكننا تجاوزها بسهولة.
أغلب أفكارنا واستجاباتنا للأحداث والأشخاص في حياتنا، مُحدّدة وِفقاً لمُسلَّماتنا وحقائقنا الأساسية، وهي تلك الأفكار، والمفاهيم، والآراء، والاستنتاجات، التي توصّلنا إليها كمحصّلة لمُدركاتنا وتجاربنا منذ مرحلة الصّغر، وهي لا تقتصر على صورتنا الذاتية وحسب، وإنَّما على فلسفتنا في الحياة، وكلّما كنّا أكثر صلابة واقتناعاً بشأن مُسلَّماتنا الأساسية، كلّما تحكّمنا وتوقعنا هذه المُسلَّمات والحقائق، بكل ما نقوم به أو نقوله أو نحسّ به.
كما أنَّنا نرغب في أن نكون الشخص الذي نفكّر أن نكونه، فنحن أيضاً نتاج ما نقوله ونُحدّث به أنفسنا، فأقوى الكلمات التي يمكننا أن نكرّرها على مسامعنا، خاصة إذا شعرنا بالتوتر والانزعاج بسبب أمر وشيك الحدوث، هي "أنني معجب بذاتي"، وأن نكرّر هذه العبارة مرات عديدة.
يتفق علماء النفس في وقتنا الحالي، على أنَّ تقديرنا لذاتنا يوجد في لبّ تصورنا لذاتنا، وجوهر شخصيتنا، حيث أنَّ أي تحسين في أي جانب من جوانب شخصيتنا أو في أدائنا، يرفع من تقديرنا لذاتنا، بشكل إيجابي ويؤدي إلى احترامنا لأنفسنا بصورة أفضل، ويجعلنا أكثر ثقة من الأشخاص الذين يفنون أعمارهم وهم ثابتون في أماكنهم، دون أي تطوّر في منحى شخصّياتهم.
إنَّ مستوى ما نحظى به من تقدير ذاتي، يتحدد بدرجة كبيرة طِبقاً لمقدار اقتراب تصوّرنا عن أنفسنا، من صورتنا النموذجية، التي تُعبّر عن تصوّرنا لجودة أدائنا إذا كنّا في أفضل حالاتنا، فنحن دائماً ما نقارن أداءنا الفعلي بأدائنا النموذجي على مستوى اللاوعي لدينا.
تنقسم صورتنا الذاتية إلى ثلاثة أجزاء، كل قسم يرتبط باﻵخر، وتُكوّن العوامل الثلاثة جميعها شخصيتنا، وهي تحدد بدرجة كبيرة ما نفكر به، وما نشعر به، وما نقوم به، وكل ما يحدث معنا.
العادات الذهنية تُكتسب بنفس الطريقة التي تُكتسب بها العادات الجسدية، حيث أن قناعتنا بأنفسنا مبنيّة على مجموعة من التجارب السلبية والإيجابية التي تراكمت عبر السنين، فعندما نقوم بتجربة شيء ولا ينجح كما خططنا له، فإننا نقوم إلى تذكّر التجربة، وعندما يرفض الآخرون تجربة أو فكرة قمنا بطرحها، فإنّنا نفشل آنذاك في عرض أفكارنا بصورة دائمة، مما يتوجب علينا إعادة تقييم ذاتنا وأفكارنا مرة أخرى، حتى لا نقف عاجزين في النهاية.
عندما يقرّر أحدنا يوماً ما أنّه سيغيّر حياته نحو الأفضل فالمشكلة التي تواجهه، هي توقّع الانتقال المباشر من التعثّر إلى النجاح دفعة واحدة وبشكل مفاجئ، وعندما يفشل يخيب أمله، ويتخلّى عن أمل الانتقال نحو الأفضل، وذلك كلّه بسبب سوء الإدارة والتخطيط المُسبَق في الوصول المتدرّج إلى النجاح، حيث أنَّ الفشل يزيد من سوء تقديرنا ﻷنفسنا ولطاقتنا.