اقرأ في هذا المقال
- ما المقصود بثنائية اللغة؟
- الانتشار الواسع لثنائية اللغة
- الدراسات اللغوية في ثنائية اللغة
- أهم الأسئلة المطروحة من قبل الأهل حول الأطفال ثنائي اللغة
ما المقصود بثنائية اللغة؟
يكبر العديد من الأطفال في أمريكا الشمالية وحول العالم وهم يتعلمون لغتين منذ سن مبكرة، فلدى آباء الأطفال والرضع ثنائيي اللغة أسئلة مهمة حول تكاليف وفوائد ثنائية اللغة في وقت مبكر، بالإضافة إلى كيفية دعم اكتساب اللغة بشكل أفضل لدى أطفالهم. فنحن هنا نفصل الأساطير الشائعة عن النتائج العلمية للإجابة على عدد من الأسئلة الأكثر شيوعًا للوالدين حول التطور المبكر لثنائي اللغة.
يتسم الآباء ثنائيو اللغة برغبتهم في تربية أطفال ثنائيي اللغة بالكفاءة والديناميكية المطلوبة لتعلم اللغات، ولكن لديهم أسئلة ويريدون إجابات عليها. فهناك تاريخًا معقدًا من النظريات الإيجابية والسلبية حول تربية الأطفال في أسر ثنائية اللغة، لدرجة أن بعض أطباء الأطفال حتى اليوم ينصحون بعدم تعريض الأطفال لغتين.
كما تشير ثنائية اللغة إلى القدرة على استخدام لغتين مختلفتين تمامًا في الحياة اليومية، فكسبت ثنائية اللغة شهرة واسعة في مختلف أرجاء العالم. كما أنه تم إجراء دراسة تبين أن هناك شخص واحد من كل ثلاثة أشخاص يتحدث لغتين أو أكثر.
الانتشار الواسع لثنائية اللغة:
يعتبر الاتصال بين لغتين أمرًا معتادًا في العديد من القارات، بما في ذلك أوروبا (سويسراوبلجيكا) وآسيا (الهندوالفلبين) وأفريقيا (السنغالوجنوب إفريقيا) وأمريكا الشمالية (كندا). وفي الولايات المتحدة الأمريكية يعيش عدد كبير ومتزايد من ثنائيي اللغة في ولايات كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا ونيويورك وأريزونا ونيو مكسيكو.
وفي كاليفورنيا، على سبيل المثال بحلول عام 2035، من المتوقع أن يكون أكثر من 50٪ من الأطفال المسجلين في رياض الأطفال قد نشأوا وهم يتحدثون لغة أخرى غير اللغة الإنجليزية. وبالمثل في بعض المناطق الحضرية في كندا مثل تورنتو، فإن ما يصل إلى 50٪ من الطلاب لديهم لغة أصلية غير اللغة الإنجليزية، وذلك وفقًا لدراسة أجراها المجلس الكندي للتعلم في عام 2008.
الدراسات اللغوية في ثنائية اللغة:
على الرغم من انتشار ثنائية اللغة إلا أنه من المدهش إجراء القليل من الأبحاث حول هذا الموضوع، لا سيما حول أسس تعلم اللغة ثنائي اللغة عند الرضع والأطفال الصغار. حيث يعد علم ثنائية اللغة مجال حديث العهد ولم تتوفر بعد إجابات نهائية للعديد من الأسئلة. علاوة على ذلك، من المستحيل الإجابة على أسئلة أخرى بسبب الاختلافات الكبيرة بين العائلات والمجتمعات والثقافات.
ولكن مع تراكم الدراسات البحثية على مدى العقود القليلة الماضية أصبحنا مجهزين الآن للإجابة جزئيًا على بعض الأسئلة الأكثر إلحاحًا للوالدين حول ثنائية اللغة المبكرة، فهناك عدد قليل من الأماكن لتوصيل النتائج العلمية حول ثنائية اللغة المبكرة للجمهور. كما أن الهدف من ذلك هو استخلاص العلم ثنائي اللغة والتنموي في معلومات عملية يسهل الوصول إليها.
أهم الأسئلة المطروحة من قبل الأهل حول الأطفال ثنائي اللغة:
هل الأطفال ثنائيو اللغة مرتبكون؟
أحد أكبر مخاوف الآباء بشأن تربية الأطفال في منزل ثنائي اللغة هو أنها ستسبب لهم الارتباك، ولكن هل هناك أي دليل علمي على أن الصغار ثنائي اللغة مرتبكون؟ حيث يعد السؤال الأول الذي يجب طرحه هو كيف سيبدو هذا الارتباك، باستثناء حالة الاضطرابات العصبية، فيمكن للبالغين الذين يتحدثون لغتين بطلاقة التحدث بأي لغة يختارونها، ويعد هذا يدل على أنهم غير مرتبكين.
ولكن ماذا عن الأطفال والرضع ثنائيي اللغة؟ أحد السلوكيات التي يُساء فهمها، والذي غالبًا ما يُؤخذ كدليل على الارتباك هو عندما يخلط الأطفال ثنائيو اللغة كلمات من لغتين في نفس الجملة. حيث يُعرف هذا باسم خلط أو مزج اللغات، وفي الواقع يعد خلط اللغات جزءًا طبيعيًا من التطور ثنائي اللغة، ولدى الأطفال ثنائيي اللغة أسباب وجيهة لمزج اللغات وذلك اوغقًا لدراسة أجراها العالم اللغوي بيرسون في عام 2008.
حيث يعد أحد أسباب اختلاط اللغات لدى الأطفال هو أنه هذا شيء يحدث بشكل متكرر في مجتمعاتهم اللغوية، فالأطفال يفعلون فقط ما يسمعونه من الكبار من حولهم. كما يعد السبب الثاني هو أنه كما أنه من الممكن أن تكون محدود اللغة في استخدامك للغتك الأم فمن الممكن أيضًا أن يكون هناك محدودية لمواردك اللغوية في اللغة الثانية.
هل ثنائية اللغة تجعل الأطفال أكثر ذكاء؟
هناك كتب مشهورة مثل (The Bilingual Edge King & Mackey, 2009)، ومقالات مثل (The Power of the Bilingual Brain TIME Magazine Kluger, 2013)، التي تروج للفوائد المحتملة للثنائية اللغوية المبكرة. وغالبًا ما يتم اعتبار أحد أهم فوائد ثنائية اللغة المبكرة أن الأطفال ثنائي اللغة سيتعرفون على لغات متعددة، وهو أمر مهم للسفر والتوظيف والتحدث مع أفراد الأسرة الممتدة والحفاظ على الارتباط بثقافة الأسرة وتاريخها وتكوين صداقات من خلفيات مختلفة.
ومع ذلك وبعيدًا عن الفوائد اللغوية الواضحة، قام الباحثون بالتحقيق فيما إذا كانت ثنائية اللغة تمنح مزايا أخرى غير لغوية وهذا وفقًا لدراسة أجراها اللغويون (Akhtar & Menjivar) في عام 2012. كما اقترحت العديد من الدراسات أن ثنائيي اللغة يظهرون مزايا معينة عندما يتعلق الأمر بالفهم الاجتماعي. وفي بعض النواحي يجب على ثنائيي اللغة التنقل في عالم اجتماعي معقد يمتلك فيه الأشخاص المختلفون معارف لغوية مختلفة.
فعلى سبيل المثال، يبدو أن أطفال ما قبل المدرسة ثنائيي اللغة يتمتعون بمهارات أفضل إلى حد ما من أحاديي اللغة في فهم وجهات نظر وأفكار ورغبات ونوايا الآخرين. كما أن الأطفال الصغار ثنائيي اللغة لديهم حساسية معززة تجاه بعض سمات الاتصال مثل نبرة الصوت، ويُظهر ثنائيو اللغة أيضًا بعض المزايا المعرفية.
بالإضافة إلى ذلك يبدو أن ثنائيي اللغة يؤدون أداءً أفضل قليلاً من أحاديي اللغة في المهام التي تتضمن التبديل بين الأنشطة وتثبيط الاستجابات التي تم تعلمها سابقًا. وعلى الرغم من أن هذه المزايا قد تمت دراستها في الغالب عند البالغين ثنائيي اللغة، تشير أدلة جديدة إلى أن الأطفال ثنائيو اللغة الصغار تظهر لديهم مزايا معرفية. فيعد هذا كله على أن الأجادبة على السؤال أعلاه هو نعم، فالأطفال الذين يتحدثون أكثر من لغة يعتبرون أكثر ذكاء من غيرهم.
هل من الأفضل أن يتكلم الآباء لغة واحدة فقط مع طفل ثنائي اللغة؟
إحدى الاستراتيجيات الشائعة لتربية الأطفال ثنائيي اللغة هي “شخص واحد، لغة واحدة”، وهي استراتيجية أوصت بها اللغوية رونجات لأول مرة منذ أكثر من 100 عام. كما استنتج المنظرون في الأصل أن ربط كل لغة بشخص مختلف هو الطريقة الوحيدة لمنع الأطفال ثنائيي اللغة من “الارتباك والتعب الفكري”.
وبينما كانت هذه الفكرة جذابة نوعًا ما فقد ثبت أنها خاطئة. فكما نوقش أعلاه لا يوجد دليل على أن الأطفال ثنائيي اللغة مرتبكون بسبب ثنائية اللغة، كما أن الفوائد المعرفية المرتبطة بازدواجية اللغة تتعارض مع فكرة “التعب الفكري”. ولا يزال من المهم التفكير في الاستراتيجيات التي يمكن للعائلات استخدامها لتعزيز التطور ثنائي اللغة للأطفال.
ووفقًا للدراسات المذكورة أعلاه لا توجد قاعدة تدل على وجوب تحدث لغة واحدة فقط مع الأطفال ثنائي اللغة، فمن الممكن لشخص عربي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتحدث مع أطفاله باللغة العربية في أوقات محددة واللغة الإنجليزية في أوقات أخرى. ولكن بعض الدراسات تنصح بتحدث اللغة العربية في البيت؛ وذلك لأن الطفل سيكتسب اللغة الإنجليزية بالشكل المطلوب من البيئة المحيطة به عند ذهابه للمدرسة.
هل يجب على الآباء تجنب مزج اللغات مع أبنائهم؟
العديد من آباء الأطفال ثنائيي اللغة هم أنفسهم ثنائيو اللغة، فيعد مزج اللغات، أي استخدام عناصر من لغتين مختلفتين في نفس الجملة أو المحادثة، جزءًا طبيعيًا من كونك شخص ثنائي اللغة وتتفاعل مع متحدثين آخرين ثنائي اللغة. كما يعد مزج اللغات أمرًا متكررًا نسبيًا بين الآباء ثنائيي اللغة أيضًا وذلك وفقًا لدراسة اللغوي (Byers-Heinlein) التي أجراها في عام 2013.
ولكن ما هي تأثيرات خلط اللغات السمعية على نمو الأطفال ثنائي اللغة؟ لا يزال البحث حول تأثير خلط الشفرات على تنمية الأطفال ثنائيي اللغة محدودًا للغاية. حيث وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 شهرًا أن الكميات الكبيرة من مزج اللغات من قبل الوالدين كانت مرتبطة بقلة عدد المفردات في أحد اللغتين.
ولكن للأسف لا توجد أي دراسة حتى وقتنا هذا بينت الإجابة الدقيقة على هذا السؤال، فمازال البحث مستمر من علماء اللغة لمحاولة الإجابة على هذا السؤال.
هل تعلم اللغة في عمر صغير أفضل من تعلمها في عمر أكبر؟
كثير من الناس على دراية بمفهوم “الفترة الحرجة” لاكتساب اللغة، وهي فكرة أن البشر غير قادرين على إتقان لغة جديدة بعد بلوغ سن معينة. كما يختلف الباحثون حول ما إذا كانت هناك حقًا فترة حرجة، ويختلفون حول موعد حدوث هذه الفترة الحرجة، فتتراوح المقترحات على هذه الفترة أنها من (5 إلى 15) عامًا. وبغض النظر عن هذه الاختلافات فإن البحث حول ثنائية اللغة وتعلم اللغة الثانية يتقاربان بقوة في نقطة بسيطة يمكن أخذها بعين الاعتبار، وهي أنه من الأفضل تعلم اللغة بوقت مبكر.
كما أن هناك الكثير من الدراسات تشير أن الطفل لديه قدرة على تعلم أكثر من خمسة لغات قبل بلوغه سن السادسة، وهذا خير دليل على إن تعلم اللغة في سن مبكر أفضل بكثير من تعملها في سن متأخر.