تدني التحصيل المدرسي حول الموهبة والتفوق

اقرأ في هذا المقال


تدني التحصيل المدرسي حول الموهبة والتفوق:

تشير بعض الكتابات المتداولة على نطاق واسع وبصورة خاصة ما يتصل منها بمرحلة الطفولة في حياة الموهوبين والمتفوقين إلى اعتقاد بعض الباحثين والممربيين وغيرهم، بأن الموهوبين والمتفوقين الذين برزوا في مرحلة الرشد كانوا في طفولتهم من ذوي التحصيل المدرسي المتوسط أو الضعيف يشير (ليون) إلى أن السجلات المدرسية لكثير من الموهوبين والمتفوقين المشهورين تكشف عن مستويات لا تعكس قدراتهم كما ظهرت في مرحلة الرشد.
فالشاعر (شيلي) طرد من جامعة أكسفورد بعد سنة من التحاقة بها، أما المخترع الأمريكي (توماس أديسون) فكان مستوى تحصيله يعتبر دون الوسط، كما أن الكاتب (فرانسيس) كان طالباً ضعيفاً ومعدل درجاته دون الوسط كذلك كان صاحب النظرية النسبية (البرت آينشتاين) يظهر الضجر من دروس قواعد اللغة ويعاني من مشكلات مع زملائه في المدرسة.
وساد الاعتقاد لدى بعض المجتمع البريطاني بأن الزعيم البريطاني (ونستون تشرشل) كان طالباً ضعيف التحصيل في طفولته، وفي السياق نفسه أظهروا أحياناً عدم دافعية نحو التعلم المدرسي وكان مستوى تقديراتهم في حدود الوسط، وأضاف بأن معلم (توماس أديسون) كان يعتقد بأنه مشوش عقلياً مما اضطرت أمه لسحبه من المدرسة، وأن عالم الرياضيات والصواريخ (نوربرت ويتنر) كان قد أخفق في اجتياز مقررات الرياضيات والفيزياء في المدرسة الثانوية.
وأيضاً العالم (إسحق نيوتن) كأحد أولئك الذين لم يظهروا تحصيلاً متميزاً في طفولتهم المبكرة وأن أمه أخرجته من المدرسة بعد أن شكا معلموه قله اهتمامه بما يقولون، وتوقعت له أن يكون ملاحاً أو نجاراً لما أظهره من براعة فائقة في استخدام يديه.
والحقيقة أن هذه البيانات وغيرها عندما تخضع للفحص الموضعي التام يسهل انتقادها، وبالتالي يسقط الادعاء الذي تستند إلية، لقد ظهر في عام (1975) أن قصة ضعف (تشرشيل) في طفولته محض افتراء؛ لأنه كان خلال الفترة من (1884) إلى (1888) طالباً في مدرسة ووجد تقارير ورسائل قديمة تؤكد أن (تشرشل) كان لامعاً في صغره وعلق مدير المدرسة لتشرشل (بارتلت) على القصة الشائعة بقوله ربما كان مسلياً.
(لونستون) في سنوات حياته الأخيرة أن يتظاهر بأنه كان دائماً في المؤخرة بالنسبة لطلبة صفه ولكن ذلك بالتأكيد لم يكن صحيحاً، وأضاف قائلاً إن سجلاتنا المعاصرة لتلك الفترة تظهر أنه كان جاداً ويمتلك قدرة حقيقة وفي سنته الأخيرة كان ترتيبه الأول في كل الموضوعات باستثناء مادة الجغرافيا حيث كان ترتيبه الثاني.
وبالتالي يتضح أن البيانات المتاحة عن سير حياة هؤلاء وغيرهم لا تدعم بأي شكل من الأشكال محاولات وصف الموهوبين والمتفوقين بضعف التحصيل المدرسي في مرحلة الطفولة، بل إن هناك تناقضاً واضحاً أحياناً فيما يكتبه بعض الباحثين حول هذا الموضوع، وقد يكون من المفيد في هذا المجال أن المدرسة كانت هي التي فشلت في الوصول إلى الموهوب والمتفوق الذين نجح في التوصل إلى إنجازات متميزة في مراحل لاحقة من حياتهم.
ويقول (فيرنون ورفاقه) أن العباقرة أمثال (دارون وتشرشل) يبعدون كل البعد عن أن يكونوا موهوبين في المدرسة ولكنهم عندما يتعرضون لسمات الموهوبين والمتفوقين في المدرسة ويقولون بأنه يمكن التعرف على سماتهم بسهولة في السنوات الأولى من دراستهم، فهم يتعلمون بسهولة ويظهرون تحدياً للمهام التي يؤدونها ولديهم سرعة عالية في الاستيعاب ويحتاجون لشرح أقل للموضوعات والمهارات الجديدة ويظهرون رغبة عفوية لمعرفة كل أنواع المسائل والاستكشاف والأطلاع ويوصفون بأنهم مغرمون بالقراءة.
وققرر (كيرك وجلجار) في جميع المجتمعات وجميع الأوقات هناك أطفال يتعلمون بشكل أسرع ويتذكرون أكثر ويحلون المشكلات بشكل أكثر فاعلية من غيرهم، ويمكن وصفهم بحسب المصطلحات المعاصرة بالموهوبين والمتفوقين، وإذا كان الأمرعلى هذا النحو فكيف تنسجم صفات مثل سرعة الفهم وسهوله وسرعة الاستيعاب والتذكر والميل الشديد لقراءة الكتب وغيرها مع ضعف التحصيل المدرسي.
وهل يجوز اعتبار شواهد محدودة وضعيفة مبرراً كافياً للتعميم إن تدني مستوى التحصيل إذا ثبت بالنسبة لبعض الموهوبين والمتفوقين ولا سيما في مرحلة الطفولة، ليس إلا عرضاً تكمن وراءه أسباب من أهمها فقدان الدافعية للتعلم المدرسي لسبب أو لآخر.
أما الأصل والأهم فهو عكس ذلك تماماً حيث وجد أن معظم الموهوبين والمتفوقين يحبون المدرسة ويقبلون عليها برغبة قوية، وأخيراً لا بد من الإشارة إلى القاعدة العامة التي تنص على أن الإمكانية لتحقيق إنجازات عظيمة في مرحلة الرشد تكشف عن نفسها في مرحلة مبكرة.


شارك المقالة: